قلما نجد فيلماً سينمائياً يستحق فعلاً أن نصفه بـ “المثالي” الخالي من أي أخطاء.

وبينما يُستخدم مصطلح “مثالي” كثيراً في عالم السينما، فكم عدد الأفلام التي تستمر طوال ساعتين من الوقت من دون أن يشوبها مشهد ضعيف أو غير متقن؟ في الحقيقة ليست كثيرة.

حتى الأفلام السينمائية الرائعة يتخللها أحياناً مشهد لا يبدو مقنعاً تماماً ولا يتماشى مع سياق الفيلم، أو قصة فرعية تفتقر إلى التشويق أو الجاذبية اللازمين، فيتشتت انتباهك لوهلة.

من “حرب النجوم: أمل جديد” Star Wars: A New Hope (ستار وورز: أي نيو هوب) [تأليف جورج لوكاس وإخراجه] إلى “الإيرلندي” The Irishman (ذا أيريشمان) للمخرج الأميركي الشهير مارتن سكورسيزي، تطول لائحة الأفلام الممتازة التي كادت أن تتعثر بسبب مشهد ركيك واحد

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي السطور التالية قائمة تستعرض فيها “اندبندنت” 11 مشهداً سينمائياً كانت على بعد شعرة من تدمير أفلام رائعة.

“شارع كلوفيرفيلد 10”- 10 Cloverfield Lane

طوال مدة عرضه تقريباً، يتخذ فيلم “شارع كلوفيرفيلد 10” (10 Cloverfield Lane) طابع أفلام الإثارة النفسية المشوقة التي تبقي المشاهد في حال من القلق المستمر، إذ تتولى البطولة ماري إليزابيث وينستيد في دور شابة محتجزة في مخبأ تحت الأرض رفقة جون غودمان وجون غالاغر جونيور، حين قيل لها إن العالم قد أصابه الدمار ولم يعد آمناً نتيجة هجوم فضائي، ولا نعرف أبداً ما إذا كان ساكن المخبأ الشرير الذي يجسده غودمان يقول الحقيقة، ولكن في النهاية يتحول الفيلم فجأة إلى سرد يركز على تهديد ضخم، وتصير الكارثة المحور الرئيس للحبكة [على شاكلة الأفلام التي تحاكي الكوارث الطبيعية مثل الزلازل والفيضانات] بدلاً من التركيز على صراع الشخصيات والدراما النفسية، ومع ذلك يظل الفيلم ممتعاً وجديراً بالمشاهدة، ولكنه كاد أن يتعثر بسبب النهاية المباشرة الخالية من أي غموض أو تعقيد.

“قناص أميركي”- American Sniper

حسناً، المشكلات في “قناص أميركي” American Sniper لا تقتصر على مشهد واحد بل تبدو أكثر تعقيداً، وعلى رغم كل رسائله أو مواقفه السياسية المشكوك فيها أو المثيرة للانتقاد، فإن فيلم الدراما الحربية الناجحة الذي تولى إخراجه الممثل والمنتج والمخرج الأميركي كلينت إيستوود عام 2014 كان متقناً وجيد الصنع، ما عدا لحظة واحدة صادمة تفتقر إلى الاحترافية، المشهد حيث يدور حديث بين البطلين برادلي كوبر [الجندي كريس كايل] وسيينا ميلر [تشيغ زوجة كايل] بينما كانا يحملان طفلاً مزيفاً بصورة واضحة لا لبس فيها، أصبح محط سخرية واستهزاء وانتشرت “ميمات” مضحكة عنه على نطاق واسع عند عرض الفيلم.

“جانغو بلا قيود”- Django Unchained

يقدم الممثلون في “جانغو بلا قيود” Django Unchained بعض الأداءات الرائعة حقاً: الممثل الألماني كريستوف فالتز في دور طبيب الأسنان صائد الجوائز (الذي فاز عنه بجائزة أوسكار ثانية)، والنجم الأميركي ليوناردو دي كابريو في دور كالفن كاندي المكروه، ثم في قلب الأحداث يظهر الممثل والمغني ومقدم البرامج الأميركي جيمي فوكس في دور استثنائي تماماً ربما يكون أحد أفضل أدواره على الإطلاق، ولكن ممثلاً واحداً يبدو سيئ الأداء مقارنة بأداء بقية الطاقم: إنه المخرج كوينتين تارانتينو نفسه، الذي يؤدي دور تاجر عبيد أسترالي، ف المخرج فظيع فظيع جداً في الحقيقة، ولو أن ظهوره القصير على الشاشة طال أكثر من ذلك لكان الفيلم بأسره أخفق تماماً.

