هبطت أسهم شركات المعادن في الأسواق مع بداية تعاملات الأسبوع أمس الإثنين، مع إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب فرض رسوم وتعريفة جمركية على واردات الألمنيوم والصلب الأميركية بنسبة 25 في المئة.

وكان الهبوط الأكبر في أسهم شركات الصلب الأوروبية والآسيوية، بينما ارتفعت أسهم شركات المعادن الأميركية وكذلك سعر الألمنيوم في السوق الأوروبية.

فور نشر أنباء ارتفعت أسعار الألمنيوم فرض التعريفة الجمركية، ارتفعت أسعار الألمنيوم في بورصة لندن بما يقارب نصف نقطة مئوية بنسبة 0.4 في المئة لتصل إلى 2639 دولاراً للطن، وهبطت أسهم مجموعة “أرسيلور ميتال” ومقرها لوكسمبورغ 1.2 في المئة، وتعتمد المجموعة على التصدير للسوق الأميركية بما يفوق نسبة 13 في المئة من مبيعاتها.

وهبطت أسهم شركة “هيونداي ستيل” الكورية الجنوبية اثنين في المئة، وتراجعت أسهم مجموعة “بيسكو هولدنغ” لصناعة الصلب بنسبة 0.8 في المئة ببورصة سيول، في المقابل ارتفعت أسهم شركة “كليفلاند – كليفس” الأميركية لإنتاج الصلب 13 في المئة في تعاملات الإثنين ببورصة “وول ستريت” في نيويورك، وارتفعت أسهم شركة “يو أس ستيل” بنسبة أربعة في المئة.

بمجرد صدور تصريحات ترمب، وقبل الإعلان الرسمي عن الرسوم والتعريفة الجديدة على واردات الصلب والألمنيوم، استعادت الأسواق والشركات التي تعمل في قطاع المعادن ما حدث عام 2018 خلال فترة رئاسة ترمب الأولى حين فرض رسوماً وتعريفة جمركية مماثلة على واردات الألمنيوم والصلب أيضاً.

الضرر على كل الشركاء

كانت كندا والمكسيك والصين أكبر دول تصدر الصلب والألمنيوم ومنتجاتها للولايات المتحدة عام 2023 (أحدث الأرقام النهائية المتاحة)، إلا أن الرسوم والتعريفة الجمركية التي أعلنها ترمب ستطاول كل البلدان تقريباً وسيصيب الضرر تجارة معظم الدول مع الولايات المتحدة من البرازيل إلى ألمانيا إلى كوريا الجنوبية.

يأتي استهداف إدارة ترمب واردات الصلب والألمنيوم ضمن حملة بدأها الرئيس منذ يومه الأول في السلطة الشهر الماضي قد تشعل حرباً تجارية بين أميركا وشركائها حول العالم، وربما تؤدي إلى عودة الضغوط التضخمية في الاقتصاد الأميركي.

والنتيجة الأخيرة في غاية الخطورة لحكومة ترمب الذي جرى انتخابه على أساس وعود اقتصادية من بينها خفض الأسعار للمستهلكين الأميركيين.

في تصريحاته إلى الصحافيين، قال ترمب إنه سيعلن بنهاية الأسبوع عن فرض رسوم وتعريفة جمركية إضافية على الواردات من كل الدول التي تحصل رسوماً على الصادرات الأميركية، لكنه لم يفصل أكثر في هذا الشأن تاركاً الأسواق والشركات والدول تخمن ماذا سيفعل.

في أول رد فعل على الرسوم والتعريفة الجديدة على واردات الصلب والألمنيوم قالت المفوضية الأوروبية في بروكسل “سيكون رد فعلنا هو حماية مصالح الشركات والأعمال الأوروبية والعاملين والمستهلكين من تلك الإجراءات غير المبررة”، كما ذكر تقرير لصحيفة “الفايننشيال تايمز”.

حرب المعادن

وتستورد الولايات المتحدة الصلب ومنتجاته والألمنيوم ومنتجاته بعشرات مليارات الدولارات سنوياً، وبلغت وارداتها في عام 2023 ما يقارب 110 مليارات دولار، القدر الأكبر منها من الصين وكندا والمكسيك، وكانت إدارة ترمب استهدفت الدول الثلاث قبل أيام بفرض رسوم وتعريفة جمركية إضافية على كل صادراتها للولايات المتحدة، بما بين نسبة 10 و25 في المئة وقررت لاحقاً تعليق العقوبات على كندا والمكسيك لمدة شهر، بينما نُفذ على الصين.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي رد فعل على إعلان ترمب قال اتحاد مصنعي الصلب الكندي إن استهداف صادرات البلاد من الصلب والألمنيوم هو إجراء “غير مبرر ولا أساس له من المنطق إطلاقاً”، وحث الاتحاد الحكومة الكندية على اتخاذ إجراءات انتقامية تجاه واشنطن.

