قالت مصادر شبه عسكرية وسياسيون داعمون للحكومة الموازية التي تعمل قوات “الدعم السريع” على تشكيلها في السودان، لوكالة “رويترز”، إن هذه الحكومة تهدف إلى انتزاع الشرعية الدبلوماسية من منافستها التي يقودها الجيش، فضلاً عن تسهيل الحصول على أسلحة متطورة.

وقد يؤدي هذا التحرك إلى إطالة أمد الحرب المدمرة، التي فقدت فيها “الدعم السريع” شبه العسكرية السيطرة على أراض خلال الفترة الماضية، والتي أدت إلى التقسيم الفعلي لثالث أكبر دولة في أفريقيا من جهة المساحة.

وحافظت الحكومة التي يقودها الجيش على اعتراف دولي كبير منذ اندلاع الصراع بينه وبين قوات “الدعم السريع” في أبريل (نيسان) 2023 على رغم اضطرارها للانتقال إلى بورتسودان على البحر الأحمر بسبب القتال.

لكن في محاولة لتحدي هذا الوضع، وقعت قوات “الدعم السريع” السبت الماضي ميثاقاً سياسياً في كينيا مع أحزاب سياسية وفصائل مسلحة، وقال الموقعون على الميثاق إن “حكومة السلام والوحدة” ستتشكل في غضون أسابيع من داخل السودان.

 

انتزاع الشرعية

قال سياسيون ومسؤولون من قوات “الدعم السريع” شاركوا في المحادثات التي جرت في العاصمة الكينية نيروبي الأسبوع الماضي، إن حكومتهم ستنتزع الشرعية من جيش، قالوا إنه لجأ إلى أساليب انقسامية، مثل شن غارات جوية وعرقلة توصيل المساعدات ورفض محادثات السلام.

وقال الهادي إدريس، قائد فصيل مسلح يدعم الحكومة الموازية “نحن لسنا حكومة موازية أو حكومة منفى، نحن الحكومة الشرعية”.

وذكر السياسي إبراهيم الميرغني، أحد المؤيدين للحكومة المزمعة، أن هذه الحكومة ستلجأ إلى الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات لمنع انخراط الجيش، وقال “الحكومة الجديدة ستطالب بمقعد السودان في الأمم المتحدة وفي كل المنظمات الدولية وسنطالب بتسلم كل سفارات السودان في الخارج”، وأضاف “إذا أمنت بلدك وتوقف نزيف الدم والنزوح واللجوء والإرهاب ووقفت الجماعات الإرهابية ستعترف بك دول الجوار”.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

الدعم العسكري

تحظى الحكومة في بورتسودان بدعم من دول خارجية كذلك تحتفظ بعضوية البلاد في هيئات دولية على رغم تعليق الاتحاد الأفريقي عضويتها منذ أن قاد الجيش و”الدعم السريع” انقلاباً مشتركاً عام 2021.

وقال الباحث الزائر في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، يوناس هورنر، إن الدول الأجنبية تنظر إلى الحكومة الموازية باعتبارها محاولة من “الدعم السريع” للسيطرة على تدفق المساعدات الإنسانية، والوصول إلى أسواق الأسلحة، واكتساب قوة في أي مفاوضات سلام مستقبلية.

وتدفق الدعم العسكري على “الدعم السريع” بمعدات تضمنت طائرات مسيرة ودفاعات جوية، مع حصول الجانبين على أسلحة أكثر تقدماً من الخارج.

وقال إدريس إن الفصائل المسلحة لا تزود بأسلحة متطورة على عكس الحكومات، وأضاف أن الأولوية بالنسبة إليهم هي السلام لكن يتعين على “الحكومة” الدفاع عن مواطنيها ومن حقها الحصول على طائرات وأنظمة دفاع.

ورداً على طلب للتعليق، نفت قوات “الدعم السريع” أن يكون سبب رغبتها في تشكيل حكومة هو استيراد أسلحة، لكنها قالت إنها ستتمتع بسلطة القيام بذلك دفاعاً عن شعبها.

وندد الجيش، الذي ينفي عرقلة المساعدات أو استهداف المدنيين، بهذا التحرك ووصفه بأنه محاولة من “الدعم السريع” لتوسيع دائرة الحرب في وقت تخسر فيه أمامه.

وعبر مكتب الأمين العام للأمم المتحدة عن قلقه وشدد على “وحدة السودان وسيادته وسلامة أراضيه”، كذلك قالت الولايات المتحدة إن ذلك “لا يساعد قضية السلام والأمن في السودان”.

وفرضت الولايات المتحدة عقوبات على قادة من الجيش وقوات “الدعم السريع” على خلفية الحرب التي أدت إلى موجات من القتل على أساس عرقي وشردت أكثر من 12 مليون شخص وتسببت في تفشي الجوع والأمراض في البلاد.

 

السودان الجديد

نجح الجيش، الذي كان يواجه صعوبات من الناحية العسكرية في السابق، في طرد قوات “الدعم السريع” من مناطق كثيرة من العاصمة ووسط السودان في الشهور القليلة الماضية. وتحتفظ “الدعم السريع” بالسيطرة على معظم منطقة دارفور وتخوض معارك مع الجيش للسيطرة على الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور.

كذلك تسيطر على ولاية غرب كردفان فيما يخضع معظم ولاية جنوب كردفان لسيطرة “الحركة الشعبية لتحرير السودان-شمال” بقيادة عبدالعزيز الحلو، وهي أكبر جماعة مسلحة تتحالف مع “الدعم السريع” المتهمة بارتكاب انتهاكات في المناطق الخاضعة لسيطرتها.

وشكل هذا التحالف مفاجأة للمراقبين، لكن هدف “الحركة الشعبية لتحرير السودان-شمال”، المتمثل في إقامة دولة علمانية تعددية، منصوص عليه بشكل أساس في الميثاق الذي يتحدث عن “سودان جديد” اتحادي.

وقال زعماء الحركة لـ”رويترز” إن التحالف هو طريق للسلام بعد هجمات قبلية استمرت عقوداً، ويسمح لهم بمواجهة خصوم أيديولوجيين في الجيش إذ يتمتع الإسلاميون بنفوذ منذ فترة طويلة.

وأضافوا، شريطة عدم الكشف عن هوياتهم، أن التحالف سيتيح إمكان الوصول إلى الأموال والمساعدات الضرورية وإعادة التزود بالأسلحة.

نقلاً عن : اندبندنت عربية