“جوراسيك بارك 3” (الحديقة الجوراسية 3)- Jurassic Park III

صحيح أنه ليس ممكناً مقارنة “جوراسيك بارك 3” Jurassic Park III بالفيلم الأول الأصلي [في الأهمية والإبداع من إخراج ستيفن سبيلبيرغ]، غير أنه يبقى عملاً ممتعاً للغاية عن الديناصورات، ويتفوق تماماً على الأفلام الثلاثة الأخيرة في السلسلة، ولكن هل تتذكر مشهد “الفيلوسيرابتور” [نوع من الديناصورات] الناطق؟ تبين لاحقاً أنه ليس جزءاً من الأحداث الفعلية في الفيلم بل مجرد رؤية خيالية داخل عقل إحدى الشخصيات، وفي الواقع فإن هذه اللحظة القصيرة التي يتحدث فيها الديناصور بدت سخيفة جداً إلى حد أنها تُخرجك من التجربة وتحول دون تركيزك في متابعة الأحداث بالانغماس نفسه.

“كينغزمان: الخدمة السرية”- Kingsman: The Secret Service

ميزة ما في “كينغزمان” لامست وجدان المشاهدين حقاً، ذلك أن تقديمه أفلام التجسس بصورة غير تقليدية بعيدة من الواقع ومبالغ فيها يعيد إحياء الأسلوب القديم من سلسلة “جيمس بوند” James Bond وقد اعتمد الفيلم على الكوميديا المبالغة في أحداثه، ولكن المشهد الأخير الذي يتضمن دعابة فظة ومبتذلة حول الجنس الشرجي أزعج كثيرين وترك لديهم انطباعاً كريهاً.

“بيتزا العرقسوس”- Licorice Pizza

الفيلم الأخير ضمن أفلام المايسترو في صناعة الأفلام بول توماس أندرسون صاحب “ستسيل الدماء” There Will Be Blood، لم يكن محط إجماع بل أثار انقسامات بين الآراء واختلافات واضحة في تقييمه، وبالنسبة إلى بعضهم كان عملاً عبقرياً خالصاً، وبالنسبة إلى الآخرين أظهر تأييداً غير محبب لعلاقة غير لائقة بين شخصيتين [كوبر هافمان بدور غاري فالنتاين (15 عاماً) من جهة وآلانا هايم بدور ألين (في العشرينيات من عمرها) من جهة أخرى]. ولكن مع ذلك اتفق الجميع تقريباً على تفصيل واحد، ففي أحد المشاهد يظهر الممثل الأميركي جون مايكل هيغينز في دور صاحب مطعم أبيض يتحدث إلى زوجته بلهجة يابانية كاريكاتورية وغريبة اللكنة، وكان المقصود منه أن يكون نقداً اجتماعياً خفيفاً مناهضاً للعنصرية بطريقة تهكمية، ولكنه أخفق في هدفه وأثار رد فعل سلبياً مما أسفر عنه نفور بعض المشاهدين من الفيلم كله.

“دع الشخص المناسب يدخل”- Let the Right One In

فيلم الرعب الاسكندنافي بعنوان “دع الشخص المناسب يدخل” الذي يتناول موضوع النضوج تميز بمؤثرات بصرية رائعة في كثير من مشاهده، باستثناء مشهد واحد بارز، ففي المشهد تتعرض فيرجينيا (إيكا نورد) لهجوم من مجموعة من القطط في الغرفة، وفيه تبدو المؤثرات المرئية المشغولة بواسطة الكمبيوتر ضعيفة وغير محكمة، كما لو إننا إزاء كوميديا سخيفة ومبتذلة، ولكن لحسن الحظ لا ينتقص هذا العيب من قيمة بقية الفيلم الذي يبقى عملاً مدهشاً ومشوقاً بفضل أجوائه الغامضة.

