يتواجه دونالد ترمب وكامالا هاريس الثلاثاء للمرة الأولى أمام ملايين الأميركيين في مناظرة تلفزيونية قد تكون الوحيدة بينهما قبل الانتخابات الرئاسية المقررة بعد أقل من شهرين.
ووصلت هاريس إلى فيلادلفيا الإثنين عشية المناظرة في واحدة من أهم الأحداث في حملة الانتخابات الرئاسية المقررة في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني).
وهبطت الطائرة الرئاسية الثانية عصر الإثنين في مطار هذه المدينة الرئيسية في ولاية بنسلفانيا المتأرجحة. ووصلت هاريس إلى فيلادلفيا بعدما أمضت أياماً عدة في بيتسبرغ، المدينة الواقعة في الولاية نفسها، تستعد لمواجهتها التلفزيونية مع ترمب.
ومن المقرر أن يصل الملياردير الجمهوري إلى فيلادلفيا مساء الثلاثاء، أي قبل بضع ساعات من المناظرة التي تنظمها شبكة “إيه بي سي” اعتباراً من الساعة 21:00 (1:00 توقيت غرينتش)
استطلاعات جديدة
والأحد، أظهرت سلسلة استطلاعات جديدة لآراء الناخبين أن الفارق بين المرشحين ضئيل بحيث يمكن لأي منهما أن يفوز بالرئاسة في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني).
وبحسب هذه الاستبيانات فإن الملياردير الجمهوري الذي يقدم نفسه مخلصاً للأميركيين المحرومين وضحايا التضخم يمكن أن يعود إلى البيت الأبيض في يناير (كانون الثاني) على الرغم من مشاكله القضائية الراهنة والفوضى التي أحاطت بمغادرته الرئاسة في 2021.
كذلك، فإن هاريس التي أعطت زخماً كبيراً للمعسكر الديمقراطي بعد دخولها المتأخر إلى السباق الرئاسي محل الرئيس جو بايدن يمكنها، وفق هذه الاستطلاعات، أن تفوز بالانتخابات.
فارق ضئيل
وعلى المستوى الوطني، يتقدم ترمب (78 سنة) على نائبة الرئيس بنقطة واحدة (48 في المئة مقابل في المئة47)، وفقاً لاستطلاع أجرته صحيفة نيويورك تايمز بالتعاون مع كلية سيينا في الفترة الممتدة بين 3 و6 سبتمبر (أيلول).
وهذا الفارق ضئيل لدرجة أنه لا يمكن معه تحديد هوية المرشح الذي سيفوز بالانتخابات.
وما يزيد من صعوبة التكهن بهوية الفائز هو أن الانتخابات الرئاسية تجري في الولايات المتحدة وفق نظام الاقتراع العام غير المباشر، والنتيجة تحسمها حفنة من الولايات المتأرجحة أي التي تصوت مرة للمرشح الديمقراطي ومرة أخرى للمرشح الجمهوري بينما سائر الولايات معروفة نتيجة تصويتها سلفاً.
وفي هذه الولايات المتأرجحة، أظهرت الاستطلاع أن الفارق بين المرشحين شبه منعدم، إذ تفوقت هاريس على ترمب بما بين نقطة وثلاث نقاط مئوية في كل من ويسكونسن (50 مقابل 47) وميشيغان (49 مقابل 47) وبنسلفانيا (49 مقابل 48).
بالمقابل تعادل المرشحان (48/48) في كل من نيفادا وجورجيا وكارولاينا الشمالية وأريزوناً، وفقا للاستطلاع نفسه.
ولم تختلف النتائج كثيراً في استطلاع آخر أجرته في الفترة نفسها (3-6 سبتمبر) شبكة “سي بي إس نيوز” بالتعاون مع مركز يوغوف ونشرت نتيجته يوم الأحد.
وأظهر هذا الاستطلاع أن المعركة على المحك في ثلاث ولايات تتقدم هاريس في اثنتين منها على ترمب بما بين نقطة ونقطتين مئويتين، ميشيغان (50 مقابل 49) وويسكونسن (51 مقابل 49) بينما تتعادل مع ترمب في بنسلفانيا (50/50).
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
حذر يحيط بنتائج استطلاعات
وما يزيد حالة عدم اليقين هو الحذر الذي بات يحيط بنتائج استطلاعات الرأي لا سيما منذ انتخابات 2016 عندما كانت كل الدراسات تتوقع فوز هيلاري كلينتون، ليصدم قطب العقارات ونجم تلفزيون الواقع السابق العالم بفوزه على المرشحة الديمقراطية.
ولعل الأمر الوحيد المؤكد حتى اليوم في السباق الانتخابي هو أن المناظرة التلفزيونية الأولى بين المرشحين والتي ستُبث مساء الثلاثاء على شبكة “إيه بي سي”، منتظرة بفارغ الصبر.
