تصاعدت المخاوف في تونس من بروز نذر صراع حول الصلاحيات بين المجالس المحلية وبقية مؤسسات الدولة في المدن في ظل غياب قانون واضح ينظم عمل واختصاصات هذه المجالس التي استحدثت العام الماضي، وهي منبثقة من دستور البلاد الجديد الذي أقر في استفتاء شعبي عام 2022.

ودعا أعضاء المجالس المحلية على هامش مشاركتهم في ملتقى وطني هو الأول من نوعه الذي يجمعهم الرئيس قيس سعيد والبرلمان إلى إصدار قانون ينظم عمل المجالس المحلية والجهوية.

ودخلت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات على خط هذا الجدل السياسي في شأن دور ووظيفة المجالس المحلية، إذ دعت إلى توضيح العلاقة بين هذه المجالس وبقية السلطات اللامركزية والمحورية في البلاد.

وجاء الجدل في خضم سجال سياسي آخر تشهده تونس حول الانتخابات البلدية التي كان من المقرر تنظيمها هذا العام، لكن تعثر ذلك حتى الآن، فيما تقول هيئة الانتخابات إنها جاهزة لإجرائها.

وضع كارثي

الملتقى الذي استضافته العاصمة تونس وضم نحو 21 مجلساً محلياً سلط الضوء على المشكلات التي تعترض عمل تلك المجالس، مما دفع أعضاءها إلى طرح المعضلة الأهم، وهي الخلط بين صلاحياتهم واختصاصات بقية السلطات المحلية.

يقول الباحث السياسي الجمعي القاسمي إن “تونس منذ مدة تضع العربة أمام الحصان، إذ قامت بإنشاء المجالس المحلية لكن دون إقرار قوانين تضبط صلاحياتها، وهذا أمر في غاية الخطورة، بمعنى أين تبدأ صلاحيات هذه المجالس وأين تنتهي؟ وكيف يمكن أن تنسق مع بقية السلطات المحلية؟”.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتابع القاسمي، “في اعتقادي هذا الجدل الذي يخفي كثيراً من المخاوف اندلع على خلفية تعالي الأصوات المنادية بضرورة الذهاب نحو انتخابات بلدية التي كان يفترض أن تتم هذا العام، بحسب تصريحات المسؤولين السابقة، والوضع على مستوى المجالس المحلية والبلديات كارثي الآن”. وشدد على أن “هذا الوضع يستدعي بالضرورة الذهاب نحو الانتخابات البلدية تعيد للبلدية دورها في العمل المحلي ثم تحديد صلاحيات المجالس المحلية ويفترض أن يتم ذلك بقرار سياسي تتم مناقشته على مستوى البرلمان”.

وفي تقدير القاسمي فإن “الرئيس قيس سعيد حاول فرض قراءة سياسية معينة على أرض الواقع، لكن على مستوى التنفيذ تم وضع العربة قبل الحصان، بمعنى أنه تم إنشاء بعض المؤسسات دون أن نحدد وظيفتها وصلاحياتها والقوانين التي تنظم عملها، وهذا أمر لا يستقيم”.

انتخابات بلدية

ويأتي هذا الجدل في شأن صلاحيات المجالس المحلية في وقت يترقب فيه الشارع التونسي الحسم في مصير الانتخابات البلدية التي لا يزال يكتنفها الغموض، وهي انتخابات مرتبطة أيضاً بدور هذه المجالس، إذ ستكون على احتكاك مباشر مع البلديات.

وقال الجمعي القاسمي إنه “في دستور 2022 أُقر كثير من التعديلات، وهي تعديلات يجب أن تراعى واتخاذ قرار بإجراء انتخابات بلدية حتى يكون العمل البلدي متناغماً مع الدستور”. وأفاد بأن “المسألة مرتبطة بالقرار السياسي الذي لا يزال متردداً في قراءة سياسية محددة للعمل البلدي والمحلي ودور البلدية كمحرك ضمن إطار الجماعات المحلية ودورها في السياق الانتخابي العام”.

 

 

واستنتج القاسمي أن “لذلك هناك حسابات في هذا الإطار، ويفترض أن تصدر في البداية القوانين التي تنظم عمل البلديات حتى تتلاءم مع الدستور الجديد، ثم تحديد سقف صلاحيات المجالس المحلية التي نص عليها الدستور”.

قانون سيصدر قريباً

يتألف كل مجلس محلي في تونس من خمسة أعضاء في الأقل مع نائب يمثل حاملي الإعاقة في المدينة يتم اختياره من طريق القرعة.

وفيما لازم مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان) الصمت تجاه الجدل القائم حول اختصاصات المجالس المحلية، فإن “اندبندنت عربية” التقت النائب في المجلس الوطني للجهات والأقاليم أسامة سحنون الذي كشف عن أنه “سيصدر قريباً قانون ينظم صلاحيات واختصاصات المجالس المحلية، خصوصاً أن البلديات والمجالس المحلية متقاربين جغرافياً، بالتالي يجب توضيح صلاحيات كل منهما”.

وشدد سحنون على أن “هناك قانوناً صدر في عام 1994 في هذا الصدد، لكن ذلك القانون ينظم عمل المجالس المحلية للتنمية وليس المجالس المحلية بصيغتها وتركيبتها مهامها الحالية”. وذكر أن “المجالس المحلية أنشئت العام الماضي بتصور وفلسفة سياسية جديدة، وهي فلسفة البناء القاعدي، أي بناء المؤسسات من المحلي إلى المركزي”.

نقلاً عن : اندبندنت عربية