أظهرت مذكرة لوزارة الخارجية الأميركية اطلعت عليها “رويترز” أن وزير الخارجية ماركو روبيو أصدر أمس الثلاثاء إعفاء للمساعدات الإنسانية المنقذة للحياة خلال فترة توقف للمساعدات الخارجية مدتها 90 يوما بينما تجري واشنطن مراجعة.

بعد ساعات فقط من توليه منصبه قبل أسبوع، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب تعليق المساعدات الخارجية حتى يتسنى مراجعة ما إذا كانت تتوافق مع سياسته “أمريكا أولا”.

ويأتي الإعفاء الذي صدر أمس الثلاثاء للمساعدات المنقذة للحياة بعد أن منح روبيو إعفاء مبدئياً يوم الجمعة للمساعدات الغذائية الطارئة.

وعرف روبيو المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة بأنها الأدوية والخدمات الطبية والغذاء والمأوى والمساعدات المعيشية والإمدادات الأساسية المنقذة للحياة، والتكاليف الإدارية المعقولة اللازمة لتقديم هذه المساعدة.

وجاء في مذكرة روبيو “لا ينطبق هذا الإعفاء على الأنشطة التي تنطوي على عمليات الإجهاض، ومؤتمرات تنظيم الأسرة… وبرامج أيديولوجية الجنس أو التنوع والمساواة والشمول، وجراحات المتحولين جنسيا، أو غيرها من المساعدات غير المنقذة للحياة”.

ويهدد توقف المساعدات الخارجية الأميركية بوقف مليارات الدولارات من المساعدات المنقذة للحياة. والولايات المتحدة هي أكبر مانح منفرد للمساعدات على مستوى العالم. وفي السنة المالية 2023، أنفقت واشنطن 72 مليار دولار على المساعدات.

إيقاف موقت

وأوقفت قاضية أميركية أمس الثلاثاء موقتاً جزءاً من التوجيه الشامل الذي أصدرته إدارة الرئيس دونالد ترمب بإيقاف المنح والقروض الاتحادية وغيرها من المساعدات المالية، في فوز لجماعات ضغط قالت إن هذه السياسة ستكون مدمرة.

وفي جلسة في المحكمة الاتحادية في واشنطن العاصمة، أمرت القاضية المحكمة الجزئية لورين علي خان إدارة ترمب بعدم عرقلة تمويل البرامج القائمة بالفعل حتى الثالث من فبراير (شباط) المقبل.

وقالت القاضية إن حكمها الموقت يهدف إلى “الحفاظ على الوضع الراهن”. ولا يمنع هذا الحكم إدارة ترمب من تجميد التمويل للبرامج الجديدة، أو إلزامها باستئناف تمويل انتهى بالفعل.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وحددت القاضية موعداً لجلسة استماع أخرى هو يوم الإثنين الساعة 11 صباحاً بتوقيت شرق الولايات المتحدة (15.00 بتوقيت غرينتش) لتحديد الخطوات التالية.

ورفع المجلس الوطني للمنظمات غير الربحية والجمعية الأميركية للصحة العامة وتحالف الشارع الرئيسي ومنظمة سيج في وقت سابق أمس الثلاثاء دعوى قضائية ضد الأمر الذي أصدره القائم بأعمال رئيس مكتب الإدارة والميزانية الأميركي أول من أمس الإثنين. وكان من المقرر أن يدخل القرار حيز التنفيذ في الساعة الخامسة مساء بتوقيت شرق الولايات المتحدة (22.00 بتوقيت غرينتش) الثلاثاء.

وقالت المنظمات إن مكتب الإدارة والميزانية لا يحظى بسلطة إنهاء جميع برامج المساعدات المالية الاتحادية من جانب واحد في مختلف جهات الحكومة، وإن الأمر يستهدف متلقي المنح، بشكل جزئي، على أساس حقهم في حرية التعبير والتجمع بموجب التعديل الأول للدستور الأميركي.

وكان ماثيو فيث القائم بأعمال مدير مكتب الإدارة والميزانية قد قال إن الأموال سيتم تعليقها بينما تراجع إدارة ترمب المنح والقروض للتأكد من أنها تتماشى مع أولويات الرئيس، بما في ذلك الأوامر التنفيذية التي وقعها والتي تنهي برامج التنوع والمساواة والدمج.

وعلى نحو منفصل، قالت ولايات من بينها نيويورك وكاليفورنيا وماساتشوستس إنها سترفع دعاوى قضائية تستهدف الأمر.

وكانت الإدارة الأميركية الجديدة أمرت بتجميد مساعدات حكومية قد تصل إلى ترليونات الدولارات بدءا بالمنح الدراسية إلى القروض المخصصة للشركات الصغيرة، للتحقق من امتثال هذه البرامج “للأولويات الرئاسية” مما أثار غضب المعارضة.

ويطالب الأمر الرئاسي الذي نُشر بعد أسبوع من تنصيب الرئيس الجمهوري دونالد ترمب، جميع الإدارات والوكالات الفدرالية بتجميد جزء من الإنفاق على هذه المساعدات وإجراء مراجعة شاملة لها.

