هل نحن معرضون للإصابة بإنفلونزا الطيور عبر تناول الدجاج؟

مع الارتفاع المستمر الذي تسجله حالات أنفلونزا الطيور التي تصيب البشر في مختلف أنحاء الولايات المتحدة، أثارت الإصابات بالسلالة “أتش 5 أن 1” H5N1 المسؤولة عن المرض مخاوف متزايدة بشأن استجابة البلاد ضد الفيروس والتهديد المحتمل بحدوث جائحة أخرى.

ومعلوم أن الفيروس “أتش 5 أن 1” يجد طريقه إلى البشر عبر مسارات عدة. في المزرعة، مثلاً، من الوارد أن يستنشق العمال جزيئات الهواء المحملة بالفيروس، أو أن يلتقطوا الجراثيم من حيوانات مريضة أو أسطح أخرى ثم يلمسون وجوههم وأعينهم، أو أن يشربوا حليب الأبقار غير المبستر [تتطلب عملية البسترة تسخين الحليب حتى درجة حرارة معينة لقتل الفيروسات والبكتيريا].

ويُعتقد أن الأشخاص الذين لم يلمسوا أي دواجن تحمل الفيروس ولم يقتربوا منها أو من مصادر أخرى ملوثة بالفيروس يبقى خطر إصابتهم بالعدوى متدنياً جداً. ولم تُسجل أي إصابات نتيجة تناول الدواجن أو منتجات الدواجن المطبوخة بشكل صحيح، أو من طريق التعامل السليم مع لحوم الدواجن [بمعنى تخزينها بشكل سليم، وغسل اليدين بعد لمسها، وطهوها بطريقة تضمن القضاء على أي فيروسات محتملة].

وقفز عدد الحالات المؤكدة هذا الأسبوع حتى بلغ 53 حالة في أقل تقدير، وذلك بعد الإبلاغ عن إصابات جديدة بفيروس “أتش 5 أن 1” في الولايتين الأميركيتين كاليفورنيا وأوريغون. وظهرت غالبية هذه الحالات في صفوف أشخاص تعاملوا مع حيوانات مصابة أو تواجدوا على مقربة منها.

ويثير الانتشار المستمر للفيروس، الذي أصاب 30 في المئة من قطعان الأبقار المستخدمة لإنتاج الحليب في كاليفورنيا، المعروفة أيضاً باسم الولاية الذهبية، مخاوف بشأن استجابة الولايات المتحدة ويفاقم التهديد المحتمل بحدوث جائحة أخرى.

 

تذكيراً، في عام 2009، أدى فيروس “أنفلونزا الخنازير” (أتش 1 أن 1) H1N1 إلى ظهور أول جائحة عالمية من الأنفلونزا منذ 40 عاماً، ورُصدت الإصابات الأولى به في كاليفورنيا. توفي حينها أكثر من 12 ألف شخص في مختلف أنحاء الولايات المتحدة، وأصيب زهاء 61 ألف شخص. كانت “أنفلونزا الخنازير” تتصدر عناوين الأخبار باستمرار بينما كانت المجتمعات تحاول أن تتابع أعداد المصابين والوفيات التي يخلفها هذا الفيروس المعدي.

والآن، وبعد مرور أكثر من 15 عاماً على تلك الجائحة، دعا مستخدمون على وسائل التواصل الاجتماعي “مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها” في الولايات المتحدة إلى توفير اللقاحات المضادة وغيرها من وسائل الحماية لأي شخص يواجه خطراً محتملاً للإصابة بفيروس “أتش 5 أن 1” المسبب لأنفلونزا الطيور.

ومن بين الحالات المسجلة في منطقة غرب المحيط الهادئ في الفترة الممتدة بين يناير (كانون الثاني) 2003 وسبتمبر (أيلول) الماضي، بلغ معدل الوفيات 54 في المئة، وفق “منظمة الصحة العالمية”.

ولقيت استجابة الولايات المتحدة ضد الفيروس انتقادات شديدة يوم الثلاثاء الماضي في مقال افتتاحي نشرته صحيفة “نيويورك تايمز”. وذكر مدير “مركز الاستجابة للأوبئة والابتكار” في جنوب أفريقيا أنه يراقب انتشار “أتش 5 أن 1” “بقلق”، ووصفه بأنه “تهديد خطير بحدوث جائحة”.

