شكل رحيل المذيعة الكبيرة ليلى رستم عن عمر ناهز 87 سنة، صدمة كبيرة في الوسط الإعلامي المصري والعربي، فعلى رغم انقطاعها عن العمل الإعلامي منذ أعوام طويلة فإنها تربعت على عرش تقديم البرامج بتاريخ كبير لا ينساه الجمهور الذي لقبها بأيقونة الإعلام العربي.

اعتبر كثيرون ليلى رستم حالاً فريدة من نوعها في عالم البرامج التلفزيونية، فناً وسياسة ومنوعات، كما أجادت عدداً من اللغات الأجنبية منها الإنجليزية والفرنسية، فعملت قارئة نشرة لفترة من الزمن باللغات الأجنبية، وعرفها الجمهور في بداية الستينيات كمذيعة ربط تتميز بالثقافة والجمال والحضور.

ولدت ليلى رستم في القاهرة لعائلة أرستقراطية، وهي ابنة شقيق الممثل المصري الكبير زكي رستم الذي حصل على البكاوية والباشاوية ولقب بزكي باشا رستم، وكان والدها مهندساً حصل على لقب بك أيضاً ويدعى عبدالحميد، وكانت لها ميول واضحة نحو الثقافة والفنون والآداب، وانتقلت وأسرتها إلى محافظة الإسكندرية بسبب ظروف عمل والدها هناك.

في عيد الثورة

درست ليلى رستم في الجامعة الأميركية بمصر، ثم أكملت دراستها في الولايات المتحدة الأميركية، وحصلت على ماجستير في الصحافة من جامعة “نورث وسترن” الأميركية، وكانت بدايتها كمذيعة في البرنامج الأوروبي بالإذاعة المصرية، ثم انتقلت إلى التلفزيون بعد ستة أشهر من ذلك، وتحديداً في الـ23 من يوليو (تموز) عام 1960 في عيد الثورة المصرية، ولفتت النظر إليها منذ بدايتها على رغم أنها كانت ترغب في العمل كممثلة أسوة بعمها، ومثلت بالفعل على المسرح الجامعي، لكن عائلتها قابلت هذه الرغبة بالرفض القاطع فتحولت إلى دراسة الصحافة والإعلام، وقدمت على مدار حياتها عدداً من البرامج ربما تعويضاً عن شغفها بالتمثيل.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

قدمت ليلى عدداً من البرامج المهمة التي حاورت فيها كبار المشاهير والشخصيات العامة والنجوم، لدرجة أنهم لقبوها في التلفزيون بـ”صائدة النجوم”، و”سيدة ماسبيرو الأولى”، و”الأيقونة”، ومن أشهر برامجها “الغرفة المضيئة”، و”نافذة على العالم”، لكن كان “نجمك المفضل” هو أبرز ما قدمته على الشاشة، حيث حاورت ما يزيد على 150 ضيفاً من أشهر الشخصيات، مثل عبدالحليم حافظ وفاتن حمامة وعمر الشريف وأحمد رمزي والموسيقار محمد عبدالوهاب وطه حسين وإحسان عبدالقدوس ويوسف السباعي وعلي أمين والملاكم العالمي محمد علي كلاي.

وكانت ليلى تتمتع بخفة ظل إضافة إلى ثقافتها الرفيعة، وشاع خبر انفصالها عن زوجها حاتم الكرداني عندما استضافت النجم الراحل أحمد رمزي وداعبته بكلمة اعتبرها البعض غزلاً وهي “يا أختي عليه”، وتردد أن هذه الحلقة تسببت أيضاً بإيقافها عن العمل، وعلى رغم انتشار الإشاعة لكن ابنتها نفت صحتها، وقالت إن الطلاق وقع بالفعل بين والديها ولكن بعد هذه الحلقة بأكثر من خمسة أعوام.

الآنسة عصمت

ولا ينسى الجمهور واقعة “الآنسة عصمت” التي كان بطلها العندليب الأسمر عبدالحليم حافظ الذي استضافته، حينها أرسل شخص من بين الجمهور يدعى عصمت ورقة تتضمن سؤالاً للضيف فطلبت منه الحضور لإلقاء السؤال بنفسه وقد ظنته سيدة قائلة “فلتتفضل الآنسة عصمت بسؤالها”، لكنها فوجئت أنه رجل، وهنا ضج الجميع بالضحك، واستمر البرنامج لمدة ثلاثة أعوام محققاً أعلى نسب مشاهدة، ونجاحاً جماهيرياً ونقدياً.

عملت ليلى رستم في التلفزيون المصري لمدة سبعة أعوام وأنهت عملها به عام 1967، حين قرر زوجها رجل الأعمال أن يهاجر إلى لبنان فتركت عملها لمرافقته هي وأولادهما، وعاشت هناك فترة طويلة.

ثم عادت إلى مصر عام 1980 وقدمت برنامج “قمم”، واستضافت فيه رموز المجتمع المصري ومن بينهم مصطفى محمود ويوسف وهبي، وعلى مدى 20 عاماً كتبت ليلى رستم في صحيفة “الهيرالد تريبيون”، كما عملت مراسلة لمجلة “الحوادث” في تغطية أحداث الحرب الأهلية اللبنانية.

تم تكريم رستم من قبل الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة ورئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، خلال الدورة الـ11 لـ”منتدى دبي للإعلام” عام 2012.

ومن أصعب المواقف التي أثرت فيها رحيل شقيقها في حادثة طائرة سقطت في بومباي، وفقدانها صديقتها المقربة المذيعة سلوى حجازي في حادثة تفجير طائرة مصرية أيضاً.

ورحلت ليلى رستم عن عالمنا منذ أيام في التاسع من يناير (كانون الثاني) الجاري بعد صراع مع المرض، وشيعت جنازتها من مسجد مصطفى محمود بحي المهندسين في محافظة الجيزة.

نقلاً عن : اندبندنت عربية