قال محللون نفطيون إن تأييد الرئيس الأميركي دونالد ترمب تخفيف القيود التنظيمية المفروضة على قطاع النفط في الولايات المتحدة وتشجيع زيادة الإنتاج، يعزز مكانة بلاده كأكبر منتج للخام في العالم، لكن في المقابل يمثل ضغوطاً هبوطية على سعر خام “نايمكس” مع ارتفاع المعروض.

وأشار المحللون في تصريحات إلى “اندبندنت عربية” إلى أن التقلبات في الأسواق العالمية والضغوط البيئية والتحولات التكنولوجية قد تحد من قدرة هذه السياسات على تحقيق أهدافها الطويلة الأجل، وفي الوقت نفسه تتوخى شركات النفط والغاز الأميركية الحذر في شأن زيادة الإنتاج ما لم ترتفع أسعار النفط بصورة كبيرة، على رغم جهود ترمب لتعزيز إنتاج الطاقة من خلال الأوامر التنفيذية التي تهدف إلى تخفيف اللوائح التنظيمية وتوسيع البنية التحتية. 

وقد يؤدي فرض ترمب المحتمل التعريفات الجمركية على منتجات الطاقة الكندية والمكسيكية إلى ارتفاع الأسعار وزيادة الاعتماد على الإنتاج المحلي. 

وتستورد واشنطن نحو 4 ملايين برميل يومياً من كندا، وهذا يمثل أكثر من 60 في المئة من واردات النفط الخام الأميركية، ويعود خفض ترمب الضرائب الجمركية على النفط من 25 إلى 10 في المئة إلى الخوف من ارتفاع كبير في أسعار النفط أو إقدام كندا على الرد بخفض صادرات النفط، وإلى تفاوض حاكمة ولاية ألبرتا مع ترمب لإقناعه بعدم فرض ضرائب على النفط، إذ زارته مرتين في مقر إقامته في مارا لوغو وحضرت حفلة تنصيبه، وذلك بحسب ما يذكره المتخصص في شؤون النفط أنس الحجي.

ويرى المحللون أن صناعة النفط الأميركية قد تكون على مفترق طرق، إذ يتعين عليها الاختيار بين الاستمرار في الاعتماد على الوقود الأحفوري أو التكيف مع مستقبل طاقي عالمي أكثر تنوعاً واستدامة.

وأكدوا أن تخفيف تلك القيود التنظيمية المفروضة على قطاع النفط قد لا ترفع إمدادات الخام كثيراً، نظراً إلى أنها وصلت إلى مستويات قياسية، لافتين إلى أن الشركات قد تتوخى الحذر إذا اعتقدت أنها ستؤثر سلباً في الأسعار. 

وأشار المحللون إلى أن الرسوم الجمركية المرتفعة ستحد من النمو الاقتصادي عالمياً، ومن ثم الطلب على النفط، وهو ما قد يخفض أسعار الخام الأميركي بما يصل إلى 7 دولارات للبرميل من المستويات الحالية.

ولفت المحللون إلى أن انخفاض الأسعار المتوقع حدوثه قد يحد منه سعي ترمب إلى فرض مزيد من العقوبات على إيران، وهو ما يعني الحد من الإمدادات العالمية في ظل استهدافه زيادة الاحتياط الاستراتيجي للنفط في أميركا إلى مستويات غير مسبوقة.

وأكد المحللون أن أي ارتفاع في إنتاج النفط الأميركي قد يعرقل خطط تحالف “أوبك+” لزيادة الإنتاج تدريجاً بدءاً من أبريل (نيسان) المقبل من دون التسبب في انخفاض حاد بالأسعار قد يضر باقتصادات الدول الأعضاء.

تخفيف القيود

من جهته قال المتخصص في الشؤون النفطية كامل الحرمي إن سعي الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى تخفيف القيود التنظيمية المفروضة على قطاع النفط في الولايات المتحدة، وتشجيع زيادة الإنتاج يعزز من مكانة بلاده كأكبر منتج للخام في العالم ويزيد من العائد النفطي.