وكتب الدكتور توليو دي أوليفيرا: “ومع ذلك، جاءت استجابة الولايات المتحدة غير كافية وبطيئة الخطى، ذلك أن البيانات المتاحة أمام العلماء والخاصة بالتسلسلات الجينية لإصابات “أتش 5 أن 1” لدى حيوانات المزرعة قليلة جداً. وأضاف أن “الإخفاق في السيطرة على فيروس “أتش 5 أن 1″ بين أعداد الماشية الأميركية ربما تترتب عليه عواقب عالمية، ويتطلب هذا الخطر اهتماماً عاجلاً. ولكن الولايات المتحدة لم تبذل جهوداً كبيرة لطمأنة العالم بأنها تمكنت من احتواء تفشي المرض”.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي وقت أبلغت الولايات عن إصابات إضافية بين عمال المزارع، قالت السلطات الصحية الكندية إن مراهقاً تدهورت حالته الصحية بعد الإصابة، إلا أن المسؤولين أكدوا أن الأخطار على الجمهور تظل منخفضة. وأكد “مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها” أنه يراقب الوضع بعناية.

وفي تصريح إلى “ستات نيوز” Stat News، المنصة الإخبارية المتخصصة بالصحة والطب والعلوم، قال علماء إن الفيروس الذي أصاب المراهق الكندي طرأت عليه طفرات جينية في الشيفرة الوراثية جعلت سلالة “أتش 5 أن 1” أكثر قدرة على إصابة البشر. ولكن لا دليل على أنها أصابت أي شخص آخر.

بينما تزايدت الحالات في الولايات المتحدة بين البشر والحيوانات، حيث أعلنت هاواي عن أول تفشٍ للفيروس بين دواجن تعيش في مزرعة في فناء أحد المنازل، أشارت الوكالة الإخبارية أيضاً إلى أن التسلسل الجيني للفيروس الذي تسبب بالإصابات في مزارع الدواجن في واشنطن قد حدد طفرة جينية من شأنها أن تجعل تأثير أدوية مثل “تامفيلو” Tamiflu الذي يعمل كمثبط للإنزيم “النورامينيداز” neuraminidase [يساعد الفيروس على التكاثر والانتشار داخل الخلايا] أقل فاعلية في مكافحة الفيروس.

أشار “مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها” إلى أن “الانخفاض الطفيف لأثر العلاج بالفيروس لا يعني أنه بات مقاوماً تماماً للدواء. ومن غير المرجح أن يكون لهذه الطفرة الجينية تأثير ملموس على الفائدة السريرية لـ”أوسيلتاميفير” oseltamivir، الذي يوصى به كعلاج مضاد لفيروسات أنفلونزا الطيور من نوع ’أتش 5’”.

ومعلوم أن مقاومة الأدوية، المعروفة أيضاً بمقاومة المضادات الحيوية، تحدث عندما لا تعود البكتيريا والفيروسات والفطريات والطفيليات تستجيب للأدوية المضادة للميكروبات المصممة للقضاء عليها. وفي النتيجة، يصبح علاج العدوى صعباً أو محالاً. وفي الأساس، مقاومة الأدوية عملية طبيعية تتطور تدريجاً بمرور الزمن نتيجة لطفرات جينية تطرأ على الكائنات المسببة للأمراض.

وتسجل الولايات المتحدة سنوياً ما يزيد على 2.8 مليون حالة عدوى مقاومة للمضادات الحيوية، ما يقود إلى وفاة أكثر من 35 ألف شخص، وفق تقرير صادر عن “مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها” في عام 2019.

وفي وقت سابق من العام الحالي، قال “مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها” أنه تتبع سلالات من أنفلونزا “أتش 1 أن 1″H1N1  ذات طفرات مزدوجة لدى مرضى أميركيين. وكانت لدى السلالات طفرات جينية من شأنها أن تقلص فاعلية الدواء المضاد الرئيس للأنفلونزا.

نقلاً عن : اندبندنت عربية