في ليلة درامية جديدة باستاد لويس كومبانيس الأولمبي “مونتغويك”، الملعب الموقت لفريق برشلونة الإسباني لكرة القدم، أرسل العملاق الكتالوني مزيداً من الإشارات المختلطة حول قوته الفعلية وقدرته على إنهاء الموسم الحالي بالتتويج بالرباعية التاريخية أو خسارة كل شيء متبق، والاكتفاء بلقب وحيد لكأس السوبر الإسبانية التي حققها على حساب غريمه الأكبر ريال مدريد.
خلال أول ست دقائق من مباراة برشلونة وضيفه أتلتيكو مدريد في ذهاب نصف نهائي كأس ملك إسبانيا أمس الثلاثاء، اهتزت شباك برشلونة مرتين بهدف جوليان ألفاريز خلال الدقيقة الأولى ثم هدف أنطوان غريزمان خلال الدقيقة السادسة، ليبدو أن فريق “لوس روخيبلانكوس” حسم المهمة مبكراً لكن سرعان ما تحركت الآلة الهجومية الفتاكة لبرشلونة ليسجل ثلاثة أهداف قبل نهاية الشوط الأول، عبر بيدري (الدقيقة الـ19) وباو كوبارسي (الدقيقة الـ21) وإينيغو مارتينيز (الدقيقة الـ41)، ثم أضاف البديل روبرت ليفاندوفسكي الهدف الرابع خلال الشوط الثاني (الدقيقة الـ74)، لتنقلب الموازين لمصلحة برشلونة الذي كاد ينهي المباراة لصالحه ويضع قدماً في نهائي مسابقة الكأس، لكن الدقائق الست الأخيرة ومنها الوقت المحتسب بدل الضائع شهدت تسجيل هدفين لأتلتيكو مدريد من طريق ماركوس يورينتي (الدقيقة الـ84) وألكساندر سورلوث خلال الدقيقة الثالثة بعد الـ90، لتنتهي المباراة بالتعادل بنتيجة (4 – 4)، وتصبح مهمة برشلونة أكثر صعوبة في مباراة الإياب التي من المقرر أن يستضيفها استاد “سيفيتاس ميتروبوليتانو” خلال الثاني من أبريل (نيسان) المقبل.
ويسعى برشلونة إلى الخروج من الأعوام الصعبة التي شهدت ابتعاده ولو جزئياً من منصات التتويج المحلية والأوروبية، وقدم بالفعل خلال الموسم الحالي أوراق اعتماده كأحد أقوى المرشحين لحمل الكؤوس في إسبانيا والبطولات الأوروبية، إذ يحتل حالياً صدارة ترتيب الدوري الإسباني برصيد 54 نقطة وبفارق الأهداف فقط عن ريال مدريد، ووصل إلى نصف نهائي كأس إسبانيا وحقق بالفعل لقب كأس السوبر الإسبانية التي أقيمت في السعودية حين فاز في المباراة النهائية على ريال مدريد بنتيجة (5 – 2)، واحتل المركز الثاني في المجموعة الموحدة بدوري أبطال أوروبا خلف ليفربول الإنجليزي، وأوقعته قرعة دور الـ16 في مواجهة بنفيكا البرتغالي.
وأظهرت الفترة الماضية من الموسم الحالي أن برشلونة يتمتع بقوة هجومية هائلة حيث سجل 120 هدفاً خلال 39 مباراة بمعدل (3.1 هدف لكل مباراة)، وهو ثاني أكثر أندية الدوريات الأوروبية الخمس الكبرى تسجيلاً للأهداف حتى الآن برصيد 67 هدفاً خلف بايرن ميونيخ الألماني الذي سجل 69 هدفاً، والأكثر تسجيلاً للأهداف في مرحلة المجموعات بدوري أبطال أوروبا برصيد 28 هدفاً.
لكن في مقابل القوة الهجومية الهائلة والأهداف الغزيرة أظهر أسلوب لعب برشلونة ضعفاً دفاعياً كبيراً، وبخاصة في بعض المواجهات أمام الأندية المميزة في التحول السريع من الدفاع إلى الهجوم، مما ينذر بأن منظومة دفاع برشلونة قد تمثل “وتر أخيل” أو نقطة الضعف في موسمه الواعد.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ولجأ المدرب الألماني فليك منذ بداية الموسم الحالي إلى سلاح شديد الخطورة وذي حدين للتغلب وتجاوز أزمة بطء دفاعه مع زيادة المؤازرة الهجومية، وهو اللعب بمصيدة التسلل.
وتظهر أرقام الموسم الحالي تفوق برشلونة في تنفيذ هذا الأسلوب عالي المخاطرة إذ احتُسب 140 تسللاً على منافسي برشلونة خلال 27 مباراة في الدوري و48 تسللاً خلال دوري أبطال أوروبا بإجمالي 188 تسللاً، وهو الرقم الأعلى بين الأندية الأوروبية وبفارق كبير عن أقرب ملاحقيه أستون فيلا الإنجليزي، الذي نجح في إيقاع منافسيه بالتسلل 99 مرة حتى الآن.
لكن الثغرة الكبرى في تطبيق مصيدة التسلل أن أقل هامش خطأ في تنفيذها يجعل مرمى الفريق الكتالوني مكشوفاً بصورة شبه كاملة.
وعقب التعادل مع أتلتيكو مدريد انتقد فليك دفاع فريقه وافتقاره للتركيز، وقال إن استقبال مرماه لأربعة أهداف غير مقبول بالنسبة إلى فريق مثل برشلونة، وإن تشكيلته يجب أن تعلم كيفية إنهاء المباريات بصورة صحيحة.
وقال فليك للتلفزيون الإسباني “حذرت اللاعبين من إهدار أية فرص. وأشعر بخيبة أمل بسبب النتيجة لأنه كان من الجيد أن نرى كيف نجحنا في العودة بعد تلقي هدفين مبكرين”.
“وحتى بعد أن تقدمنا (4 – 2) صنعنا كثيراً من الفرص… لكن كل هذا كان بلا جدوى لأننا سمحنا لهم بالعودة في النتيجة خلال الدقائق الأخيرة”.
و”أتيحت لنا فرصة خوض مباراة الإياب بأفضلية. وسيتعين علينا أن نتحدث كثيراً في غرفة الملابس عن الأهداف التي استقبلناها… ويتعين علينا تصحيح الأخطاء”.
“الفريق شاب للغاية والمجال كبير للتحسن، لكن هذا ليس عذراً. سجلوا أربعة أهداف في مرمى فريقنا وهذا أكثر مما نستطيع تحمله”.
“أنا محبط لكنني ما زلت سعيداً بعدد من الأشياء التي شاهدتها في المباراة، لكن الأهداف التي استقبلناها لا يمكن أن تحدث (في العادة)”.
وستكون مهمة فليك الرئيسة خلال المرحلة المقبلة هي سد ثغرة الأخطاء الواضحة في تطبيق مصيدة التسلل، تمهيداً لمواجهة أندية أسرع وأفضل في استغلال الفرص التهديفية وبخاصة في المراحل المتقدمة من دوري أبطال أوروبا.
نقلاً عن : اندبندنت عربية