الشارقة: رضا السميحيين
تزداد ملامح الحراك الثقافي في معرض الشارقة الدولي للكتاب إشراقاً يوماً بعد آخر، ومع كل دورة يؤكد المعرض مكانته بوصفه واحداً من أهم المنصات الأدبية والفكرية في العالم العربي، وملتقى للحوار، ومساحة تفاعلية تجمع بين المبدعين والقراء في رحلة تحتفي بالكلمة، وتكرّس قيم المعرفة والجمال. في دورته الثالثة والأربعين، جاء ركن التواقيع ليشهد إقبالاً لافتاً منذ لحظاته الأولى، حيث يلتقي فيه الأدب بالعلم، والشعر بالفكر، والتجربة الإنسانية بالإبداع الفني.
تنوعت الإصدارات التي شهدتها منصة التواقيع، الخميس، بين الأدب والشعر والدراسات الاجتماعية وتطوير الذات وأدب الرحلات والقانون، في صورة تعكس ثراء المشهد الثقافي الإماراتي والعربي وعمق تفاعله مع القضايا الإنسانية المعاصرة، كما كان لحضور إصدارات «دائرة الثقافة بالشارقة» بعد خاص، إذ أسهمت المؤسسة بمجموعة من المؤلفات التي تعزز حضور الكتاب الشباب والمبدعين من مختلف الدول العربية، ضمن مشروعها المتواصل لنشر ثقافة الإبداع وتوثيق التجارب الأدبية الحديثة.
وقعت الدكتورة مريم علي اليماحي كتابها الجديد “مدخل إلى الأشخاص ذوي الإعاقة.. أصحاب الهمم وأسرهم”، جاء الكتاب كمنظور علمي وإنساني لفهم تحديات ذوي الإعاقة واحتياجاتهم، جامعاً بين الرؤية الأكاديمية والخبرة الميدانية، ليقدم إطاراً متكاملاً لمفهوم الدمج الاجتماعي وتمكين الفئات المستهدفة، مستمداً من التجربة الإماراتية نموذجاً فاعلاً في رعاية الإنسان بوصفه أساس التنمية.
* أدب الرحلات
الدكتور سالم السالم، حمل القارئ في كتابه “إلهام العالم” إلى رحلة روحية وجغرافية عابرة للقارات، يقتفي فيها أثر القصص الإنسانية المؤثرة التي تثير الدهشة وتنثر العبر، مؤكداً أن الإلهام يمكن أن يكون جواز السفر الأهم للعبور نحو فهم الذات والعالم، بينما اختار الدكتور عبد السميع الأنيس، أن يغوص في عمق التدبر القرآني من خلال كتابه “لماذا نقرأ سورة الكهف يوم الجمعة؟”، مقدماً قراءة علمية وروحية تفضي إلى تأمل العلاقة بين النص القرآني والحماية الفكرية من الفتن، في إطار بحث رصين صادر عن دار الرياحين.
أما الكاتبة غادة المعايطة، فقد اختارت أن تسافر بقلمها عبر الجغرافيا في كتابها “موعد مع الأماكن تحت سماء لا أعرفها”، الصادر عن دار الآن ناشرون للنشر والتوزيع، حيث توثق رحلتها عبر القارات بروح أدبية تزاوج بين أدب الرحلات والتأمل الفلسفي، ناقلة إلى القارئ مشاعرها تجاه الأمكنة بوصفها مرآة للنفس.
*تنمية الذات
من جانبها، وقعت شيماء الجابري كتابها بعنوان “روحك”، وهو يفتح نوافذ لتأمل الذات، عبر أسئلة تحفز القارئ على اكتشاف عوالمه الداخلية وإعادة ترتيبها، كما وقعت الصحفية الزميلة مروة السنهوري كتابها “دهشة الضحك والعيش العميق”، الذي حمل مزيجاً من الأسلوب الأدبي والصحفي في عشرين مقالاً تنقلت فيها الكاتبة بين مشاهد الحياة اليومية، مرصودة بعين الكاتب الصحفي.
وبدورها، وقعت آمنة محمد أميري كتابها “خطوة إلى الخلف قفزة إلى الأمام”، مستكشفة في فصوله فلسفة التنازل الواعي الذي يقود إلى النمو، سواء في العلاقات أو الحياة العملية أو تطوير الذات.
ومن زاوية أخرى أطلقت الدكتورة دانة الرحبي ثلاثة إصدارات، “السكون في عاصفة الحياة”، “لا أحد يستطيع إلا أنت”، و“أنت محور عالمك”، مؤكدة أن الهدوء الداخلي هو طاقة قادرة على تحويل الفوضى إلى انسجام، كما قدمت الكاتبة أسماء محمد الحوسني كتابها “أعد ترتيب الفوضى بداخلك”، وهي رحلة وعي تتيح للقارئ أدوات علمية وإيمانية لفهم ذاته، توازياً مع إصدارها “مثل وجه طفل أرسمك”.
