اعتمد مجلس الأمن الدولي الإثنين بتأييد روسيا مشروع قرار أميركي يدعو إلى إرساء سلام في أوكرانيا في أسرع وقت ممكن، لكن من دون أن يتضمن أي إشارة إلى وحدة أراضي هذا البلد، على رغم من تحفظات حلفاء كييف الأوروبيين.

والقرار الذي “يحض على إنهاء النزاع في أقرب وقت ممكن ويدعو إلى سلام دائم”، حصل على تأييد 10 أعضاء، بمن فيهم روسيا، وامتناع الأعضاء الخمسة الباقين عن التصويت وهم فرنسا وبريطانيا وسلوفينيا واليونان والدنمارك.

ووصفت السفيرة الأميركية في الأمم المتحدة بالوكالة دوروثي شيا القرار بأنه “اتفاق تاريخي”.

وقالت السفيرة “ندعو كل الدول الأعضاء للانضمام إلى الولايات المتحدة في الدفع نحو تحقيق سلام دائم (…) ونحن فخورون بأن مجلس الأمن قد فعل ذلك للتو، من خلال اعتماد اتفاق تاريخي، يمثل إنجازاً كبيراً، هو الأول منذ ثلاث سنوات” حين بدأ الهجوم الروسي لأوكرانيا.

حل النزاعات سلمياً

ينعى القرار المقتضب الأرواح التي فُقدت في “الصراع الروسي الأوكراني”، ويؤكد أن هدف الأمم المتحدة هو الحفاظ على السلام والأمن الدوليين وحل النزاعات سلمياً، ويحث على إنهاء الصراع سريعاً وتحقيق السلام الدائم.

ودفعت جهود الوساطة التي يبذلها الرئيس الأميركي دونالد ترمب الحلفاء الأوروبيين وأوكرانيا إلى الحذر حيال تركيزه على روسيا والقلق من إمكانية استبعادهم من محادثات السلام.

وقالت السفيرة البريطانية لدى الأمم المتحدة باربرا وودوارد للمجلس إن شروط السلام في أوكرانيا مهمة ويجب أن “تبعث برسالة مفادها أن العدوان لا يجدي نفعاً”.

وأضافت “لهذا السبب لا يمكن أن تكون هناك مساواة بين روسيا وأوكرانيا في كيفية إشارة هذا المجلس إلى هذه الحرب. وإذا كنا نريد أن نجد طريقاً إلى السلام المستدام، فيتعين على المجلس أن يكون واضحاً بشأن أسباب نشوب الحرب”.

 

ماكرون: التوصل لهدنة في أوكرانيا ممكن

أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الإثنين أنه من الممكن التوصل إلى “هدنة” في أوكرانيا “في الأسابيع المقبلة”.

وقال ماكرون في مقابلة مع شبكة “فوكس نيوز” الإخبارية بعدما عقد مع نظيره الأميركي في البيت الأبيض اجتماعاً خصص في جزئه الأكبر لبحث الحرب في أوكرانيا “أولاً نحن بحاجة إلى هدنة. أعتقد أنه يمكن التوصل إليها في الأسابيع المقبلة”.

من جانب آخر،  اعتبر ماكرون أن الولايات المتحدة لا يمكنها أن تخوض في آن معاً حرباً تجارية مع كل من الصين وأوروبا، في إشارة إلى التهديدات التي أطلقها نظيره الأميركي بفرض رسوم جمركية شاملة. وقال في المقابلة “لا يمكنك أن تخوض حرباً تجارية مع الصين وأوروبا في آن معاً”.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

بوتين: الأوروبيون يمكن أن يشاركوا في المحادثات

من جانبه، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الإثنين إنه بإمكان الأوروبيين، إضافة إلى أطراف أخرى، أن “يشاركوا” في عملية حل النزاع في أوكرانيا، في وقت يخشى فيه الاتحاد الأوروبي من تهميشه منذ بدأت محادثات مباشرة بين موسكو وواشنطن.

وفي مقابلة نقلها التلفزيون الروسي الرسمي، أعرب بوتين عن توافقه مع الرئيس الأميركي على العديد من النقاط، لكنه قال إن الدول الأوروبية يمكن أن تلعب أيضاً دوراً بإنهاء القتال في أوكرانيا.

وقال بوتين رداً على سؤال حول رأيه في إصرار الدول الأوروبية على الحصول على دور في المحادثات بشأن أوكرانيا “لا أرى أي خطأ في هذا”. وأضاف “يمكن للأوروبيين، وأيضاً لدول أخرى، المشاركة ولديهم الحق في ذلك”.

