التحول عن الوقود الأحفوري يتصدر معركة المناخ في “كوب 30” البرازيل

التحول عن الوقود الأحفوري يتصدر معركة المناخ في “كوب 30” البرازيل

طالب آلاف المحتجين، الذين عطلوا حركة المرور في مدينة بيليم البرازيلية السبت، زعماء العالم باتخاذ إجراءات سريعة للتصدي للاحترار العالمي. ومع دخول قمة الأمم المتحدة أسبوعها الثاني الحرج، فإن الأيام القليلة المقبلة ستحدد ما إذا كانت هذه المطالب ستلقى استجابة.

وصل الوزراء المعنيون بالمناخ من الدول إلى قمة “كوب 30” (COP 30)، وسيتعين عليهم تجاوز الخلافات حول القضايا الرئيسية -كيفية تسريع وتيرة خفض الانبعاثات، وتوفير التمويل للعمل المناخي وتسهيل التجارة- إذا طمحوا للتوصل إلى اتفاق بحلول يوم الجمعة. ولم يتضح بعد ما إذا كان باستطاعة الوفود تلبية مطلب الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا بوضع خريطة طريق للتحول عن الوقود الأحفوري.

قالت جينيفر مورغان، مبعوثة ألمانيا الخاصة لشؤون المناخ سابقاً، في مقابلة: “أجريت خلال هذه القمة محادثات عن التحول عن الوقود الأحفوري يفوق عددها ما أجريته في أي قمة مناخ أخرى، وحان الوقت ليلبي الوزراء مطلب الرئيس لولا دا سيلفا”، وأضافت: “إذا لاقى دعماً سياسياً كافياً، ومع توفر عدد كافٍ من الدول، سيجدون مكاناً لوضعه”.

معارضة لوضع خريطة طريق للتحول عن الوقود الأحفوري

اتسم الأسبوع الأول بحالة توافق وسرعة الاتفاق على جدول الأعمال، وطلب المفاوضون البرازيليون من الدول تقديم مقترحات بشأن ما تسعى إلى تحقيقه من “كوب 30” في صورة “رسائل حب”، فيما وُصفت الاجتماعات بأنها “جلسات علاج”. لكن الحفاظ على ذلك الهدوء سيمثل تحدياً مع قرب نفاد الوقت، والخلاف بين الوزراء على صيغة البيان الختامي.

اقرأ أيضاً: مؤتمر “كوب 30”.. كيف يصنع البلد المضيف الفارق؟

تستضيف البرازيل “كوب 30″، وعليها الموازنة بين التحول عن النفط والغاز والفحم، والمطالب الأساسية الأخرى. كما تضغط المجموعة التفاوضية للدول النامية متشابهة التفكير (Like Minded Developing Countries)، التي تضم السعودية والهند، على الدول المتقدمة لتقديم تعهدات أكثر وضوحاً بشأن تمويل العمل المناخي، فيما ترغب الصين في عقد جلسة محادثات عن الإجراءات التجارية المجحفة.

هناك أيضاً “معارضة كبيرة” لفكرة وضع خريطة طريق للوقود الأحفوري، بحسب ما قاله رئيس “كوب 30″، أندريه كوريّا دو لاغو، للصحفيين الجمعة. ويُرجح أن تضطر البرازيل إلى دمج عناصر عديدة في القرار الختامي، ما يمهد لإجراء عدة مفاوضات في الليلة الأخيرة حتى الموعد المقرر لانتهاء القمة في السادسة مساءً من يوم الجمعة.

وقال مفاوضون عن دول متقدمة، طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم، إنهم يرون أن المعارضة لخريطة الطريق تُحتمل أن تكون في غاية القوة، ما قد يحول دون إدراجها في مخرجات القمة، وأن هذه الجهود ستركز على تكوين تحالف من الراغبين للمضي قدماً في عملية طوعية بدلاً من ذلك.