“سيد الخواتم: عودة الملك”- Lord of the Rings: The Return of the King

لا ريب في أن فيلم “عودة الملك” شكل ملحمة سينمائية عظيمة، إذ يفيض بمشاهد ضخمة مدهشة لا تُنسى ولحظات مؤثرة بحق مليئة بعناصر خيالية رائعة، ولكن ماذا عن النصف ساعة الأخيرة منه؟ أشك في أنها ترقى إلى مستوى الأحداث المذهلة التي سبقتها، فقد كانت خاتمة الفيلم العاطفية أطول بخمس مرات مما يجب وذات تأثير درامي ضعيف، والمشهد حين يظهر فرودو [يؤديه الممثل إليجاه وود] مستلقياً على السرير يحيي رفاقه واحداً تلو الآخر، يبدو طويلاً ومملاً حتى بالنسبة إلى أكثر المعجبين المخلصين لأعمال وعالم [صاحب السلسلة والأب الروحي لأدب الفانتازيا الحديثة جون رونالد رويل] تولكين.

“حرب النجوم”- Star Wars

النسخة المعدلة لعام 1997 من “حرب النجوم: الحلقة الرابعة – أمل جديد” Star Wars: Episode IV-A New Hope، سرعان ما أصبحت سيئة السمعة بين أوساط المعجبين المخلصين للسلسلة، وذلك مرده إلى مشهد واحد بعينه، ففي تعديل بسيط حال جورج لوكاس دون أن يطلق هان سولو (يؤديه هاريسون فورد) النار على الكائن الفضائي الخبيث “غريدو” قبل أن يطلق الأخير النار على الأول، وفي تعديل المشهد هذا ضاع جزء أساس في بناء شخصية سولو [في النسخة الأصلية، يطلق سولو النار على غريدو أولاً ثم يرد الأخير]، وقد أطلق المشهد المثير للجدل نقاشاً حاداً بين محبي “حرب النجوم” استمر عقوداً من الزمن.

“نهوض فارس الظلام”- The Dark Knight Rises

فيلم المخرج كريستوفر نولان، علماً أنه الجزء التالي من فيلم الأبطال الخارقين الشهير “فارس الظلام” The Dark Knight الذي نال إعجاباً واسعاً، لاقى استقبالاً أقل إيجابية مقارنة بسابقه والسبب واضح، ولكن طوال مدته تقريباً يبقى “فارس الظلام” رحلة مشوقة ومليئة بالمشاهد الممتعة، غير أنه مع ذلك فمن المؤسف أن شخصية “تاليا الغول” (تؤديها ماريون كوتيار) لم تكن متقنة أبداً، وأثار مشهد موتها الضعيف فيما رأسها يتدحرج ضحكات أكثر من الدهشة.

“الإيرلندي”- The Irishman

هذه المرثية الحزينة للمخرج مارتن سكورسيزي التي تتأمل في وداع عالم العصابات والصادرة عام 2018 تعتبر تحفة سينمائية بطيئة الإيقاع تتكشف فيها على مهل تفاصيل القصة والأحداث، وقد جمعت المخرج مع روبرت دي نيرو وجو بيشي، وكانت التعاون الأول له مع آل باتشينو، وفي معظم أجزاء الفيلم لجأ سكورسيزي إلى تقليص أعمار الممثلين مستخدماً تقنية المؤثرات الرقمية لتصوير شخصياتهم في مراحل مختلفة من حياتهم، ونجحت الخطة بشكل أو آخر ولكن مشهداً واحداً يضرب فيه دي نيرو، الذي يبدو شاباً في الظاهر، رجلاً تعرّض لابنته، كان أصعب من أن تتعامل معه التأثيرات الرقمية، وبدا واضحاً أن دي نيرو كان يتحرك ويقاتل كرجل في منتصف السبعينيات من عمره، وللأسف ففي فيلم مليء بلحظات رائعة ومؤثرة، كان هذا المشهد غير مقنع وغريباً.

نُشرت هذه المقالة للمرة الأولى في أكتوبر (تشرين الأول) 2022

نقلاً عن : اندبندنت عربية