اشتهر أغنى رجل في العالم حالياً إيلون ماسك منذ فترة طويلة بروحه التنافسية وبقائمة منافسيه بعدما تحدى مالك موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” مارك زوكربيرغ، كما وصف رئيس “أمازون” جيف بيزوس بأنه “مقلد”، وأخيراً رفع دعوى قضائية ضد سام ألتمان من “أوبن أول”.
وأصبح إيلون ماسك أول شخص يصل صافي ثروته إلى 400 مليار دولار بعدما زادت بصورة كبيرة منذ فوز الرئيس المنتخب دونالد ترمب الشهر الماضي، ليكون أغنى شخص في العالم.
وعززت عملية بيع أسهم من الداخل لشركة “سبايس إكس” المملوكة له، صافي ثروة ماسك بنحو 50 مليار دولار، وفقاً لمؤشر “بلومبيرغ” للمليارديرات، كذلك ارتفعت أسهم شركة “تيسلا إنك” إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق أول من أمس الأربعاء، مما دفع ثروة ماسك إلى 447 مليار دولار.
حتى الآن، كانت هذه منافسات تجارية وشخصية بين بعض أغنى وأنجح الأشخاص في العالم، ولكن مع نفوذ ماسك الجديد في إدارة دونالد ترمب المقبلة وموقعه كـ”الصديق الأول”، يخشى البعض من أنه قد يستخدم سلطة الحكومة لمصلحة شركاته الخاصة والإضرار بمنافسيه.
ويمكن أن يأتي ذلك في صورة بدء تحقيقات حكومية أو إسقاطها، وإنشاء لوائح أو إضعافها، ومنح العقود الحكومية لمصلحة شركاته.
أحد محللي القانون والتكنولوجيا قال إلى شبكة “سي أن أن”، إن “الحكومة الفيدرالية تمتلك مجموعة من الأدوات في صندوق أدواتها”، متسائلاً “لكن هل سيخضع استخدام تلك الأدوات لمعايير موضوعية؟ من خلال التنظيم والقوانين والعملية العادية للتدخل الحكومي في الاقتصاد، أم أنه سيخضع للدوافع المادية، سواء للرئيس أو لماسك؟”.
وتابع، “إذا كان كل ما يتطلبه الأمر هو أن يقول ماسك مرحباً، يجب على وزارة العدل التحقيق معهم، فإن ذلك سيسبب كثيراً من الصداع”.
صراع مع بيزوس على لقب أثرى رجل في العالم
غالباً ما يتنافسا بيزوس وماسك ضد بعضهما بعضاً في تصنيفات “أغنى شخص في العالم”، لكنهما كانا أيضاً متنافسين عندما يتعلق الأمر بصناعة الفضاء، إذ تتنافس كل من “سبيس إكس” التابعة لماسك، و”بلو أورغينز” التابعة لبيزوس على عقود الحكومة الفيدرالية، والآن مع ارتباط ماسك بقوة بإدارة ترمب، يتساءل البعض، عما إذا كان سيستخدم نفوذه لتعزيز مكانة شركته “سبيس إكس” المهيمن بالفعل كمقاول حكومي؟
ولا يقتصر الأمر على العقود الحكومية مع وكالة “ناسا” للصواريخ المتناثرة والرحلات إلى محطة الفضاء الدولية، ويتنافس مشروع “كويبر” من “أمازون” أيضاً مع “ستارلينك” من “سبيس إكس” في صناعة أنظمة الأقمار الاصطناعية ذات المدار المنخفض، وتتطلب هذه الأنظمة قدراً لا بأس به من الموافقات التنظيمية وموافقات الإطلاق، وتعمل “أمازون” على إطلاق نحو 3200 قمر اصطناعي في مدار أرضي منخفض.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
إلى ذلك، يعتقد أحد المسؤولين التنفيذيين الأوائل في “سبيس إكس” جيم كانتريل، الذي يدير الآن شركة “فانتوم سبيس كوربريشن” أن التنافس ما بين ماسك وبيزوس شخصي أكثر بكثير من أي شيء ويجب أن يقلق أي شخص”. أوضح أنه “بينما سيدافع ماسك عن التغييرات التي يمكن أن تفيد شركاته، فإنها ستفيد أيضاً منافسيه”، مشيراً إلى أن دعوة ماسك لتسويق صناعة الفضاء ومحاربة اللوائح التي يعتقد أنها تبطئ الصناعة سترفع المد لجميع منافسيه، بما في ذلك هو نفسه”، لافتاً إلى أن بعض هذه الإجراءات قد تؤدي في النهاية إلى مساعدة أفضل منافس في هذا المجال، والذي تصادف أنه شركات “ماسك”.
وأضاف، “أعتقد أن شركة (بلو إرويغين) يجب أن تشعر بالرعب في شأن أدائها”، وقد يكون لديها سبب آخر للقلق، بعد أن عين ترمب غاريد إسحاقمان، الذي تربطه علاقات وثيقة مع ماسك، مديراً لوكالة “ناسا”.