 

وأضاف “حسناً، ربما لا يستطيع أحد أن يطالب بأي شيء هنا، وخاصة من روسيا”. وتابع “لكن مشاركتهم في عملية المحادثات مطلوبة”، متهماً الدول الأوروبية بأنها “رفضت بنفسها التواصل معنا”، وبأنها تريد لأوكرانيا الانتصار في ساحة المعركة.

وأردف “إذا أرادوا العودة فمرحباً بهم”، متابعاً “في هذه الحالة، بطبيعة الحال، نحن لا نرفض مشاركة بلداننا الأوروبية”.

وقال بوتين، مع ذلك، إن روسيا تحترم أيضاً آراء “أصدقائنا في مجموعة البريكس”، التكتل الذي يضم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا وغيرها من الاقتصادات الناشئة.

وأضاف “نحن ممتنون لجميع شركائنا الذين يطرحون هذه الأسئلة، ويسعون إلى تحقيق السلام. ولهذا السبب أقول ليس الأوروبيين فقط، بل دول أخرى لها الحق بالمشاركة، ونحن ننظر إلى هذا الأمر بهدوء”.

وقال بوتين إنه في المحادثة الهاتفية الأخيرة مع ترمب وفي اجتماع الرياض “تم التطرق إلى المشاكل المتعلقة بالأزمة الأوكرانية”. وأضاف “لكن لم تتم مناقشة هذا الأمر من حيث الجوهر. لقد اتفقنا فقط على أننا سنتعامل مع هذا الأمر”.

“شخصية سامة”

وسخر بوتين من نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بعد أن زعم ترمب أنه غير محبوب و”ديكتاتور”. واعتبر بوتين أن زيلينسكي أصبح “شخصية سامة”، واتهمه بـ”إصدار أوامر سخيفة” لجيشه وبأنه “عامل في انهيار الجيش والمجتمع والدولة”.

وقال بوتين إن القائد العسكري الأوكراني السابق فاليري زالوجني الذي يشغل الآن منصب سفير كييف في لندن، يتمتع بتأييد أعلى بكثير من زيلينسكي، واصفاً إياه بأنه “منافس محتمل”.

كما أيد اقتراح ترمب بأن تقوم روسيا والولايات المتحدة والصين بخفض ميزانياتها العسكرية إلى النصف. وقال بوتين “أعتقد أنها فكرة جيدة. ستخفض الولايات المتحدة الإنتاج بنسبة 50 في المئة وسنخفض الإنتاج بنسبة 50 في المئة ثم تنضم الصين إذا أرادت”.

صفقة المعادن

من جانب آخر، أعلن بوتين أنه يؤيد استثمارات أميركية لاستغلال المعادن الاستراتيجية الموجودة في الأراضي الأوكرانية التي يسيطر عليها الجيش الروسي.

وقال في المقابلة التي نقلها التلفزيون الروسي “نحن مستعدون لجذب شركاء أجانب إلى أراضينا التاريخية الجديدة التي أعيدت إلى روسيا. هناك بعض التحفظات. نحن مستعدون للعمل مع شركائنا، بمن فيهم الأميركيون، في المناطق الجديدة”.

ويسعى ترمب إلى دفع أوكرانيا للتوقيع على اتفاق يمنح بلده حق الوصول إلى احتياطياتها من المعادن الثمينة.

وأضاف بوتين خلال المقابلة بعد استدعاء حكومته لاجتماع بشأن موارد البلاد من المعادن النادرة ذات الأهمية الاستراتيجية، أن روسيا رائدة في العالم من حيث الاحتياطيات، وتملك احتياطيات أكبر بكثير من تلك الموجودة في أوكرانيا ويجب أن تستغلها أكثر.

وأكد “سنعمل بكل سرور مع أي شركاء أجانب بمن في ذلك الأميركيين”، معدداً مناطق مختلفة بينها سيبيريا والشرق الأقصى في روسيا حيث توجد هذه العناصر النادرة.

وتابع بوتين “نحن مستعدون أيضاً لجذب شركاء أجانب إلى ما يسمى بأراضينا الجديدة (…) أراضينا التاريخية التي عادت لتكون جزءاً من روسيا”، في إشارة إلى المناطق التي سيطرت عليها روسيا في أوكرانيا من خلال هجومها العسكري.

وقال “هناك أيضاً بعض الاحتياطيات هناك. نحن مستعدون للعمل مع شركائنا، بما في ذلك الأميركيين، في مناطقنا الجديدة أيضاً”. وكشف أنه يستطيع تأكيد أن الشركات الأميركية والروسية “على اتصال” وتناقش مشاريع اقتصادية مشتركة مرتبطة بحل النزاع في أوكرانيا.

نقلاً عن : اندبندنت عربية