في زمن يشهد تقاطعًا متزايدًا بين الإبداع والتقنية، بات الذكاء الاصطناعي لاعبًا محوريًا في إعادة تشكيل صناعة الإعلام، متجاوزًا كونه مجرد أداة مساعدة إلى دور فاعل في صياغة مستقبل السرد القصصي.
وفي هذا الإطار، أكدت جمانا الراشد، الرئيسة التنفيذية للمجموعة السعودية للأبحاث والإعلام، أن الذكاء الاصطناعي “يُغيّر كل شيء”، بدءًا من لحظة توليد الفكرة وحتى تخصيص المحتوى ليتناسب مع مختلف الثقافات واللهجات، مشددة على أن التقنية تحمل إمكانات هائلة إذا ما تم توظيفها بعناية تحافظ على جوهر الحكاية الإنسانية.
جاءت تصريحات الراشد خلال جلسة حوارية ضمن فعاليات مؤتمر “مبادرة القدرات البشرية” المنعقد في العاصمة السعودية الرياض، حيث أوضحت أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون أداة تمكين للعمل الإبداعي، لا بديلًا عنه، إذا ما استُخدم بشكل أخلاقي وواعٍ، يراعي التنوع الثقافي واللغوي.
التحديات والإمكانات
سلطت الراشد الضوء على التحديات المرتبطة باستخدام الذكاء الاصطناعي، وعلى رأسها مسألة التحيّز وانتشار المعلومات المضللة. لكنها أكدت في الوقت ذاته أن هذه التحديات قابلة للمعالجة عبر تقنيات مثل “البلوكتشين”، التي تساهم في تعزيز الشفافية، وحفظ الحقوق الفكرية، وضمان مصداقية المحتوى.
كما دعت إلى ضرورة دعم المحتوى العربي على شبكة الإنترنت، مشيرة إلى أنه لا يزال يمثل نسبة ضئيلة لا تتجاوز 6% من إجمالي المحتوى المتاح عالميًا.
مستقبل الإعلام وصناعة السينما
وتطرقت الراشد إلى مستقبل صناعة المحتوى، معتبرة أن الذكاء الاصطناعي قد يُسهم في إنتاج أعمال سينمائية تصل إلى مصاف الجوائز العالمية، مثل الأوسكار. لكنها شددت على أهمية تنظيم هذا التحول، بما يضمن بقاء الإنسان في صميم العملية الإبداعية.
وأوضحت أن التقنية، رغم قدراتها المتقدمة، تبقى أداة مساعدة لا تُغني عن الإبداع البشري، وأن الإنتاج الفني الحقيقي يتطلب “روحًا إنسانية”، لا يمكن للذكاء الاصطناعي أن يحاكيها بالكامل.
الذكاء الاصطناعي والصحافة
وأكدت الراشد أن استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي في الصحافة من شأنه أن يختصر وقت إنتاج النصوص دون التأثير على جودتها، مما يمنح الصحافيين مساحة أكبر للتركيز على الإبداع والمضمون. وأشارت إلى أن هذه الأدوات يمكن أن تسهم في إنتاج نصوص قوية فنيًا وقريبة من المتلقي، داعية الصحافيين إلى توظيف الذكاء الاصطناعي بوعي ومسؤولية.
كما رأت أن من أبرز التحديات في مسار السرد القصصي هو إنتاج نصوص تحمل رسائل ذات قيمة وتعبر بصدق عن الهوية الثقافية، وهو ما يمكن تحقيقه إذا تم استخدام التقنية كرافد للإبداع وليس بديلاً عنه.
وفي ختام كلمتها، شددت الراشد على أن “الذكاء الاصطناعي ليس نقيضًا للفن، بل محفّز له، إذا ما أحسنا استخدامه ووازنّا بين قوته التقنية وأصالة هويتنا الثقافية”.