في إطار فعاليات الدورة الـ56 لمعرض القاهرة الدولي للكتاب، استضافت القاعة الرئيسية لقاءً خاصًا مع الفنان محمود حميدة، حيث تناول العلاقة بين الفن والمجتمع. أدار اللقاء الشاعر إبراهيم داود، الذي بدأ حديثه بالإشادة بمحمود حميدة، معتبرًا إياه ليس فقط ممثلًا بارعًا، بل صاحب مشروع ثقافي متكامل، يسعى من خلاله لإحياء إرث كبار الأدباء والمفكرين مثل فؤاد حداد ويحيى حقي.
القراءة مفتاح الفهم والإبداع
تحدث حميدة عن شغفه المبكر بالتمثيل الذي بدأ منذ سن الخامسة، مشيرًا إلى أن هدفه الأول كان إسعاد الجمهور، لكن مع مرور الوقت، أدرك أن التسلية الحقيقية تتطلب فهمًا أعمق للمجتمع. هذا الوعي قاده إلى عالم القراءة، حيث وجد في الكتب وسيلة للتعرف على العقول التي تشكل الفكر العام. وأشار حميدة إلى أنه كان يتخيل ملامح وصوت كل كاتب يقرأ له، قائلاً: “عندما قرأت للعقاد، كنت أستحضر صورته وصوته وأشعر وكأنني أتحاور معه.”
وأضاف حميدة أن اهتمامه بالفكر جاء من رغبته في فهم جمهوره بشكل أفضل، مستشهدًا بحوار مع المفكر الدكتور علي حرب الذي سأله عن سبب اهتمامه بالفكر، فأجاب حميدة: “لكي أعرف كيف أسلّي الناس، لأن الممثل لا يستطيع أن يرفه عن الجمهور دون أن يفهمهم.”
قضايا تؤثر في تقدم المجتمع
سلط حميدة الضوء على مشكلتين أساسيتين يرى أنهما تعيقان تقدم المجتمع، وهما:
- عدم إعمال العقل
- رفض الآخر
وأكّد على ضرورة تجاوز هذه المشكلات من خلال تعليم الأطفال القيم الإنسانية المشتركة بين الأديان. كما اقترح إنشاء أرشيف سينمائي يديره مؤسسات رسمية بدلًا من الأفراد، مشيرًا إلى أن إسرائيل رغم ضعف صناعة السينما لديها، تمتلك أرشيفًا سينمائيًا متكاملًا، في حين أن مصر تمتلك أكثر من 4000 فيلم، نصفها غير موثق أو مجهول.
فؤاد حداد: شاعر العامية وصوت الثقافة
تحدث حميدة عن حبه للشاعر فؤاد حداد، الذي تعرّف عليه عبر الكاتب خيري شلبي، وأشار إلى أن حداد كان شاعرًا غزير الإنتاج، ليس فقط في الشعر العامي ولكن أيضًا في الشعر الفصيح. واصفًا إياه بمبدع يتفوق على معاصريه في العديد من جوانب الأدب.
كما تحدث عن يحيى حقي، الذي وصفه بالشخصية الاستثنائية، مؤكدًا دوره الكبير في إدارة المؤسسات الثقافية في مصر، مشيرًا إلى أنه لم يكن ثروت عكاشة فقط من كان يتولى هذا المسؤولية.
الرفض لمصطلح “القوة الناعمة”
أبدى حميدة تحفظه على مصطلح “القوة الناعمة”، معتبرًا إياه مصطلحًا فيزيائيًا لا يعبر عن تأثير الفن. بدلاً من ذلك، يفضل تسميتها “أشرس قوة مسالمة”، لأنها تمتلك القدرة على التأثير الكامل في المتلقي، وهو ما اعتبره ذروة الشراسة في التأثير الثقافي.
الإشادة بالتطور الفني في السعودية
في ختام اللقاء، أثنى حميدة على التطور الفني في المملكة العربية السعودية، مؤكدًا أن الاستعانة بالفنانين المصريين في الأعمال السعودية تعكس قوة الروابط الثقافية بين البلدين. ورغم انتقاد البعض للتوسع الفني السعودي، رفض حميدة اعتبار هذا التوسع سحبًا للبساط من تحت الفنانين المصريين، معتبرًا أن نجاح أي بلد عربي في المجال الفني هو مكسب للجميع.