وقالت كبيرة المفاوضين البرازيليين، ليليام تشاغاس، في مؤتمر صحفي: “ندخل حالياً المرحلة السياسية. هناك العديد من الآراء حول القضايا المطروحة”.

جهود لوضع هدف جديد لتمويل العمل المناخي

هناك توقعات ضئيلة بأن تخرج للنور خطة متكاملة بخصوص الوقود الأحفوري بحلول يوم الجمعة، وقد يمثل التعهد بمناقشتها على مدى العام المقبل أو فترة أطول أحد الحلول الممكنة. ومن المقرر أن تجري الدول الجولة المقبلة من التقييم في 2028، والتي ستظهر مدى الانحراف عن هدف اتفاقية باريس، المتمثل في الحد من الاحترار العالمي عند 1.5 درجة مئوية، وما يجب فعله لسد الفجوة.

اقرأ أيضاً: مع اقتراب “كوب 30”.. البرازيل تحت الضغط وسط تعثر تمويل صندوق الغابات

تأمل بعض الأوساط في المنطقة الزرقاء الخاضعة لإدارة الأمم المتحدة، حيث تعقد المفاوضات، في إمكانية التوصل إلى اتفاق بشأن تمويل التكيف مع تغير المناخ، فهناك اتفاق أُبرم في 2021 لمضاعفة التمويل إلى نحو 40 مليار دولار، وسينتهي أجله في نهاية العام الجاري، وهناك جهود ترمي إلى التوصل إلى هدف جديد أكثر طموحاً للعقد المقبل. ما قد يتيح مزيداً من الدعم للحد من استهلاك الوقود الأحفوري.

ويُتوقع أن يحضر الرئيس لولا دا سيلفا القمة خلال الأيام الأخيرة، سعياً لكسر أي جمود، بحسب مطلعين على الأمر.

مساعٍ للعمل ضمن جهود جماعية

ورغم أن الرئاسة البرازيلية لـ”كوب 30″ لم تُبدِ حماساً لفكرة إصدار ما يُعرف باسم “القرار الجامع”، أو وثيقة تلخص مخرجات القمة، تجري بالفعل مناقشة إمكانية إصدار “قرار موتشيراو”، تيمناً بكلمة (mutirão) البرازيلية التي تعني الجهد الجماعي، لربط القضايا المتنوعة.

أظهر ملخص للمفاوضات، نشرته رئاسة القمة في ساعة متأخرة من يوم الأحد، أن مخرجات القمة ستتمحور حول الإقرار بالتقدم المحرز خلال عقد منذ اتفاقية باريس، والانتقال من التفاوض إلى التنفيذ، والتجاوب مع الطابع المُلح لأزمة المناخ.

اقرأ أيضاً: هل تستطيع الدول الأكثر تلويثاً خفض انبعاثاتها؟

وفي ظل مجموعة واسعة من الخيارات لتسريع وتيرة العمل المناخي، تُبقي مسودة البيان الختامي الباب مفتوحاً أمام إمكانية إضافة خريطة طريق، وإن لم تربطها بالتخلي عن الوقود الأحفوري صراحةً.

في نهاية الأسبوع الأول، أكد كوريّا دو لاغو أن مسار التقدم بيد الأطراف، وقال للصحفيين يوم السبت: “سيتعين علينا الأسبوع المقبل العمل بروح الجهد الجماعي، ونهدف إلى ذلك حقاً”.

غير أن الموقف له حدود، لا سيما عندما تختلف الدول ويضيق الوقت.

قال ديفيد واسكو، مدير مبادرة المناخ الدولية التابعة لمعهد الموارد العالمية، إن “من المفيد بطرق عديدة منح الأطراف هذه المساحة. لكن في رأيي أن الاستمرار على المنوال نفسه -كما لو كنا نتحرك دون وجهة محددة لفترة أطول من اللازم- لن يفيد في التوصل إلى اتفاق بنهاية المطاف”.

المصدر : الشرق بلومبرج