نشرت صحيفة “ذا إيكونوميست” في الـ 16 من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي مقالة تناولت فيها موضوع الارتفاع المفاجئ في اعتماد الذكاء الاصطناعي (AI)، ولا سيما في مراكز الاتصال، مما يثير التساؤل عما إذا كان بإمكان هذه الأدوات المستجدة في مجالات الأعمال إنقاذ خدمة العملاء، التي غالباً ما تعرف بإحباط العملاء أكثر من خدمتهم.
وفي التفاصيل أنه ثمة حادثة حصلت عندما واجهت “سونوس” Sonos، الشركة المصنعة لأنظمة صوتية منزلية، رد فعل عنيف بسبب تحديث للتطبيق جاء مليئاً بالخلل.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ورداً على ذلك وظفت “سونوس” شركة “سييرا” Sierra، وهي شركة ناشئة شارك في تأسيسها بريت تايلور مدير “أوبن أيه آي” OpenAI، لإنشاء روبوت لخدمة العملاء يعمل بالذكاء الاصطناعي، والمثير للدهشة أن الروبوت لم يتعامل مع شكاوى العملاء بصورة فعالة وحسب، بل ابتكر أيضاً حلاً بديلاً خاصاً به لإحدى مشكلات التطبيق.
وتابعت المقالة أنه يتم دمج الذكاء الاصطناعي التوليدي بصورة متزايدة في خدمة العملاء، إذ توقع ما يقارب نصف المديرين التنفيذيين في هذا المجال، في استطلاع حديث لشركة “غارتنر” Gartner، تأثيراً لافتاً ما بين الـ 12 إلى 18 شهراً المقبلة، فقطاع خدمة العملاء واسع ويوظف ما يقارب 3 ملايين عامل في الولايات المتحدة وحدها، بمتوسط راتب مقداره 40 ألف دولار، بإجمال يساوي 120 مليار دولار في كلف الأجور سنوياً.
وينظر كثير من العمال في دول مثل الهند والفيليبين إلى هذه الوظائف على أنها طريقة للارتقاء إلى الطبقة الوسطى، ومع ذلك فقد ساءت سمعة قطاع خدمة العملاء بسبب استخدامها التكنولوجيا، ويشير المؤسس الشريك في شركة “ألوريكا” Alorica آندي لي إلى أن الشركات غالباً ما تضع عمليات محبطة لتوفير الكُلف، مما يجبر العملاء على الضغط على مجموعة أزرار والتحدث إلى الروبوتات المعقدة التي تقدم إجابات عامة، وهو تكتيك يُعرف بـ “المراوغة”، وإلا فيشارك في العملية الموظفون البشر مما يؤدي إلى زيادة الكُلف وتفاقم غضب العملاء والموظفين على حد سواء.
ويراهن المستثمرون الآن على الذكاء الاصطناعي التوليدي لتحسين هذا الوضع، وقد بلغ تمويل الشركات الناشئة في هذا المجال 171 مليون دولار على مستوى العالم خلال الربع الثالث من العام، أي بزيادة كبيرة مقارنة مع 45 مليون دولار في العام السابق.
يذكر أن شركات مثل “كريشندو” Crescendo و”سييرا” شهدت ارتفاعاً حاداً في تقييماتها مما يشير إلى اهتمام المستثمرين القوي بها، وتدخل شركات التكنولوجيا الكبرى، بما فيها “ألفابيت” Alphabet و”أمازون” Amazon و”مايكروسوفت” Microsoft، أيضاً مساحة خدمة العملاء العاملة بالذكاء الاصطناعي التوليدي، وتطور خدمات خاصة بها بالاعتماد على المواد التدريبية التي تلقنها إياها الشركة وتفاعلات خدمة العملاء السابقة.
وتكمل المقالة بأن المناقشات حول دور هذه الروبوتات مستمرة، ويعتقد بعضهم أنه بينما يمكن للذكاء الاصطناعي المساعدة فإنه لا يزال يتعين على البشر إدارة التفاعلات مع العملاء، فيما يجادل آخرون بأن روبوتات الذكاء الاصطناعي التوليدية أصبحت الآن متطورة بما يكفي للتعامل مع معظم الاستفسارات بصورة مستقلة.
وأعلنت شركة “تويليو” Twilio أخيراً عن أداة جديدة تسمح للعملاء بإنشاء روبوتات محادثة قادرة على الاستماع والتحدث، مما يعزز تجربة العملاء بصورة أكبر، وإضافة إلى ذلك تتبنى بعض الشركات الناشئة “التسعير القائم على النتائج” وتفرض الرسوم بناء على النجاح في حل مشكلة العميل بدلاً من الوقت الذي يقضيه الموظف في حلها.
ولا تزال آراء العملاء في شأن الذكاء الاصطناعي غير واضحة، فبينما يدعي المؤيدون أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يقضي على أوقات الانتظار الطويلة ويقدم دعماً متعدد اللغات، كشف استطلاع “غارتنر” عن أن 64 في المئة من العملاء يفضلون عدم التفاعل مع الذكاء الاصطناعي خوفاً من تعقيد الوصول إلى الموظفين البشر، ولا تزال الرغبة في الاتصال البشري قوية، كما أشار روب جولر من “كليرسورس” Clearsource، كما تظهر مخاوف أيضاً في شأن الآثار المترتبة على وظائف مراكز الاتصال. ويتوقع “غارتنر” انخفاضاً محتملاً ما بين 20 و 30 في المئة في هذه الأدوار بحلول عام 2026 بسبب الذكاء الاصطناعي التوليدي، وتركز “كليرسورس” حالياً على استخدام الذكاء الاصطناعي لتدريب ودعم الموظفين البشر.
علاوة على ذلك أثارت الموجات التكنولوجية التاريخية السابقة في مجال خدمة العملاء مخاوف من فقدان الوظائف، وهي في نهاية المطاف لم تتحقق، ومع ذلك فقد يكون الوضع مختلفاً مع الذكاء الاصطناعي، وإذا نجح في تقليص الوظائف البشرية فقد يتمكن الموظفون البشر من تكريس مزيد من الوقت للمهمات الإبداعية وتحسين المنتجات بدلاً من التعامل مع العملاء الغاضبين، مما قد يؤدي إلى تغيير القطاع للأفضل.
نقلاً عن : اندبندنت عربية