قدم الكاتب والسيناريست الأمريكي الشهير مات ويتن مؤلف مسلسلات «د. هاوس» و«بريتي ليتل لايرز» و«لو آند أوردر» ورشة عمل تقنية تحت عنوان: «خمس خطوات ونصف للنجاح في كتابة الحبكات»، ضمن فعاليات معرض الشارقة الدولي للكتاب، مستعرضاً رؤى قيمة حول صناعة الدراما التلفزيونية وكيفية بناء قصص مشوقة وشخصيات حية تتفاعل مع المشاهد، كشف ويتن أسرار الكتابة الناجحة، بدءاً من صياغة الفكرة المركزية مروراً بتطوير الشخصيات، وصولاً إلى إعداد العرض التقديمي (Pitch) الذي يجذب المنتجين والجمهور على حد سواء.
استهلّ مات ويتن الورشة بدعوة الحضور إلى التفكير في مسلسلاتهم المفضلة، مؤكداً أن هذه الخطوة البسيطة تفتح الباب لفهم ما يجعل العمل الدرامي ناجحاً ومؤثراً، وانطلاقاً من هذا السؤال شرح فلسفته في الكتابة، مشدداً على أن الخطوة الأولى في بناء أي مسلسل ناجح هي صياغة فكرة مركزية واضحة يمكن التعبير عنها في جملة واحدة؛ قائلاً: «إذا لم تستطع تلخيص فكرتك في جملة واحدة، فهي ليست ناضجة بعد».
الصراع قلب الدراما
ثم أوضح ويتن أن الجملة المركزية لا بد أن تحتوي على عنصر الصراع، فهو قلب الدراما وحركتها، والصراع يمكن أن يكون داخلياً في الشخصية، أو خارجياً مع شخص آخر، أو اجتماعياً مع العالم المحيط، واستشهد بأمثلة واقعية من أعمال درامية ناجحة، منها مسلسل «د. هاوس»، و«بريكنغ باد» مؤكداً أن الفكرة القوية يجب أن تتضمن هذا التوتر المزدوج: بين ما يريده البطل وما يفعله فعلاً، وبين ما يقبله المجتمع وما يرفضه.
وانتقل بعد ذلك إلى الخطوة الثانية، التي تتمثل في إعداد العرض التقديمي للفكرة، وهو نصّ أو عرض شفهي يقدّم جوهر العمل بطريقة موجزة وجذابة، تتراوح بين ثلاث إلى ثماني صفحات عند كتابته، أو من خمس عشرة إلى عشرين دقيقة عند تقديمه أمام المنتجين أو لجان القراءة.
و شدّد ويتن على أن الكاتب الناجح هو من يخلق شخصيات فاعلة لا منفعلة، معتبراً ذلك الخطوة الثالثة في مسار الكتابة، قائلاً: «إذا كانت شخصيتك تحاول النجاة، فهذا مختلف تماماً عما لو كانت تقاتل من أجل النجاة، فالشخصيات السلبية التي تتلقى الأحداث دون مقاومة تفقد المشاهد اهتمامه سريعاً، بينما الأبطال الذين يصنعون مصيرهم بأفعالهم هم من يُحدثون الأثر الحقيقي».
كما أوصى بأن تُكتب بعد الجملة المركزية فقرة موجزة عن كل شخصية رئيسية توضّح دوافعها العميقة وتاريخها الشخصي، مشيراً إلى أن التفاصيل الصغيرة هي ما يمنح الشخصية صدقها الإنساني، فيما اعتبر الحفاظ على التطور المستمر للشخصيات عبر كل حلقة وكل موسم هو الخطوة الرابعة في البناء الدرامي.
البوصلة الإبداعية
أما الخطوة الأخيرة فهي التركيز على الجملة الأولى التي تلخص جوهر العمل، داعياً الكتّاب إلى أن يحتفظوا بها أمامهم طوال مراحل الكتابة، لأنها البوصلة التي تعيدهم إلى الهدف الأصلي إذا تاهوا في التفاصيل، أما ما وصفه بالنصف بعد الخطوة الخامسة، فيقصد به المرونة الإبداعية، أي السماح للنص بالتغيّر والتطور مع تقدّم العمل دون الخضوع التام للقواعد أو الخطط المسبقة.
المكان، العالم، الحلقة التجريبية
وأكّد ويتن أن وصف العالم الذي يجري فيه المسلسل يمثل عنصراً أساسياً في أي عرض تقديمي، خصوصاً إذا كان العمل مستقبلياً أو مبتكراً؛ فالتفاصيل الدقيقة تمنح النص مصداقية وتجذب المشاهدين، وغالباً ما يطلب المنتجون توضيح هذه البيئة منذ البداية، إلى جانب تحديد نبرة العمل منذ البداية مع الحفاظ على إيجاز النص لتجنب فقدان انتباه الجمهور. كما شدّد على أن الحلقة التجريبية يجب أن تعكس تعقيدات المسلسل وتوضح الصراع المركزي وطبيعة الأحداث.
المصدر : صحيفة الخليج
