تختتم اليوم فعاليات مؤتمر التعدين الدولي في العاصمة السعودية الرياض، والذي تحول إلى منصة عالمية تدمج شغف الابتكار مع إستراتيجيات التنمية المستدامة، وشهد حضور أكثر من 20 ألف شخص من 90 دولة، فقد أعلن تحت أضواء النقاشات الحية شراكات إستراتيجية تعيد تشكيل معالم القطاع امتثالاً لعناق آمال المستقبل مع ثروات الأرض.

وفي خضم هذا الزخم أجرت “اندبندنت عربية” حواراً حصرياً مع وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي بندر الخريف، والذي أكد أن “رؤية السعودية 2023” تهدف إلى تنويع القاعدة الاقتصادية. موضحاً أن السعودية تمتلك مقومات عدة تشمل موقعها الجغرافي ومواردها الطبيعية، لكن الأهم هو الطاقة الشبابية التي تشكل جزءاً كبيراً من التركيبة السكانية.

العائد المتوقع من استثمارات قطاع المعادن

ورداً على سؤال “اندبندنت عربية” حول العائد المتوقع من الاستثمار في قطاع المعادن، توقع الوزير أن تصل مساهمة هذا القطاع إلى نحو 75 مليار ريال (20 مليار دولار) في الناتج المحلي، مؤكداً أهمية التعدين كمصدر لدعم الصناعات الأخرى، ومشيراً إلى شركة “معادن” التي تعتبر نموذجاً ناجحاً في هذا المجال.وفيما يتعلق بتركيز السعودية على قطاع التعدين في الوقت الراهن فقد أوضح الخريف أن هذا القطاع أصبح تحدياً عالمياً، بخاصة مع تزايد الطلب العالمي على المعادن نتيجة التحول إلى الطاقة الجديدة واستخدام التقنيات الحديثة.

وأضاف أن “العائد الحقيقي من قطاع التعدين يتجاوز الأرقام المباشرة، إذ يتمثل في الفوائد غير المباشرة التي تسهم في تعزيز الصناعة وتنمية المناطق الغنية بالمعادن، وعلى سبيل المثال فقد أسهم وجود الفوسفات شمال البلاد في دفع الرياض نحو استثمار ضخم في إنشاء شبكة سكك حديد تمتد لأكثر من 1000 كيلومتر، وهذه المشاريع ليست مجرد استثمارات في التعدين، بل تمثل أيضاً عوائد اقتصادية كبيرة تعزز من التنمية المستدامة وتفتح آفاقاً جديدة للنمو في المناطق المعنية”.

أهمية التعدين في صناعة السيارات

كما تناول الخريف تطور قطاع صناعة السيارات في السعودية حيث بدأت عدد من الشركات مثل “لوسيد” و”سير” و”هونداي” في إنشاء مصانع جديدة، وأوضح أن بلاده كانت تعتمد في السابق على استيراد السيارات، لكن الوضع قد تغير الآن مع وجود ثلاثة مصانع محلية. 

 

التعدين والتحديات العالمية

وفي سياق الحديث عن أهمية قطاع التعدين أكد الوزير أن الرياض تحرص على دعم جميع القطاعات الاقتصادية، قائلاً “نحن نقدر جميع القطاعات وفي الوقت الحالي يمكننا أن نرى من خلال ‘معرض ليب’ كيف أن السعودية تعمل بجهود متوازية في مجالات عدة، وعلى رغم أهمية قطاع التكنولوجيا لكن التعدين أصبح يشكل تحدياً عالمياً متزايد الأهمية”.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأشار الوزير السعودي إلى “أن النقاشات في الاجتماع الوزاري الأخير أظهرت أن التحدي السابق كان يتعلق بأمن الإمدادات، بينما التحدي المقبل يتعلق بأمن الثروات التعدينية”، مردفاً أن “أهمية قطاع التعدين تتزايد بسبب الطلب العالمي المتزايد الناتج عن التحول نحو الطاقة الجديدة والتقنيات الحديثة، وهذه التحولات تستدعي الحاجة إلى المعادن الأساس، بخاصة مع ارتفاع الطلب على الطاقة الكهربائية واستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي والتي تتطلب بدورها كميات كبيرة من الطاقة”.

قطاعات اقتصادية جديدة

وفي إطار التطورات الاقتصادية الملحوظة التي شهدتها السعودية خلال الأعوام الخمسة الماضية، ألقى وزير الصناعة السعودي الضوء على مجموعة من الإنجازات اللافتة التي تعكس رؤية البلاد، إذ برزت قطاعات جديدة مثل السياحة التي تحولت إلى رافد واعد للاقتصاد بفضل ما تتمتع به البلاد من تنوع ثقافي وطبيعي، وفق قوله.كما أشار الخريف إلى النجاح الكبير في استضافة كأس العالم 2034 “مما يبرز قدرة الرياض على تنظيم الفعاليات الكبرى واستقطاب الأنظار العالمية”.

 وفي ما يخص القطاع الدوائي أكد الخريف التوسع الملحوظ الذي يشهده هذا المجال الحيوي، مشيراً إلى المبادرات الرامية إلى توطين صناعة الأدوية التي تشمل إنتاج الأنسولين محلياً لتلبية 85 في المئة من حاجات البلاد، “وهذه الخطوة تعكس التزام السعودية بتحقيق الاكتفاء الذاتي وتعزيز الأمن الصحي”.

أما عن قطاع التعدين فقد أوضح الخريف أن “التركيز على هذا القطاع يأتي في وقت يشهد العالم زيادة الطلب على المعادن نتيجة التحولات الجذرية نحو الطاقة الجديدة والتقنيات الحديثة”.ولفت الخريف إلى أن الاستثمار في هذا القطاع ليس مجرد فرصة للنمو بل هو عامل أساس لتعزيز السوق المحلية، ويشجع الشركات على طرح أسهمها في الأسواق المالية ويعزز من مكانة الرياض كمركز صناعي متقدم على الساحة العالمية. 

رحلة التعدين في السعودية

يذكر أن رحلة استكشاف واستغلال الثروات المعدنية في السعودية بدأت عام 1997 حين وضعت وزارة البترول والثروة المعدنية إستراتيجية شاملة لتطوير هذا القطاع بين عامي 1996 و1997، مما أسهم في تحديد الفرص المتاحة، ومع إطلاق “رؤية السعودية 2030” فقد استهدفت تعزيز التنوع الاقتصادي وجعل التعدين الركيزة الثالثة للصناعة في البلاد.

وتشير الإحصاءات إلى نهضة كبيرة في القطاع، إذ تجاوزت الاستثمارات في الاستكشاف 1.3 مليار ريال بين عامي 2019 و2023، كما جرى إطلاق حوافز جديدة بقيمة 685 مليون ريال تمتد حتى عام 2030، مما يعكس التزام السعودية بتقليل الأخطار على شركات الاستكشاف وزيادة قيمة الثروات المعدنية التي قدرت بنحو 9 تريليونات ريال عام 2023، وهذه الأرقام تضعها في مقدم الدول في مجال السياسات المالية والتعدينية على المستوى العالمي.

نقلاً عن : اندبندنت عربية