أكدت منظمة العمل الدولية أن التكنولوجيا الرقمية أحدثت تحولاً جذرياً في طبيعة العمل خلال السنوات الماضية، ومن المتوقع أن يستمر تأثيرها المتنامي في المستقبل القريب.

وأشار تقرير المنظمة إلى أن الرقمنة أثرت على عدة جوانب، بدءاً من خلق وظائف ومهن جديدة، وانقراض أخرى تقليدية، وصولاً إلى تحسين الإنتاجية وجودة العمل في بعض القطاعات، بينما شهدت قطاعات أخرى تراجعاً.

دور الرقمنة في تحسين ظروف العمل

وشددت المنظمة على أهمية السياسات التوظيفية في تعظيم الفوائد وتقليل الأضرار، عبر دعم خلق فرص العمل، وتعزيز الإنتاجية، وتحسين ظروف العمل.

ولفتت إلى أن الرقمنة ساهمت في تحسين بيئة العمل من خلال رفع مستويات الإنتاج والدخل، عبر توفير أدوات رقمية تسهل وتسّرع أداء المهام.

لكن التحول الرقمي لا يخلو من تحديات؛ فغياب البنية التحتية المناسبة أو نقص المعدات والمهارات الرقمية يحرم فئات واسعة من الاستفادة من هذه التحولات، خصوصاً الفئات المهمشة التي تعاني من فجوات في الوصول إلى التكنولوجيا والمعرفة.

وأشار التقرير إلى احتمال أن تؤدي التقنيات المتقدمة، مثل الروبوتات والذكاء الاصطناعي، إلى إحلال بعض الوظائف، خاصة في مجالات الدعم الإداري، مما قد يحدث تأثيرات كبيرة على هذه الفئة من العمال.

كما ساعدت الرقمنة على بروز منصات رقمية لبيع وشراء الخدمات والسلع، مما عزز اقتصاد العمل الحر. ورغم مرونة هذه المنصات واستقلالية العاملين فيها، إلا أنها غالباً ما ترتبط بمخاطر مثل انعدام الاستقرار الوظيفي وتقلب الدخل.

وأظهرت أبحاث المنظمة محدودية الأدلة على مساهمة الرقمنة الفعلية في التنمية الاقتصادية أو الهيكلية، لا سيما في السياقات المحلية، وقد تزيد الرقمنة من التحديات، خصوصاً في الاقتصادات غير الرسمية.

حتى العمال ذوو المهارات العالية لا يعفون من التأثيرات السلبية للتحول الرقمي، إذ لا يكفي التقدم التكنولوجي وحده لتحفيز التنمية دون وجود عوامل اجتماعية واقتصادية ومؤسسية داعمة.

وبناءً عليه، تثار تساؤلات حول قدرة الرقمنة في ظل ضعف القدرات المؤسسية واتساع فجوات عدم المساواة، كما في العديد من الدول النامية، على دعم الاقتصاد المحلي وتحقيق تنمية عادلة وشاملة، حيث يتوقف الجواب على وجود سياسات عامة موجهة تضمن توجيه التحول الرقمي لخدمة أهداف التنمية المستدامة.