واصلت “وول ستريت” خسائرها لليوم الثاني على التوالي، مسجلة أكبر موجة بيع منذ أشهر، أدت إلى تكبد مؤشر “ستاندرد أند بورز 500” خسارة بحجم 4 تريليونات دولار من أعلى قمة بلغها.
وشهدت البورصات الأميركية تذبذباً عالياً، فتراجعت بصورة حادة على خلفية الأخبار السلبية بعد تصعيد الرئيس الأميركي دونالد ترمب لحربه التجارية مع كندا، ثم خفضت خسائرها بفضل الأخبار الإيجابية التي انتشرت عن تقدم أحرزته المحادثات في السعودية لوقف إطلاق النار بين أوكرانيا وروسيا.
إغلاق الأسواق
وأغلقت المؤشرات الرئيسة عند مستويات أقل من الإثنين الدامي، إذ انخفض مؤشر “ستاندرد أند بورز 500” بنسبة 0.76 في المئة، بينما خسر مؤشر “ناسداك المركب” نسبة 0.18 في المئة، لكن الخسائر الكبيرة كانت في مؤشر “داو جونز الصناعي” عند 1.14 في المئة، إذ تأثر المؤشر، الذي يقيس أسهم الشركات الصناعية، بتصعيد الحرب التجارية بين الولايات المتحدة وجارتها كندا وتبعاتها على الصناعة الأميركية.
تعمقت خسائر “داو جونز” ومن خلفه المؤشرات الأخرى، بعدما صرح رئيس وزراء مقاطعة أنتاريو الكندية “دوغ فورد” بأنه قد يرفع الرسوم على الطاقة الكهربائية التي تمد ولايات أميركية هي ميشيغان ونيويورك ومينيسوتا بنسبة 25 في المئة، لكن سرعان ما جاءه الرد من ترمب بأنه سيضاعف الرسوم الجمركية على جميع منتجات الصلب والألمنيوم الكندية المستوردة إلى 50 في المئة.
تعليق كندي لرسوم الكهرباء
وأعطى ذلك إشارات سلبية للأسواق بأن التصعيد من الطرفين قد يؤدي إلى تفاقم الأمور بعدما خفت وتيرة الحرب التجارية الأسبوع الماضي إثر إعلان ترمب عن تأجيل فرض الرسوم الجمركية إلى أبريل (نيسان) المقبل.
لكن الأمور هدأت سريعاً بعد إعلان فورد بأنه سيعلق الرسوم الإضافية على الكهرباء إلى الولايات الثلاث المذكورة أنفاً، وتركت أجواء إيجابية في الأسواق.
وأضيف إلى ذلك الإشارات المتفائلة التي خرجت من محادثات السعودية التي أعطت آمالاً بإمكانية حدوث اتفاق سلام بين روسيا وأوكرانيا.
تصحيح بالمؤشرات
رغم ذلك سجل مؤشر “ستاندرد أند بورز” انخفاضاً لفترة وجيزة بنسبة 10 في المئة عن أعلى مستوى إغلاق قياسي له عند 6144.15 نقطة في 19 فبراير (شباط) الماضي، مؤكداً أنه دخل في ما يعرف عادة “تصحيح السوق”.
والإثنين الماضي، سجل مؤشر “ستاندرد أند بورز” أكبر انخفاض يومي له منذ 18 ديسمبر (كانون الأول) 2024، مما أدى إلى خسارة ما يزيد قليلاً على 1.3 تريليون دولار من قيمته السوقية، وخسارة ضخمة حجمها 4 تريليونات دولار من أعلى قمة بلغها أخيراً، بحسب بيانات وكالة “رويترز”.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وانخفض المؤشر الذي يقيس أكبر 500 شركة مدرجة ويعبر عن حجم الاقتصاد الأميركي، انخفض بأكثر من 3.4 في المئة خلال الجلستين الماضيتين، وهو أكبر انخفاض له منذ أوائل أغسطس (آب) 2024، وفي المقابل دخل مؤشر “ناسداك”، الذي يقيس أسهم التكنولوجيا، بمرحلة تصحيح مع خسارته نسبة 10 في المئة.
الألم والركود
وانقلبت الأسواق رأساً على عقب منذ أن تحدث ترمب بأن الأسواق ستمر ببعض الألم قبل أن يحقق أهدافه في فرض الرسوم التجارية، وفسرت هذه الإشارات من قبل المستثمرين بأن الإدارة الأميركية تتوقع تراجعاً للاقتصاد الأميركي، أكبر اقتصاد في العالم، وأن المرحلة قد تشهد ركوداً.
وزاد من تفاقم الوضع تهرب ترمب من سؤال صحافي حول الركود، إذ أجاب بأن ما يعرفه هو أن الأميركيين سيصبحون أكثر ثراء وأن الصناعة المحلية ستزدهر والوظائف ستزيد، وهو ما ترك علامات استفهام بما هو الثمن الذي سيدفعه الاقتصاد للوصول لما يريده ترمب.
بيانات التضخم
وتنتظر الأسواق الأميركية، اليوم الأربعاء، بيانات مهمة جداً للتضخم، لمعرفة ما إذا كانت الرسوم الجمركية والتخبط لدى إدارة ترمب أسهما في رفع أسعار السلع من جديد. وسيستند “الاحتياطي الفيدرالي” (البنك المركزي الأميركي) على هذه البيانات في اجتماعه الأسبوع المقبل، ليتحدد اتجاهات الفائدة بالمرحلة المقبلة، وسط تخوف في السوق من أن يعود “الفيدرالي” لرفع الفائدة من جديد لضبط التضخم الذي قد ينشأ عن الحرب التجارية.
وكان رئيس “الاحتياطي الفيدرالي” جيروم باول قد ترك مستقبل الفائدة معلقاً عندما قال الأسبوع الماضي، إن الرسوم الجمركية تتطلب مزيداً من التأني لمعرفة مسار التضخم، وهو ما فسر بالأسواق بأن “الفيدرالي” ربما لن يخفض الفائدة كما كان متوقعاً.
نقلاً عن : اندبندنت عربية