ليست الحرب التجارية في شأن المعادن، خصوصاً الصلب والألمنيوم، بين الولايات المتحدة وشركائها التجاريين بجديدة، فكثيراً ما دعت نقابات واتحادات المصنعين الأميركيين إلى فرض رسوم إغراق وتعريفة جمركية إضافية على واردات البلاد منها بحجة حماية المنتج المحلي، لكن ذلك تضمن دائماً أخطار زيادة كلفة الإنتاج على كثير من الصناعات الأميركية التي تستخدم الصلب والألمنيوم في منتجاتها.

الضرر على أميركا

في العام قبل الماضي 2023 استوردت الولايات المتحدة كميات من الحديد والصلب بقيمة 82.1 مليار دولار واستوردت ألمنيوم بقيمة 27.4 مليار دولار، في المقابل بلغت قيمة صادرات الولايات المتحدة من الحديد والصلب 43.3 مليار دولار ومن الألمنيوم 14.3 مليار دولار، هذا العجز التجاري الكبير الناجم عن الفارق ما بين الواردات والصادرات هو ما تحاول إدارة ترمب تقليصه تماماً بفرض رسوم وتعريفة جمركية إضافية، إلا أن هذا الفارق يعني أيضاً أن الولايات المتحدة لا تنتج ما يكفيها من الصلب والألمنيوم، ومن ثم لن يتمكن المنتجون المحليون من تلبية طلب الصناعات التي تستخدم الصلب والألمنيوم من صناعة السيارات والإنشاء وغيرها.

ومع استمرار الطلب وثبات العرض أو تراجعه سترتفع الأسعار ويعود التضخم للارتفاع، فضلاً عن أنه مع فرض الرسوم والتعريفة الجمركية يصبح المستهلكون للصلب والألمنيوم تحت رحمة المنتجين المحليين الذي سيرفعون الأسعار.

جاء إعلان إدارة ترمب عن الرسوم والتعريفة الأميركية الإضافية على واردات الصلب والألمنيوم بعد إعلان البيت الأبيض أنه سيوقف صفقة استحواذ شركة “نيبون ستيل” اليابانية على مجموعة “يو أس ستيل”، وسبق أن اعترضت إدارة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن على الصفقة وعطلتها أيضاً.

من المتوقع طبعاً أن ترد أوروبا وغيرها على العقوبات الجديدة بإجراءات انتقامية، فقد سبق عام 2018 حين فرضت إدارة ترمب السابقة رسوماً وتعريفة جمركية على صادرات الصلب والألمنيوم أن رد الاتحاد الأوروبي بفرض رسوم وتعريفة جمركية على منتجات أميركية بقيمة 4.6 مليار يورو (4.7 مليار دولار). وحين جاءت إدارة بايدن إلى الحكم في 2021 تفاوضت مع الاتحاد الأوروبي على تعليق العمل بالرسوم والتعريفة الجمركية مقابل نظام حصص استيراد بسقف معين، على أن تفرض التعريفة الجمركية الإضافية على ما يتجاوز السقف.

ومن المفترض أن ينتهي العمل بهذا الاتفاق من جانب الاتحاد الأوروبي بنهاية مارس (آذار) المقبل، أي إن الرسوم والتعريفة الجمركية الأوروبية على الصادرات الأميركية المعنية سيعاد تطبيقها ما لم يجدد الاتفاق وبالطبع لن يجدد في ظل الحرب التجارية الحالية، أما من الجانب الأميركي فينتهي العمل بنظام الحصص وسقف التصدير بنهاية العام الحالي 2025، لكن قرار إدارة ترمب الأخير تجاوز ذلك فعلياً.

كان تفاوض إدارة ترمب مع الأوروبيين نتيجة ضغط من اتحاد مصنعي السيارات وغيره من القطاعات التي تستخدم الصلب والألمنيوم في صناعاتها، والتي واجهت زيادة كبيرة في كلفة الإنتاج نتيجة فرض الرسوم والتعريفة الجمركية عام 2018.

ومن غير الواضح أن كانت تلك الصناعات ستعاود الضغط على إدارة ترمب للعودة عن القرار أو تخفيف أثره بالسماح باستثناءات أو إعفاءات من التطبيق في حالات محددة.

نقلاً عن : اندبندنت عربية