يعد كافون، الذي رحل عن عالمنا بعد صراع طويل مع المرض، واحدًا من أبرز الأسماء في عالم الراب التونسي. فقد كان جزءًا من جيل نشأ في زمن شهد انتشار هذا النوع من الموسيقى الاحتجاجية، وبرز بتقديمه أسلوبًا خاصًا في مزج الراب مع إيقاعات متنوعة مثل الريغي والتيكنو والمزود التونسي.

عُرف الفنان الراحل بأغانيه التي كانت تتجاوز حدود الجيل الواحد، وكان من أشهرها أغنيته “حوماني”، التي حققت نجاحًا كبيرًا في الشارع التونسي، فامتدت شهرتها لتصل إلى جميع الأعمار. كما تميز بصوته الفريد الذي جعله ينجح في تقديم أغاني تراثية تونسية أيضًا، بالإضافة إلى مشاركاته في المسلسلات التلفزيونية والأغاني المصورة.

كان كافون معروفًا بمواقفه الجريئة في أغانيه التي تناولت قضايا الشارع التونسي، مثل الحرية والعدالة، وكذلك تأكيده على ضرورة تقنين القنب الهندي في تونس. وقد تعرض للسجن لمدة تسعة أشهر بتهمة استهلاك هذه المادة، وهو ما كان يعبر عنه في أغانيه.

أما عن حالته الصحية، فقد بدأت معاناته في 2019 عندما أصيب بمرض نادر أثر في شرايين قدميه، مما أدى إلى فقدان ساقيه بعد خضوعه لعدة عمليات جراحية. ورغم حالته الصحية، استمر في الغناء والنشاط الفني حتى تدهورت صحته بشكل تدريجي إلى أن وافته المنية وهو في ريعان شبابه.

من ناحية فنية، كان كافون يمثل الصراع بين الحرية والرقابة، حيث استطاع عبر صوته وكلماته أن يعبّر عن واقع الشارع التونسي بكل ما يحمله من تحديات. وقد أظهرت أغانيه مثل “زعمة” و”حوماني” معاناة اجتماعية وسياسية ملحة، وُصفت بأنها شهادات فنية من قلب الشارع التونسي.

كان كافون يحظى بمكانة خاصة بين شعراء تونس، حيث اعتبره الشاعر عادل المعيزي امتدادًا لأصواتهم. وحسب المعيزي، كان كافون يمثل الصوت الصريح للشباب التونسي الذي كان يعبر عن تحديات ما بعد الثورة.

أما الشاعر رضوان العجرودي فقد أشار إلى أن كافون كان صوتًا غنائيًا يحمل رسائل تحررية ورفضًا لضغوط المجتمع والسياسة. وأضاف أن كافون استطاع أن يوصل معانيه بطرق مبدعة، متجنبًا المحاذير التقليدية في الشعر.

إعلاميًا، وصف محمد بالطيب كافون بأنه قصة فنية مميزة، حيث استطاع أن ينتقل من الهامش إلى قلب المشهد الثقافي في تونس. وقد أضاف أنه ورغم النجومية التي حققها، بقي كافون وفيا لجذوره الاجتماعية وعبر عن قضاياها في أغانيه بكل صدق وإبداع.

وبذلك، يبقى كافون في الذاكرة التونسية كأحد الفنانين الذين استطاعوا أن يعبروا عن أحلام وهموم الشباب التونسي بأغانٍ تحمل في طياتها رسائل قوية، حتى في ظل التحديات الصحية التي واجهها.