قبل أيام أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن الروبل الرقمي سيستخدم في نظام الموازنة الفيدرالية اعتباراً من العام المقبل، مؤكداً أن مستوى الرقمنة في الخدمات المالية في بلاده يتفوق على المتوسط العالمي.
وأشار إلى تعافي الاقتصاد الروسي على رغم التحديات، إذ سجل أقل معدل بطالة في تاريخ روسيا، مشدداً على أهمية تنسيق الجهود بين الحكومة والبنك المركزي لمواجهة التضخم المرتفع، داعياً إلى زيادة المعروض من السلع والخدمات بما يتماشى مع الطلب للحد من ارتفاع الأسعار، موضحاً أن خفض التضخم يتطلب إجراءات مشتركة وعملاً منسقاً، معتبراً ذلك دعوة مباشرة للعمل.
وفي ما يتعلق بالشركات الغربية أكد بوتين أن السلطات لم تجبر أية شركة على مغادرة البلاد، مشيراً إلى أن معظم الشركات الأميركية والأوروبية تواصل العمل في السوق الروسية، لافتاً إلى أن بعض الشركات فضلت البقاء أو نقل إدارتها إلى أطراف أخرى، فيما غادرت نسبة محدودة السوق بصورة نهائية.
وفي إطار آخر شدد الرئيس الروسي على أهمية الحد من التضخم، وتعزيز التنسيق بين الهيئات المعنية لتحقيق استقرار اقتصادي مستدام.
من جهتها قالت محافظة البنك المركزي ألفيرا نابولينا إن التضخم السنوي الحالي، الذي يبلغ نحو تسعة في المئة، لم يبدأ في التراجع بعد، لكنه يتوقع أن ينخفض تدريجاً حتى يصل إلى النسبة المستهدفة البالغة أربعة في المئة بحلول عام 2026.
لا حاجة إلى خطوات طارئة لدعم سعر الصرف
وقبل أيام قال البنك المركزي الروسي إنه لا حاجة إلى اتخاذ خطوات طارئة لدعم سعر صرف الروبل، إذ إن الإجراءات المتخذة بالفعل كافية لتحقيق الاستقرار في وضع السوق.
وتراجعت قيمة العملة الروسية بعد فرض الولايات المتحدة عقوبات في الـ21 من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي على أكثر من 50 مؤسسة مصرفية، منها مصرف “غازبروم بنك”، الذي يعد القناة الرئيسة للمدفوعات الخاصة بصادرات الغاز الروسي.
وأجبر ذلك بنك روسيا المركزي على وقف شراء العملات الأجنبية بموجب قاعدة الموازنة، مما أسهم في تقليص خسائر الروبل وسط تكهنات حول زيادة أخرى في سعر الفائدة الرئيس.
وأوضح نائب رئيس البنك المركزي الروسي فيليب غابونيا أن “التدابير المتخذة كافية، ونرى بوادر استقرار في الوضع”.
وقال إن النظام المالي يحتاج إلى وقت للتكيف، مشيراً إلى أن العقوبات كانت “عوامل غير متكررة” تسببت في “اختلالات قصيرة الأجل” في السوق.
وفي تعاملاته الأخيرة، ارتفع الروبل 1.39 في المئة إلى 106.49 في مقابل الدولار، بعد أن تعافى لفترة وجيزة إلى 104.50 خلال الجلسة.
ووصلت العملة الروسية إلى أضعف مستوياتها منذ مارس (آذار) 2022، الذي كان أول شهر كامل لحرب أوكرانيا.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي تصريحات حديثة قال وزير الاقتصاد مكسيم ريشيتنيكوف “نفترض أنه بمجرد أن يتراجع التوتر في السوق، سيعود سعر الصرف للقيمة الأساسية”، مشيراً إلى أن البنوك وتدفقات النقد الأجنبي في حاجة إلى التكيف مع العقوبات الجديدة.
وفي السياق ذاته أشار المتحدث الرسمي باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، إلى أن تآكل الدولار آخذ في الازدياد.