من جانبه قال بيزوس إنه ليس قلقاً في شأن ماسك في واشنطن، مضيفاً “أعتبر ما قيل على محمل الجد، وهو أنه لن يستخدم سلطته السياسية لمصلحة شركاته أو الإضرار بمنافسيه”، قائلاً “قد أكون مخطئاً في شأن ذلك، لكنني أعتقد أنه قد يكون صحيحاً”.
خلافات طويلة بين إيلون ماسك و”أوبن أول”
كان عداء ماسك مع “أوبن أول” التابع لشركة سام ألتمان طويل الأمد، إذ أقام ماسك (ساعد في تأسيس الشركة عام 2015) دعوى قضائية ضد الشركة للمرة الأولى في فبراير (شباط) الماضي، متهماً الشركة المصنعة لـ”شات جي بي تي” بالتخلي عن مهمتها الأصلية غير الربحية من خلال الاحتفاظ ببعض تقنيات الذكاء الاصطناعي الأكثر تقدماً لعملاء القطاع الخاص.
وقد دافع ماسك عن أنظمة الذكاء الاصطناعي “مفتوحة المصدر” وأصدر علناً الكود الكامن وراء برنامج الدردشة الآلي “جي روك” الذي صنعته شركته الخاصة “إكس أول”.
وقد سعت الدعوى القضائية الأصلية التي أقامها ماسك إلى إجراء محاكمة أمام هيئة محلفين، وأن تقوم شركة “أوبن أول” وسام التمان والمؤسس المشارك والرئيس غريغ بروكمان بسداد أي أرباح حصلوا عليها من الشركة، فيما وصفت “أوبن أول” ادعاءات ماسك بأنها “غير متماسكة وتافهة”.
وقد أسقط ماسك الدعوى بعدما نشرت “أوبن أول” عديداً من رسائل البريد الإلكتروني الخاصة بماسك منذ الأيام الأولى لعمل “أوبن أول”.
ويبدو أن رسائل البريد الإلكتروني تظهر اعتراف ماسك في حاجة الشركة إلى جني مبالغ كبيرة من المال لتمويل موارد الحوسبة اللازمة لدعم طموحاتها في مجال الذكاء الاصطناعي، وهو ما يتناقض مع الادعاءات في دعواه القضائية بأن “أوبن أول” كانت تسعى بصورة خاطئة إلى الربح.
ومع ذلك أعاد ماسك فتح المعركة القانونية في أغسطس (آب) الماضي، إذ أقام دعوى قضائية جديدة ضد “أوبن أول” والتمان، مع الادعاء نفسه بصورة أساسية بأن الشركة الناشئة تقوض مهمتها غير الربحية من خلال الشراكة مع “مايكروسوفت” وتسويق بعض المنتجات.
هل يمكن تقليص قدرات الشركات المنافسة؟
البيانات تشير إلى أنه تم إنشاء “أوبن أول” كمختبر أبحاث غير ربحي مع ذراع ربحية، لكنها فكرت في إعادة الهيكلة لتصبح شركة أكثر تقليدية هادفة للربح يمكن أن تؤدي إلى مزيد من العائدات للمستثمرين وهي خطة استهدفها ماسك أيضاً.
وبغض النظر عن الكيفية التي ستنتهي بها هذه القضية في نهاية المطاف، فمن المحتمل أن يستغل ماسك علاقته بالرئيس دونالد ترمب، إضافة إلى صداقته مع ديفيد ساكس، الذي عينه ترمب ليكون مسؤولاً عن الذكاء الاصطناعي والعملات المشفرة في البيت الأبيض.
وقال رئيس أبحاث التكنولوجيا في مجموعة “دي إي” الاستثمارية جيل لوريا إن بإمكان ماسك على سبيل المثال الضغط على الحكومة للعمل مع شركات الذكاء الاصطناعي ومنحها عقوداً مربحة مثل شركته، ومثل هذه الخطوة يمكن أن تفيد أيضاً شركة “ميتا”، التي يسعى رئيسها التنفيذي زوكربيرغ إلى تحسين علاقته مع ترمب.
وقال إنه يريد “دوراً نشطاً” في مناقشات سياسة التكنولوجيا مع الرئيس المنتخب.
وأضاف لوريا، “يمكن للحكومة أن تقرر إفادة شركات معينة، وتقنيات معينة، وسيكون ذلك ضمن نطاق الاحتمال”، معتقداً في النهاية أنه من غير المرجح أن يستخدم ماسك نفوذه السياسي لإلحاق الضرر بالمنافسين، كما يمكن أن يدفع ماسك أيضاً الكونغرس أو دائرة الإيرادات الداخلية للتدخل في قدرة “أوبن أول” على التحول من مؤسسة غير ربحية إلى شركة هادفة للربح.
ومع ذلك قال ألتمان إنه ليس قلقاً في شأن الأنشطة السياسية التي يقوم بها ماسك والتي تضر بشركته، مضيفاً “أعتقد اعتقاداً راسخاً أن ماسك سيفعل الشيء الصحيح، وسيكون من غير المنطقي على الإطلاق استخدام السلطة السياسية، لا أعتقد أن الناس سيتسامحون مع ذلك لا أعتقد أنه يستطيع فعل ذلك، سيكون ذلك ضد القيم التي أعتقد أنه يحملها”.
نقلاً عن : اندبندنت عربية