تشارك دولة الامارات العربية المتحدة، العالم الاحتفاء باليوم العالمي للرجل، والذي يوافق 19 نوفمبر من كل عام، والذي يشكل فرصة لإعادة تسليط الضوء على الدور الإيجابي الذي يضطلع به الرجل في الأسرة والمجتمع، والاحتفاء بمساهماته في مختلف مجالات الحياة، إلى جانب تعزيز الوعي بالتحديات النفسية والاجتماعية والاقتصادية التي قد يواجهها، وضرورة دعم صحته الجسدية والنفسية على حد سواء، ضمن رؤية متوازنة تعلي من قيمة الشراكة بين الجنسين في بناء المجتمعات.
ويرى مسؤولون ومختصون أن تخصيص يوم عالمي للرجل يكرس مفهوم التكامل بين أدوار الرجل والمرأة، وإبراز النماذج الإيجابية من الآباء والأزواج والأبناء، الذين يقومون بأدوار فاعلة في الاستقرار الأسري والتنمية المجتمعية، ويعتبرونه خطوة نحو مجتمع أكثر توازناً، يعترف بجميع أدواره الأساسية في التنمية، ويمنح كل فرد فيه مساحة للتعبير والمشاركة والمساهمة في بناء مستقبل أكثر تماسكاً.
وفي هذا السياق، أكدت شيخة سعيد المنصوري، مدير عام مؤسسة دبي لرعاية النساء والأطفال بالإنابة، أن اليوم العالمي للرجل يمثل منصة مهمة لتصحيح بعض الصور النمطية عن الرجل، وإبراز أدواره المتعددة في الأسرة والعمل والمجتمع، باعتباره شريكاً أصيلاً في حماية الأسرة، وخط الدفاع الأول عن استقرارها، وليس فقط المعيل مادياً كما ينظر إليه غالباً.
وقالت الدكتورة فاطمة الفلاسي، مدير عام جمعية النهضة النسائية بدبي: لا يمكن الحديث عن تمكين المرأة بمعزل عن دعم الرجل وتعزيز وعيه بدوره الإيجابي، فالعلاقة بينهما ليست علاقة تنافسية، بل تكاملية، إذ عندما ننشئ أجيالاً من الرجال القادرين على احترام المرأة وتقدير دورها، ومن النساء القادرات على تقدير جهود الرجل ودعمه، نكون قد وضعنا أساساً صلباً لأسرة صحية ومجتمع مستقر.
ركن أساسي
بدوره أكد اللواء الدكتور علي سنجل، قائد مشروع «ذخر» أن الاحتفاء بهذا اليوم يعزز الوعي بأهمية الصحة العقلية والجسدية للرجال، وتشجيعهم على الحفاظ على صحتهم العامة طوال حياتهم، ويسلط الضوء على الدور الحيوي الذي يؤديه الرجل في المجتمع، سواء في حياته الأسرية أو المهنية أو في المجالات الأخرى.
من جهتها، أكدت عفراء مبارك الحاي، المشرف العام على مبادرة الأعراس الجماعية بجمعية النهضة النسائية بدبي، أن الرجل الإماراتي اليوم شريك حقيقي في رعاية الأبناء، وداعم لتعليم زوجته وعملها، ومساهم في العمل التطوعي وخدمة المجتمع، مشيرة إلى أن التركيز على النماذج الإيجابية يعزز لدى الأجيال الجديدة صورة متوازنة عن الرجولة، تقوم على الاحترام والمسؤولية، لا على السلطة وحدها.
نماذج ملهمة
وشددت خولة المطروشي مديرة إدارة فعاليات أجيال المستقبل في «نسائية دبي»، على أهمية إبراز النماذج الملهمة من الرجال في المجتمع، من آباء يوازنون بين العمل والحياة الأسرية، وشباب منخرطين في العمل التطوعي، ورجال يدعمون تعليم بناتهم وزوجاتهم ويقفون خلف نجاحاتهن.
وأضافت: «عندما نروي قصص رجال صنعوا فارقاً في حياة أسرهم ومجتمعهم، فإننا نرسل رسائل غير مباشرة للأجيال الجديدة بأن الرجولة الحقيقية هي في العطاء، والالتزام، والاحترام، وتحمل المسؤولية، وليس في المظاهر أو التشدد».
تحديات نفسية واجتماعية
من ناحيته يرى الدكتور جاسم المرزوقي، خبير نفسي وأسري في «نسائية دبي»، أن الرجل يواجه بدوره تحديات متزايدة في ظل المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية المتسارعة، إذ يتعرض لضغوط مرتبطة بمتطلبات الحياة، وتوقعات الأسرة، والالتزامات المهنية، فضلاً عن صور نمطية مجتمعية قد تمنعه أحياناً من التعبير عن مشاعره أو الاعتراف بحاجته للدعم.
وأضاف: “كثير من الرجال يحملون أنفسهم عبء (الرجل القوي الذي لا يضعف ولا يشتكي)، وهذا النمط من التفكير قد يؤدي إلى احتقان نفسي طويل الأمد، وإلى مشكلات في العلاقات الزوجية والأسرية.
بدوره شدد الدكتور محمد نجفي، خبير نفسي، على أهمية إعادة تعريف مفهوم القوة على أنها القدرة على الاعتراف بالمشاعر، وطلب المساندة عند الحاجة، وتحمل المسؤولية تجاه الأسرة والمجتمع.
وقال: إن اليوم العالمي للرجل فرصة لفتح حوار مجتمعي أعمق حول صحة الرجل النفسية، والتوعية بمخاطر إهمالها، وتشجيع بيئة عمل وأسرة أكثر تفهماً لاحتياجاته الإنسانية، بعيداً عن الضغط المستمر ليبدو مثالياً في كل الأدوار.
تقدير وتشجيع
من جهتها، شددت الدكتورة لينة الأميري، أخصائية نفسية بدبي، على أهمية توفير بيئة عمل تراعي صحة الرجل النفسية، وتقلل من الضغوط غير الضرورية، وتقدير وجوده ومساهماته بدلاً من تجاهله أو التقليل من قيمتها وتشجيعه على بناء علاقات اجتماعية إيجابية تمنحه دعماً خارج نطاق الأسرة.
المصدر : البيان