ورداً على سؤال عما إذا كان تهديد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب بإجبار الدول على الاستمرار في استخدام الدولار في التسويات التجارية الدولية هو عنصر من عناصر الحرب التجارية، قال بيسكوف “بدأ الدولار يفقد جاذبيته كعملة احتياط لعدد من البلدان، وهذه عملية تآكل لجاذبية الدولار، إنها مستمرة وتكتسب القوة”.
وشدد على أن الأمر لا يتعلق فقط بدول تجمع “بريكس”، مضيفاً “بصورة عامة، بدأ مزيد ومزيد من البلدان في التحول إلى استخدام العملات الوطنية لإبرام الأنشطة التجارية والاقتصادية والأجنبية”، مشيراً إلى أن “هذه عملية تكتسب زخماً في جميع أنحاء العالم”.
وفي سياق متصل وخلال تعليقه على تهديد ترمب بفرض رسوم 100 في المئة إذا أنشأت دول “بريكس” عملتها الخاصة أو استمرت في التخلي عن الدولار لصالح العملات الوطنية، أكد بيسكوف أنه “في حال استخدمت الولايات المتحدة القوة، كما يقولون، أي تستخدم نوعاً من التأثير الاقتصادي لإجبار الدول على التعامل بالدولار، فمن المحتمل أن تعزز هذه الاتجاهات عملية التحول إلى العملات الوطنية”.
الدولار يستحوذ على 58 في المئة من الاحتياطات
وفي كلمته خلال قمة “بريكس”، قال الرئيس الروسي إن الاقتصاد العالمي مقبل على مرحلة من تعدد الأقطاب، مشيراً إلى أنه بات من الماضي أن تتحكم دولة واحدة في توجه الاقتصاد العالمي. وأشار إلى أن “اتساع التكتل زاد من قدرته على خلق تأثير إيجابي وحقيقي في الوضع في الاستقرار والاقتصاد العالميين”.
وتصدرت فعاليات القمة فكرة التخلص من الدولار في المعاملات البينية في دول التكتل، مع تزايد العقوبات الأميركية على روسيا منذ بدء الحرب في أوكرانيا.
ويشار إلى أنه على رغم أن البنوك المركزية عملت على تنويع حيازاتها، فإن نحو 58 في المئة من احتياطات النقد الأجنبي موجودة بالدولار، كما أن تأثيرات شبكة الدولار تضع البنوك الأميركية في مركز أنظمة المدفوعات العالمية.
وشدد الرئيس الروسي على ضرورة إنهاء ما يسمى بعصر هيمنة الدولار، ودعا الدول الأعضاء إلى توسيع التبادلات التجارية بالعملات الوطنية.
ولفت بوتين إلى أن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن عد الدولار “العملة المهيمنة” لبلاده، إلى جانب تفوقها العسكري والتكنولوجي وشبكة لا تضاهى من التحالفات والشراكات، كسبب رئيس في تفوق واشنطن.
وقال بوتين “الولايات المتحدة نفسها قامت في الآونة الأخيرة بتقويض أسس النظام المالي العالمي الحر، وتحويل عملتها إلى سلاح يمكن تسليطه على كل من يفكر في معارضة قرارات واشنطن”.
وفي تقرير حديث لوزارة المالية الروسية، شددت على أن العالم يحتاج إلى آليات دفع جديدة غير مرتبطة بالدولار الأميركي ونظام “سويفت”. وذكرت أنه “في المستقبل القريب ستسعى المجموعة إلى إصلاح أكثر جوهرية، بما في ذلك وظيفة مقرض الملاذ الأخير للنظام غير الدولاري، في إشارة إلى صندوق النقد”.
وأشار التقرير إلى أنه كان من المفترض أن يلعب صندوق النقد الدولي دور المقرض الأخير للعالم أجمع، لكنه خاضع الآن لسيطرة الغرب ولا يؤدي هذه الوظيفة لصالح الدول الفقيرة وغير الصديقة للولايات المتحدة.
نقلاً عن : اندبندنت عربية