أما الدكتور طارق رشيد فقد وقع على كتابه “روح السعادة، رحلة النهاية نحو نقطة البداية”، الذي يعيد تعريف السعادة بوصفها حالة وعي تتولد من فهم التجربة الإنسانية لا من تجنب الألم، متنقلاً في محطات حياة الإنسان في بحثه عن السعادة.
* دراسات
في مجال الدراسات الاجتماعية الحديثة، وقع كل من د. علاء زهير الرواشدة ود. أسماء ربحي العرب على إصدارين بعنوان «مدخل إلى علم الاجتماع الرقمي» وقضايا معاصرة في علم الاجتماع الرقمي والتحديات المستقبلية، والتي ركزت على تحليل انعكاسات التكنولوجيا على السلوك الإنساني والمنظومة الاجتماعية.
وفي حقل الإدارة والحوكمة الحديثة، قدمت الباحثة إيمان محمد الحمادي، كتابها “فاعلية هندسة العمليات الإدارية في تصفير البيروقراطية الحكومية”، حيث قدمت نموذجاً لاستثمار التكنولوجيا في تطوير الأداء المؤسسي، وتعزيز الكفاءة الإدارية في المؤسسات المعاصرة.
* قانون
في الجانب القانوني، تميز اليوم بتوقيع عدد من الإصدارات المرجعية، من أبرزها كتاب الدكتورة منى سالم الوسمي “الأحداث الجانحين: إطار قانوني وتطبيق عملي” في جزأين، متبوعاً بإصدارات الدكتورة غناء مسعد الماطري التي تناولت موضوعات معاصرة مثل “الإطار القانوني الإماراتي في مواجهة جريمة غسل الأموال” و“الروبوت الجمركي” و“الجريمة السيبرانية”، في طرح متقدم يجمع بين التشريع والاستشراف.
وقدم د. نائل حنون إصداره “سِفر العدالة”، أول ترجمة عربية مباشرة لشريعة حمورابي من المسمارية إلى العربية، مقدماً دراسة علمية تفتح نافذة على التراث القانوني الأقدم في التاريخ البشري، ضمن جهد بحثي لإحياء الصلة بين حضارات الرافدين والموروث المعاصر. كما وقع الدكتور شوقي محمد الشماط موسوعتين قانونيتين حديثتين، أولاهما لشرح قانون الأحوال الشخصية الإماراتي، والثانية في أحكام مكافحة المواد المخدرة والمؤثرات العقلية.
*أدب
دائرة الثقافة بدورها قدمت فسيفساء من الإبداعات تحت عنوان “إبداعات عربية”، شارك فيها عدد من الكتاب مثل انتصار عباس في مجموعتها القصصية “هواجس شجرة نسيتها الريح”، وإسلام أبو شكير في روايته “ساعات.. ساعات”، وزينب عيسى الياسي في روايتها “مرآة بخيتة”، وصالح البحار في عمله الروائي “أنين الروح”، جميعها عكست تنوع الأصوات السردية العربية والتجريب في أنماط التعبير الأدبي، ووقعت هدى سيف السويدي ديوانها “متى يعود حبيبي”، الذي ضم قصائد تتراوح بين الحنين والعاطفة.
وفي السياق الأدبي والإنساني، وقعت الدكتورة فاطمة سالم العلي كتابها “وجوه في مرآة الحياة”، متبعَةً خطّاً تأملياً يعيد ترتيب العلاقة بين الفرد والمجتمع، بينما قدّم مصطفى علي جاويش كتابيه “عرفتك فأحببتك” و“أعجبني في الشارقة”، أحدهما في السيرة النبوية والآخر في الانطباعات الثقافية، إلى جانب مشاركة الكاتبة الزهراء عمر بكتابها “أنت الحكاية” الذي يتناول قضايا المرأة عبر خمسة أقسام تجمع بين التجارب الواقعية والرؤى الإنسانية.
كما وقعت الطفلة ريمي مكي إصدارها “قصص صغيرة وأحلام كبيرة”، واختتم اليوم حضور ناشئة الشارقة، الذين قدّموا عملهم الجماعي “نوافذ على المجتمع – بأقلام ناشئة”، وهو مجموعة قصص قصيرة تعبّر عن طموحات جيل جديد يرى في الأدب وسيلة للتعبير والبناء، من إصدار دار شاهين للطباعة والنشر والتوزيع.
المصدر : صحيفة الخليج