وستجري المناظرة في فيلادلفيا، المدينة التي تعتبر مهد الديمقراطية الأميركية والواقعة في بنسلفانيا.
الأولى لهاريس والثانية لترمب
وستكون هذه المناظرة الأولى لهاريس والثانية لترمب الذي خاض مناظرته الأولى في 27 يونيو (حزيران) ضد المرشح في حينه الرئيس جو بايدن الذي قدم أداء كارثياً. وكانت تلك المناظرة أحد الأسباب التي دفعت ببايدن إلى الانسحاب من السباق وترشيح نائبته مكانه.
وهاريس (59 سنة) التي أثار ترشيحها حماسة في صفوف الديمقراطيين نجحت في توحيد الحزب خلفها، وهي الآن ستواجه خصماً وصفها بأنها “مجنونة” وشكك في هويتها العرقية وهاجمها لكونها امرأة.
ويتوقع أن يتبع ترمب في المناظرة ضدها أسلوباً عدوانياً لا سيما وأن انسحاب بايدن ودخولها السباق جعله المرشح الأكبر سناً في تاريخ الولايات المتحدة.
وقالت إيرين كريستي من كلية الاتصالات والمعلومات بجامعة روتغرز لوكالة الصحافة الفرنسية “إنهما مرشحان مختلفان للغاية ولم يسبق لهما أن التقيا وجهاً لوجه” نتيجة رفض ترمب حضور حفل تنصيب بايدن بعد أن ادعى أن المرشح الديمقراطي سرق منه نتيجة انتخابات 2020″.
وتابعت “لذا فإن المناظرة سوف تكون مفيدة للغاية وقد تكون العامل الحاسم في الانتخابات”.
زلازل سياسية
ويتوقع أن تكون مناظرة الثلاثاء الوحيدة، إذ لم يتفق هاريس وترمب على إجراء مناظرة أخرى. وسيراقب الأميركيون النقاش من كثب لمعرفة كيف ستسير الأمور على المسرح.
وعلى رغم من الآراء المختلفة حول مدى تأثير المناظرات الرئاسية على قرارات الناخبين، إلا أن بإمكانها حتماً أن أن تتسبب أحياناً بزلازل سياسية.
وسيكون بايدن الذي مر أكثر من شهرين على انسحابه من السباق، في طليعة متابعي المناظرة، وفق ما أعلنت المتحدثة باسمه كارين جان-بيار. وأضافت “نائبة الرئيس ذكية. إنها شخص يعرف كيف ينجز المهمة”.
وعلى رغم من أن كثراً لا يتوقعون حدوث أمور دراماتيكية في المناظرة، إلا أنها قد تشكل عاملاً حاسماً في هذا الشوط الأخير من السباق.
إقناع الناخبين
وعلى الرغم من اختلافاتهما، سيكون لكل من المرشحين الهدف نفسه، ألا وهو إقناع النواة الصلبة للناخبين الذين لم يحسموا قرارهم بعد في بلد منقسم بشدة.
وستعتمد هاريس على أسلوبها الهادئ وتاريخها كمدعية عامة بأن تترافع ضد “مجرم مدان” يواجه أيضاً اتهامات بالتآمر لقلب هزيمته في انتخابات 2020 أمام بايدن.
لكن المرشحة الديمقراطية ستبقى مضطرة إلى محاربة الصور النمطية المتحيزة جنسانياً والعنصرية حول “النساء السوداوات الغاضبات”، كما ترى ريبيكا غيل، أستاذة العلوم السياسية في جامعة نيفادا لاس فيغاس.
استراتيجية “عدم التسبب بأضرار”
كما ستواجه هاريس أيضاً ضغوطاً لتكون أقل غموضاً حول سياستها، على رغم أن حملتها ستستمر على الأرجح في اتباع استراتيجية “عدم التسبب بأضرار” والتي كان بنتيجتها إجراءها مقابلة تلفزيونية واحدة فقط منذ حلولها محل بايدن.
أما ترمب، فيكمن التحدي الذي سيواجهه في أن يتمكن من إعطاء ناخبيه مقدار ما يريدون، بلا زيادة ولا نقصان.
وإذا كان أسلوب ترمب الناري والمطول يثير حماسة قاعدته اليمينية، فإن السؤال يبقى في معرفة انعكاساته على مرشحة تطمح لأن تصبح أول رئيسة للبلاد.
“لا تنسوا الفشار”
وسيتم التركيز أيضاً على المذيعين الذين سينسقون المناظرة لمعرفة ما إذا كانوا سيتحققون من صحة ما سيُعَد سيلاً من الأكاذيب، كما حدث في مناظرات ترمب الرئاسية الست السابقة.
وقال أندرو كونيشوسكي، السكرتير الصحافي السابق لزعيم مجلس الشيوخ تشاك شومر “قد يُسجَل هذا النقاش في كتب التاريخ. لا تنسوا إحضار الفشار”.
نقلاً عن : اندبندنت عربية