وأشار الحرمي إلى أن تخفيف تلك القيود لن يدفع الإنتاج إلى الزيادة في الوقت الحالي، لكنه على مدى الأعوام المقبلة سيسهم في رفع أحجام الإنتاج الأميركي من الخام في ظل وجود كلفته ما بين 70 دولاراً للبراميل الواحد إلى 80 دولاراً للبراميل الواحد.

ولفت إلى أن تخفيف تلك القيود سيعزز من استهداف زيادة الولايات المتحدة من إنتاجها من 13 مليون برميل في اليوم الواحد إلى 20 مليون برميل يومياً، وذلك خلال الأعوام الخمسة المقبلة أو تحديداً بحلول 2030.

وأكد أن فرض التعريفات الجمركية على منتجات الطاقة الكندية والمكسيكية سيؤدي إلى زيادة التضخم محلياً بالولايات المتحدة الأميركية التي تستورد 5 أو 6 ملايين برميل من النفط الخارجي. 

وأكد الحرمي أيضاً أن تلك الرسوم الجمركية للرئيس الأميركي دونالد ترمب على الواردات من كندا والمكسيك تهدد بإحداث اضطرابات في سوق النفط التي تتسم بترابط شديد في أميركا الشمالية، وتدفع أسعار البنزين إلى الارتفاع بالنسبة إلى المستهلك الأميركي.

رسوم ترمب

وكان ترمب أصدر أوامر بفرض جمارك بنسبة 10 في المئة على واردات الطاقة من كندا إلى جانب جمارك عامة بنسبة 25 في المئة، على كل من كندا والمكسيك و10 في المئة على الصين، وبسبب المخاوف من تداعيات القرار يبدو أن الإدارة الأميركية تريثت أخيراً، وربما تقلص الرسوم الجمركية على كندا والمكسيك الشحنات من الدولتين اللتين تعدان من أبرز موردي الخام إلى الولايات المتحدة، إذ إن صادرات كندا من النفط، البالغة 4 ملايين برميل يومياً، تذهب كلها تقريباً إلى جارتها الجنوبية التي تستورد أيضاً 500 ألف برميل من المكسيك معظمها تشتريه شركة “فاليرو إنيرجي كورب” لمصافيها بمنطقة ساحل خليج أميركا (المكسيك سابقاً).

وبحسب ما كتبه محللون لدى “غولدمان ساكس”، “فإن الرسوم الجمركية على النفط الكندي تهدد بزيادات غير مرغوبة، وإن كانت موقتة، لسعر البنزين في الغرب الأوسط بالولايات المتحدة”. 

حال من الارتباك

بدوره توقع مدير عام تسويق النفط والغاز بوزارة الطاقة والمعادن بسلطنة عمان سابقاً، علي الريامي، أن تدفع السياسات التنظيمية الجديدة لترمب التي تخص قطاع الطاقة والتعريفات الجمركية التي فرضت على كندا والمكسيك سوق النفط المحلية بالولايات المتحدة وعالمياً إلى مزيد من التعقيد والارتباك.

ولفت إلى أن تلك التعريفات الجمركية قد تزيد من التضخم وارتفاع الأسعار على المستهلك الأميركي، وأن تحقيق هدف ترمب لزيادة إنتاج الخام الأميركي سيأخذ وقتاً ولن يسهل تطبيقه في الوقت الحالي.

وأكد الريامي عدم اعتقاده أن انخفاض اللوائح التنظيمية سيكون كافياً لتحفيز زيادة عمليات الحفر، ولفت إلى أن ترمب يطالب بزيادة الإنتاج من الشركات الأميركية، بينما يضغط على “أوبك+” لتخفيض الأسعار، وهو ما يعد تناقضاً واضحاً.

وأشار الريامي إلى أن “أوبك+” تهدف إلى تحقيق توازن في السوق لا تحديد الأسعار، وأن الطلب الأميركي بتخفيض الأسعار غير منطقي، وأضاف أن العقوبات التي فرضها الرئيس السابق جو بايدن على روسيا أسهمت في ارتفاع الأسعار، وأن حل الأزمة الروسية – الأوكرانية قد يؤدي إلى انخفاض الأسعار بصورة طبيعية.

