انتخابات على صفيح ساخن.. أول مؤشرات كبرى في فترة ترامب الثانية (فيديو)

انتخابات على صفيح ساخن.. أول مؤشرات كبرى في فترة ترامب الثانية (فيديو)

بعد عشرة أشهر من بدء الفترة الرئاسية الثانية لدونالد ترامب، تشهد عدة ولايات ومدن كبرى أمريكية انتخابات ينظر إليها المراقبون على أنها أكثر من مجرد سباقات محلية؛ إذ قد تحدد إيقاع المشهد السياسي الأمريكي للعام المقبل، باعتبارها تشكل مؤشراً حيوياً لاستعدادات الحزبين الجمهوري والديمقراطي لانتخابات التجديد النصفي النيابية الحاسمة، في حين يراها فريق آخر «حكم مبكر» من الناخبين على سياسات إدارة ترامب.

وبشكل عام، فقد دارت المنافسات على منصب عمدة نيويورك، وحاكم نيوجيرسي وفرجينيا، وإعادة تقسيم الدوائر الانتخابية في كاليفورنيا بدرجات متفاوتة حول كيفية إعادة بناء الحزب الديمقراطي لنفسه والرد على لعبة القوة التي يفرضها ترامب في واشنطن. وتجري الانتخابات في الغالب في المناطق الديمقراطية والولايات المتأرجحة.

معركة ممداني في نيويورك

ويتنافس على منصب عمدة نيويورك، زهران ممداني، وهو مرشح اشتراكي ديمقراطي يبلغ من العمر 34 عاماً، وأندرو كومو، الحاكم السابق المرشح كمستقل بعد خسارته التمهيديات الديمقراطية لصالح ممداني، إضافة إلى المرشح الجمهوري كيرتس سليوا.

وتظهر استطلاعات الرأي تقدم ممداني وأنه قد يحصل على 50% من الأصوات اللازمة، لكن يرى خبراء أنه إذا تمكن المرشح الشاب والمعارض البارز لترامب من تحقيق فوز كاسح، فسيكون بمنزلة تفويض قوي للسياسات التقدمية (مثل زيادة الضرائب على الأثرياء لتمويل البرامج الاجتماعية) وسيدفع بأجندة اليسار داخل الحزب الديمقراطي. وسيصعب على الخصوم داخل الحزب الادعاء بأن هذه السياسات «سامة» انتخابياً.

لكن على النقيض، فإن الجمهوريين قد يستخدمون ممداني كورقة ضغط لربط كل الديمقراطيين باليسار المتطرف في معارك 2026، خاصة في مناطق الضواحي.

وأعلن ترامب تأييده للمستقل كوومو، وهي الإشارة التي قد لا تساعد الحاكم السابق، بالنظر إلى أن مدينة نيويورك دعمت نائبة الرئيس كامالا هاريس العام الماضي على حساب ترامب بنسبة 36 نقطة مئوية.

نيوجيرسي وفرجينيا.. التاريخ ضد الرئيس

مع عودة ترامب إلى البيت الأبيض، تحاول النائبة ميكي شيريل من نيوجيرسي والنائبة السابقة أبيجيل سبانبرجر من فرجينيا استغلال غضب الديمقراطيين تجاهه لتصبحا حاكمتين لولايتيهما.

وتميل هاتان الولايتان إلى اختيار حاكم من الحزب المعارض للرئيس في أول انتخابات تالية للانتخابات الرئاسية. وهذا يعزز توقعات بفوز المرشحتين الديمقراطيتين في إعادة لسيناريو عام 2017، بعد عام من الولاية الأولى لترامب، لكن هذه المرة بزخم أقوى.

وكل أربع سنوات، بعد عام من الانتخابات الرئاسية، يقدم الناخبون في الولايتين اختباراً لأداء الرئيس المنتخب حديثاً، ويقول التاريخ الحديث إنها تميل إلى عدم تأييد سياسته.

لم يختر سكان فرجينيا حاكماً من نفس حزب الرئيس إلا مرة واحدة منذ إدارة الرئيس الراحل ريتشارد نيكسون. أما نيوجيرسي، وهي ولاية ديمقراطية موثوقة في الانتخابات الرئاسية منذ عام ١٩٩٢، فقد انتخبت كريس كريستي بعد عام من بداية ولاية باراك أوباما الأولى، وكادت أن تُطيح بالحاكم فيليب مورفي قبل أربع سنوات.

