أكد عدد من الباحثين والنقاد أن الشعر العربي ظلّ عبر العصور مرآة لتحولات الوعي الجمالي والفكري، وفضاء للتجريب الذي يتجاوز الأوزان إلى ابتكار الإيقاع والمعنى، مشيرين إلى أن مسيرة القصيدة العربية كانت ولا تزال سلسلة من الانعطافات الكبرى التي تعكس تطوّر الإنسان العربي وثقافته.
جاء ذلك خلال جلسة حوارية بعنوان «على حافة الوزن… محطات الانعطاف الكبرى في مسار الشعر العربي»، أقيمت ضمن فعاليات معرض الشارقة الدولي للكتاب، تحدث خلالها الباحث والكاتب عبد الهادي صالح الشهري، وأدارها الباحث عبد العزيز الجهمي.
استهلّ الجهمي الجلسة بالتأكيد أن القصيدة العربية، منذ المعلقات وحتى التجارب الحديثة، تمثل رحلة متواصلة من التحول والتجديد، حيث أضافت كل حقبة لونها الإيقاعي وفلسفتها الخاصة في النظر إلى الجمال والإنسان.
من جانبه قدّم الشهري قراءة تحليلية لمسار الشعر العربي، بدأت من العصر الجاهلي الذي تشكّل فيه الشعر في بيئة سمعية تعتمد على الحفظ والإنشاد. وأوضح أن الشاعر الجاهلي لم يكن يعرف بحور الشعر نظرياً؛ بل كان يستمد إيقاعه من البيئة ومن إيقاع الحياة نفسها، إلى أن جاء الخليل بن أحمد الفراهيدي فأسّس علم العَروض وحدد بحور الشعر العربي.
وأشار إلى أن بعض الشعراء، ومنهم أبو العتاهية، رفضوا التقيّد بالعَروض واعتبروا الوزن قيداً على حرية التعبير، ما عكس صراعاً مبكراً بين الشكل والمضمون في بنية القصيدة العربية.
النهضة والتجديد
توقّف الشهري عند حركة النهضة الشعرية الحديثة في القرنين التاسع عشر والعشرين، متناولاً مدارس الديوان والمهجر وأبولّو، ورأى في تجربة خليل مطران محاولة جريئة لتجديد المعنى والبناء الشعري، معتبراً أنه لو وجد حاضنة جماعية لأحدث تحولاً يوازي ثورة الموشحات الأندلسية.
وتناول مرحلة قصيدة التفعيلة في منتصف القرن العشرين مع نازك الملائكة وبدر شاكر السياب، موضحاً أنها منحت القصيدة العربية حرية إيقاعية جديدة تتناغم مع إيقاع الحياة الحديثة، وأسهمت في تجديد الأغنية العربية الفصيحة وأساليب التعبير الأدبي.
المصدر : صحيفة الخليج