وأكد الريامي أن السوق تحتاج إلى وقت لاستيعاب تأثيرات سياسات ترمب، وأن “أوبك+” لن تغير من سياساتها بناءً على طلبات غير منطقية.

سياسات مثيرة للجدل  

من جانبه أوضح استشاري الطاقة المتجددة وعضو مجلس إدارة المجلس العربي للطاقة المستدامة الدكتور محمد سليم سالمان، أنه في خضم الأحداث العالمية المتسارعة، تظل قضية الطاقة واحدة من أكثر القضايا تأثيراً في الاقتصاد العالمي والعلاقات الدولية.

وأشار سليم إلى أنه في قلب هذه القضية تبرز الولايات المتحدة كأحد أكبر منتجي النفط في العالم، مع سياسات الطاقة المثيرة للجدل التي يقودها الرئيس دونالد ترمب بدعمه زيادة إنتاج الوقود الأحفوري والانسحاب من اتفاق باريس للمناخ.

وأكد سليم أن تشجيع سياسات ترمب على تخفيف القيود التنظيمية على صناعة النفط والغاز يمنح الشركات مرونة أكبر في عمليات الاستكشاف والإنتاج، مشيراً إلى أن قرارات الاستثمار الطويلة الأجل لشركات النفط لا تعتمد فقط على السياسات المحلية، بل تعتمد على التوقعات العالمية لأسعار الخام والطلب عليه. 

وذكر سليم أن تخفيف القيود قد يحفز بعض الاستثمارات القصيرة الأجل، فإن التقلبات في الأسواق العالمية والضغوط البيئية قد تجعل الشركات مترددة في التزام استثمارات ضخمة جديدة.

وأكد سليم أنه على رغم أن تخفيف القيود التنظيمية قد يشجع على زيادة عمليات الحفر، فإن التمويل والتقلبات السعرية يؤديان دوراً أكثر تأثيراً في قرارات الشركات الأميركية بالقطاع.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأما عن فرض إدارة ترمب التعريفة الجمركية على منتجات الطاقة الكندية والمكسيكية، فأشار سليم إلى أن هذا القرار يهدف إلى تعزيز الإنتاج المحلي الأميركي، لكنه قد يؤدي إلى ارتفاع كلفة الطاقة للمستهلكين الأميركيين.

وأكد أن كندا والمكسيك هما مصدران رئيسان للنفط والغاز إلى الولايات المتحدة، وأي اضطراب في هذه العلاقة التجارية قد يخلق توترات في سوق الطاقة الأميركية ويعقد تحقيق التوازن بين الإنتاج المحلي للخام واستقرار أسعاره.

توخي الحذر

وعلى الصعيد ذاته يقول الكاتب في منصة “أويل برايس” الأميركية فيليسيتي برادستوك، إن شركات النفط والغاز الأميركية تتوخى الحذر في شأن زيادة الإنتاج ما لم ترتفع الأسعار بصورة كبيرة، وذلك على رغم جهود الرئيس الأميركي دونالد ترمب لتعزيز إنتاج الطاقة من خلال الأوامر التنفيذية التي تهدف إلى تخفيف اللوائح التنظيمية وتوسيع البنية التحتية.

وأكد أن هذه الأوامر ألغت وقف إدارة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن صادرات الغاز الطبيعي المسال ورفعت القيود المفروضة على إنتاج النفط والغاز في ألاسكا.

وأوضح أنه على رغم تسجيل إنتاج النفط والغاز الأميركي مستويات قياسية عام 2023، فإن الطلب العالمي الأضعف من المتوقع، لا سيما من الصين أبقى الأسعار منخفضة، وأكد أن كثيراً من الشركات بالقطاع تؤيد سياسات ترمب، لكنها لا تزال مترددة في زيادة الإنتاج من دون ارتفاع الأسعار وسط تصاعد مخاوفها في شأن الربحية.

وأشار إلى أن فرض ترمب المحتمل التعريفات الجمركية قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار منتجات الطاقة الكندية والمكسيكية وزيادة الاعتماد على الإنتاج المحلي.

نقلاً عن : اندبندنت عربية