اكثر اللحظات مللًا، عند مشاهدة مباراة كرة بالدوري المصري في التلفزيون، ورغم إن كل المعطيات والإشارات والاعلانات تشير إنها مباراة في كرة القدم. لكنك تتساءل بعد دقائق قليلة،: هل ما نشاهده في ملاعبنا له علاقة فعلًا بهذه اللعبة التي يعشقها الملايين حول العالم؟

 

قصة المباراة الحزينة تبدء من ملعب المباراة إنه أول ما يلفت انتباهك.. أرضية غير متناسقة، وعشب يبدو وكأنه يمر بأزمة منتصف العمر، وخطوط بالكاد ترى بالعين المجردة. مقارنة بملاعب أوروبا أو حتى بعض الدول العربية، ملاعبنا تبدو وكأنها نجت بالكاد من حرب أهلية. كيف يمكن أن تُلعب كرة قدم حقيقية على مثل هذه الأرضيات؟

اما عن الأداء فحدث ولا حرج عشوائية بلا هوية

مستوى فني غير معلوم، فهل هي قصة أخرى من العشوائية، القرارات غير مفهومة، والتمريرات خاطئة، لاعبون يركضون بلا هدف، ومدربون تبدو تعليماتهم وكأنها مجرد كلمات جوفاء. هل نحن أمام كرة قدم أم مجرد هرولة بلا معنى؟ لا يوجد نسق، لا يوجد إيقاع، لا يوجد ما يجذب العين سوى محاولات فردية قد تضيء للحظات، قبل أن تعود الفوضى للسيطرة.

اما عن التحكيم.. فهو دراما بلا نهاية وإذا كنت تبحث عن الإثارة، فلا داعي لمتابعة المباراة نفسها، يكفي أن تتابع قرارات الحكام. الأخطاء بالجملة، الاعتراضات بلا توقف، والـ”فار” وكأنه جهاز لتوزيع الأوهام. المشهد يبدو وكأنه مسرحية هزلية، حيث الجميع غاضب والجميع يرى نفسه مظلومًا، والنتيجة: المزيد من الجدل، والقليل من كرة القدم.

 

التلفزيون والمعلقون.. إنه الملل بصوته الأعلى

وما يزيد الطين بلة، هو التعليق. بدلاً من أن يكون صوتًا يشعل الحماس ويضيف متعة للمباراة، يتحول إلى مونولوج ممل مليء بالتكرار والمبالغات التي لا علاقة لها بالواقع. التعليق في بلادنا أصبح فنًا في قتل المتعة، حيث يبدو أن بعض المعلقين يتعاملون مع المباراة وكأنها فرصة لإلقاء محاضرة عن التاريخ أو لسرد نكات قديمة فقدت صلاحيتها.

 

ومايزيد المشهد دراما المدرجات التي بلا حياة فأضحت الملعب مقبرة صامتة وكرة القدم بلا روح.. إنه أحد أسباب فقدان كرة القدم المصرية لمتعتها الحقيقية، فلا داعي لأن تذهب بعيدًا.. فقط ألقِ نظرة على المدرجات. مقاعد فارغة، صمت قاتل، أصوات اللاعبين والحكام تُسمع بوضوح، وكأننا في حصة تدريبية لا في مباراة رسمية. أين الجماهير؟ أين الروح التي تُشعل الملعب وتحول المباريات إلى احتفالات كروية حقيقية؟

 

إلى أين نحن ذاهبون؟

السؤال الحقيقي هنا: إلى متى سنظل نطلق على هذا المنتج اسم “كرة قدم”؟ إلى متى سنكتفي بالصراخ والجدل دون أي محاولة حقيقية للتطوير؟ في الوقت الذي تتقدم فيه الكرة في كل مكان، نحن ما زلنا نراوح مكاننا، وربما نتراجع.

 

ربما حان الوقت لأن نعترف بالحقيقة: ما نراه في ملاعبنا ليس كرة قدم حقيقية، بل شيء آخر، شيء لا علاقة له باللعبة التي عشقناها يومًا. فهل من أمل في التغيير؟ أم أننا سنظل نبحث عن كرة القدم في أماكن أخرى، بينما نكتفي هنا بمشاهدة مسرحية متكررة، عنوانها العشوائية والملل؟ فهذه ليست كرة قدم حقيقية، بل مجرد نسخة مشوهة، ينقصها أهم عنصر في المعادلة.. الجماهير.

 

 [email protected]

نقلاً عن : الوفد