في مطلع القرن الـ20، تحولت أنظار البشرية من خلال حلم غزو الفضاء إلى مشروع وحيد وهو استعمار كوكب المريخ. واستطاعت شركتان أميركيتان خاصتان الإطاحة بزعامة “ناسا” ووكالات الفضاء العالمية الحكومية حول العالم في هذا المجال، إذ تمكنت “سبيس إكس” و”بلو أوريجين” من خفض كلف إنتاج الصواريخ الفضائية إلى أسعار زهيدة مقارنة بما كانت عليه قبل عقود قليلة من ذلك الزمن. وعلى إثر ذلك أعلنت الشركتان عزمهما جعل تجربة السفر إلى الفضاء والحياة على المريخ متاحة لأكبر عدد ممكن من الناس.

بعد “أبولو 11”

نجحت “ناسا” في إرسال أول إنسان إلى القمر عام 1969 عبر مهمة “أبولو 11” الشهيرة. بعد ذلك دخلت مشاريع الفضاء في حال من الخمول استمرت لما يقارب نصف قرن، فيما شهدت نهاية القرن الـ20 ومطلع القرن الـ21 بداية جديدة لمشاريع الفضاء في العالم كله، فانتهت حقبة المشاريع الخيالية القديمة التي ركزت على برامج غزو الفضاء التي كانت تهدف إلى مقابلة الكائنات الفضائية أو حماية كوكب الأرض من غزو محتمل لها، لذلك يُعدّ هذا التاريخ بداية انطلاق المشاريع الفضائية الواقعية التي حملت عنوان استكشاف الكواكب القريبة وأهمها المريخ لإقامة مستعمرات ومدن بشرية مزدهرة.

حقبة الطيران التجاري

ويُعدّ ظهور ما سمي “حقبة الطيران التجاري الخاص” في 2002 تحولاً كبيراً في هذه الصناعة، إذ قادت شركات الفضاء الخاصة مشاريع غزو الفضاء الجديدة بعقلية استثمارية مختلفة تماماً عن عقلية “ناسا”. وتعتبر شركتا “سبيس إكس” لرجل الأعمال إيلون ماسك و”بلو أوريجين” لجيف بيزوس من أهم الشركات الخاصة في وقتنا هذا لأنهما نجحتا في منافسة وكالات الفضاء الحكومية في هذا المجال.

“سبيس إكس”

ظهرت شركة تقنيات استكشاف الفضاء والمعروفة تجارياً باسم “سبيس إكس” التي أسسها إيلون ماسك عام 2002 وكان الهدف منها تقليل كلف النقل الفضائي للتمكن من استعمار المريخ. وذكرت مراجع علمية في هذا السياق أن أول مرة انتقد فيها إيلون ماسك برنامج الحكومة الأميركية في حلم غزو الفضاء التقليدي علناً كانت عام 2016 خلال المؤتمر الدولي للملاحة، فبيّن في خطاب له حينها أن الحكومة الأميركية “تنظَم تكنولوجيا الصواريخ باعتبارها تقنية أسلحة متقدمة”. ويمكن القول إن موقف ماسك هذا جاء بعد خوضه تجربة مريرة في عالم الفضاء، إذ بدأت تجربته عبر “سبيس إكس” منذ 2002، وقام ماسك خلال هذه الفترة حتى عام 2016 باستثمار ملايين الدولارات وأجرى تجارب فاشلة عدة.

نجاح مبهر

لكن رجل الأعمال الأميركي نجح في نهاية المطاف في خفض كلفة بناء صاروخ لتصل إلى نحو 500 دولار أميركي للرطل (1100 دولار أميركي/ كيلوغرام). ووجد المدير التنفيذي لـ”سبيس أكس” أن المواد الخام لبناء صاروخ كانت ثلاثة في المئة فقط من سعر بيع الصاروخ في ذلك الوقت، مما دعاه إلى التصريح بأنه يعتقد بأن شركته يمكن أن تخفض سعر الإِطلاق 10 مرات أقل من خلال تطبيق فكرة التكامل الرأسي، وإنتاج نحو 85 في المئة من أجهزة الإِطلاق داخل الشركة وعبر تطبيق آلية النهج المعياري لهندسة البرمجيات الحديثة.

“بلو أوريجين”

في مايو (أيار) عام 2019، كشف جيف بيزوس عن رؤية شركة “بلو أوريجين” للفضاء وعن خطط الشركة أيضاً لإرسال مركبة هابطة على القمر باسم “بلو مون” التي ستكون جاهزة بحلول عام 2024. وتتبع “بلو أوريجين” نهجاً تدريجياً بدءاً من الرحلات الفضائية دون المدارية وصولاً إلى الرحلات المدارية، مع اعتماد كل خطوة في هذه المراحل التطويرية على ما سبقها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

حلم مشترك

تقول الموسوعة العلمية الأوروبية إن إنشاء مستعمرة دائمة للإنسان على كوكب آخر، بما في ذلك المريخ، أحد أكثر مواضيع الخيال العلمي شيوعاً. فمع تقدم التكنولوجيا وزيادة المخاوف في شأن مستقبل البشرية على الأرض، فإن الحاجة لاستعمار الفضاء تكتسب زخماً. ومن الأسباب الأخرى لاستعمار الفضاء المصالح الاقتصادية، ولذلك تعهدت كل من المنظمات الخاصة والعامة بإجراء أبحاث حول جدوى جهود الاستعمار طويل المدى واتخاذ خطوات نحو وجود إنساني دائم على سطح المريخ. وتشمل وكالات الفضاء المشاركة في الأبحاث أو التخطيط للبعثات “ناسا” ووكالة الفضاء الروسية الفيدرالية وإدارة الفضاء الوطنية الصينية. أما المؤسسات الخاصة، فتشمل “سبيس إكس” و”لوكهيد مارتن” و”بوينغ”.

المسبار “فينكس”

نقل موقع “واي باك ميشن” عن “ناسا” عبر وكالات إخبارية قولها إن مشروع “فينكس” أو “هابطة المريخ”:Phoenix  أو Phoenix Mars lander هو مشروع يندرج ضمن إستراتيجية جديدة لوكالة الفضاء الأميركية لجعل الكشف عن الماء المهمة الأساسية للرحلات المقبلة إلى سطح كوكب المريخ، تحت عنوان “ملاحقة الماء”، إذ حط المسبار “فينكس” بنجاح على سطح المريخ في منطقة الوادي الأخضر (Green Valley) في الـ25 من مايو (أيار) عام 2008. وتصف “ناسا” الفترة التي حط بها المسبار بأنها فترة مناسبة لنجاح المهمة، وهي نهاية فصل الربيع في نصف الكرة الشمالي لأن الشمس ستقوم بتغذية المسبار بالكهرباء طوال اليوم المريخي.

أخيراً، ما تقوم به وكالات الفضاء العالمية من برامج لاستكشاف الكواكب المجاورة بحثاً عن أرض ثانية يستعمرها البشر هو جهد كبير، وتفوق موازنات بعض هذه البرامج الضخمة مليارات الدولارات، إذ تتميز هذه البرامج بمرونتها العالية وتغيّر أحداث بعضها بصورة شبه يومية بناء على نتائج الأبحاث المخبرية والتجارب العملية.

نقلاً عن : اندبندنت عربية