ويتعلق ذلك بمئات المليارات أو حتى تريليونات الدولارات التي توزع في مختلف أنحاء البلاد.

أنفقت الحكومة الفدرالية أكثر من 3000 مليار دولار العام الماضي على شكل “مساعدات مالية” تشمل المنح الدراسية والقروض والمساعدات الطارئة في حال وقوع كارثة طبيعية، وكلها بموافقة الكونغرس.

لكن الحكومة تريد الحفاظ على الأموال المدفوعة للأميركيين عبر نظام التقاعد أو الرعاية الصحية، وهو نظام التأمين الصحي المخصص لكبار السن.

ويأتي إعلان البيت الأبيض بعد أيام على خطوة مماثلة لتجميد المساعدات الأميركية الخارجية، إلى أن تخضع لمراجعة كاملة للتحقق من مدى امتثالها للسياسة التي يعتزم دونالد ترمب اتباعها.

ووعد الجمهوري خلال حملته الانتخابية بخفض عبء الدولة الفدرالية وتقليص الإنفاق.

وجاء في المذكرة “هذا التعليق الموقت سيعطي الحكومة الوقت لمراجعة برامج مختلف الهيئات ولتحديد أفضل السبل لاستخدام الأموال بما يتوافق مع القانون وأولويات الرئيس”.

ودافع البيت الأبيض الثلاثاء عن رغبة ترمب في تجميد جزء من الإنفاق على المساعدات الفدرالية، ووصفها بأنها “إجراء مسؤول للغاية”.

وأكدت المتحدثة كارولين ليفيت أن برامج المساعدات للأفراد لم تتأثر بهذا التجميد الذي أربك العديد من الخدمات الحكومية منذ نشر المذكرة مساء الإثنين.

وأكد البيت الأبيض الثلاثاء أن دونالد ترامب لديه “سلطة إقالة أي شخص” في الخدمة الحكومية، بعد الإعلان عن إقالة مفتشين عامين ومسؤولين في وزارة العدل، وهي إجراءات اعترض عليها الديموقراطيون.

وقالت ليفيت إن دونالد ترامب “رئيس السلطة التنفيذية، وبالتالي لديه سلطة إقالة أي شخص داخل السلطة التنفيذية إذا رغب في ذلك”.

وندّد مسؤولان ديمقراطيان بشدّة الثلاثاء بسعي الرئيس الأميركي إلى تجميد نفقات تلحظها الميزانية الفدرالية، واصفين الأمر بأنه “طعنة في قلب” عائلات أميركية.

وقال زعيم الأقلية الديموقراطية في مجلس الشيوخ تشاك شومر “إن هذا القرار غير قانوني وخطير ومدمر وقاس”.

ووصفه بأنه “طعنة في قلب الأسر الأميركية المتوسطة”، وأضاف “إنها عملية سطو، نفذت على نطاق وطني”.

وأوضح “لا يمكن للرئيس أن يتجاهل القانون، وسنحارب هذه المبادرة بكل الوسائل المتاحة”.

وقالت السيناتورة باتريشا موراي “إنه عمل غير مسبوق ويمكن أن تكون له عواقب كارثية على الناس في البلاد بأسرها”، مشيرة إلى قطاعات تعنى بالأطفال والأبحاث حول مرض السرطان ومكافحة الإدمان على الأفيونيات وإعادة بناء الطرق والدعم في مواجهة كوارث طبيعية.

وتابعت السيناتورة عن ولاية واشنطن “سيتعينّ على الأميركيين أن يتساءلوا عما إذا كان من الملائم تمويل أبحاث ضد السرطان أو تمويل إعادة بناء جسر متداع” أم أنها سياسات “تقدمية مبالغ بها”.

والهدف المعلن للمذكّرة التي نشرت مساء الإثنين “إزاحة العبء المالي للتضخم عن المواطنين”، ووضع حد لما يعتبره المحافظون سياسات تقدمية مفرطة وما يسمونه “استغلال الدولة لأغراض سياسية”.

في الولايات المتحدة جعل المعسكر المحافظ من محاربة السياسات التي يعتبرها “تقدمية مفرطة” أو ما يسمى “الووك” (يقظة) هدفه الرئيس.

ووقع على مذكرة تجميد الإنفاق ماثيو فايث القائم بأعمال مدير مكتب الموازنة والإدارة (OMB)  التابع للبيت الأبيض. ولم يثبت مجلس الشيوخ بعد روس فوت في منصب رئيس المكتب. وفوت أحد المؤلفين الرئيسيين لـ “مشروع 2025” – وهو عبارة عن خريطة طريق محافظة طورتها مؤسسة التراث البحثية وتهدف إلى إعادة بناء الدولة الفدرالية بالكامل.

ويخطط “مشروع 2025” لتسريح الآلاف من مسؤولي الإدارة واستبدالهم بأشخاص أقرب إلى الأفكار المحافظة.

نقلاً عن : اندبندنت عربية