ـمعركة إعادة تقسيم الدوائر في كاليفورنيا

بدأ ترامب المعركة بطلب من تكساس إعادة تقسيم الدوائر لصالح الجمهوريين، وجاء الرد الديمقراطي عن طريق حاكم كاليفورنيا، جافين نيوسوم (المرشح الرئاسي المحتمل لعام 2028)، الذي دعا إلى حملة لتمرير استفتاء يسمح بإعادة تقسيم الدوائر في كاليفورنيا لتحويل خمسة مقاعد من الجمهوريين إلى الديمقراطيين، وهو ما سيقترع عليه الناخبون اليوم.

ونتيجة هذا الاقتراع ستحدد مدى استعداد الناخبين في الولايات الديمقراطية لدخول معركة إعادة التقسيم. وقد شجعت النية في كاليفورنيا ولايات ديمقراطية أخرى (مثل فرجينيا وإلينوي وماريلاند ونيويورك) على دراسة خطوات مماثلة.

تدخل الحكومة الفيدرالية

يثير الديمقراطيون مخاوف من احتمال قيام إدارة ترامب بإرسال قوات أو موظفي هجرة إلى مراكز الاقتراع لترهيب الناخبين (وهي تكتيكات قد تؤثر بشكل غير متناسب في الأقليات). في حين أعلنت وزارة العدل عن إرسال مراقبي انتخابات إلى كاليفورنيا ونيوجيرسي.

ومن المرجح أن تختبر هذه الانتخابات مدى استعداد الحكومة الفيدرالية لاستخدام سلطاتها لتأثير سياسي، وهي سابقة قد تؤثر في نزاهة انتخابات 2026.

المحكمة العليا في بنسلفانيا

يصوت الناخبون على إبقاء ثلاثة قضاة ديمقراطيين في المحكمة العليا لولاية بنسلفانيا. وترجع الأهمية البالغة لذلك إلى أن هذه المحكمة تحكم في القضايا الانتخابية في بنسلفانيا، وهي أكبر ولاية متأرجحة.

وإذا خسر القضاة، سيعين الحاكم الديمقراطي بدلاء، لكن مجلس الشيوخ الجمهوري في الولاية قد يعرقل ذلك، ما يؤدي إلى محكمة معطلة خلال انتخابات 2026 الحاسمة لحاكم الولاية والكونغرس.

انتخابات رؤساء البلديات الأخرى

إضافة إلى نيويورك، هناك سباقات مهمة أخرى تُعتبر مؤشراً على قوة التقدميين داخل المعاقل الليبرالية، ففي مينيابوليس، يتحدى العمدة الديمقراطي الحالي، جاكوب فراي، عمر فاتح، وهو اشتراكي ديمقراطي.

أما في سياتل فإن العمدة الحالي بروس هاريل (ديمقراطي) يتحدى من قبل كاتي ويلسون، الذي ينتمي إلى منظمة مجتمعية يسارية.

ونتيجة هذه السباقات ستكشف ما إذا كان التحول إلى اليسار في نيويورك هو ظاهرة محلية أم موجة أوسع في المدن الأمريكية الكبرى.

لماذا هذه الانتخابات مهمة جداً؟

يرى العديد من الخبراء أن هذه الانتخابات هي أول فرصة لقياس رد فعل الناخبين على سياسات وإدارة ترامب في ولايته الثانية. كما ستحدد ما إذا كان الناخبون يؤيدون التحول نحو اليسار التقدمي الذي يمثله ممداني وآخرون، أو يفضلون الاعتدال.

كما تعد استعدادات لمعركة 2026، حيث ستقدم النتائج خريطة طريق للحزبين في انتخابات التجديد النصفي، التي ستحدد السيطرة على الكونجرس خلال العامين الأخيرين من ولاية ترامب.

وتعد هذه الانتخابات اختباراً لفاعلية استراتيجية الديمقراطيين في تحفيز الناخبين عن طريق معارضة ترامب، وستكشف عن مدى استعداد إدارته لاستخدام أدوات الحكومة الفيدرالية في المعارك الانتخابية.

المصدر : صحيفة الخليج