الإمارات تشارك عُمان احتفالاتها باليوم الوطني الـ 55

الإمارات تشارك عُمان احتفالاتها باليوم الوطني الـ 55

تشارك دولة الإمارات سلطنة عمان الشقيقة احتفالاتها باليوم الوطني الخامس والخمسين الذي يصادف 20 نوفمبر من كل عام، في تعبير صادق عن الأخوة التاريخية المتينة والعلاقات الاستراتيجية الشاملة بين البلدين والشعبين.

وتأتي هذه الاحتفالات لتجسد مدى تماسك الروابط بين الإمارات وعمان، التي تتجاوز العلاقات الرسمية لتشمل جميع الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتعكس حرص قيادتي البلدين على تعزيز التعاون المستمر، وترسيخ الشراكة الاستراتيجية التي تتأسس على تاريخ مشترك وأواصر أخوة متينة.

وتشهد الإمارات سنوياً فعاليات احتفالية متنوعة بهذه المناسبة، تشمل إضاءة المعالم الوطنية الشهيرة بالعلم العماني، واستقبال الزوار العمانيين القادمين عبر المعابر الحدودية والمطارات بالورود والهدايا التذكارية، إلى جانب تنظيم برامج خاصة في أبرز مراكز التسوق والترفيه في الدولة.

وتأتي هذه الفعاليات لتؤكد مدى التقارب الاجتماعي والثقافي بين الشعبين، حيث تشكل مساحة للتواصل المباشر بين المواطنين والمقيمين من كلا الجانبين، وتسهم في تعزيز الروابط الإنسانية والاجتماعية التي تستند إلى تاريخ طويل من الجيرة الطيبة والتعاون المشترك.

وتتسم العلاقات الإماراتية العمانية بخصوصية تاريخية فريدة، فالجذور التاريخية لهذه العلاقة تعود إلى ما قبل العصر الحديث، وتتميز بروابط ممتدة قائمة على الأخوة والتقارب الاجتماعي والثقافي والمصير المشترك.

فقد شهدت العلاقات بين البلدين العديد من المحطات البارزة، كان أبرزها اللقاء التاريخي بين المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، والسلطان قابوس بن سعيد في عام 1968، وكذلك زيارة الشيخ زايد إلى سلطنة عمان عام 1991، والتي شكلت نقطة تحول في مسار العلاقات الثنائية وأسفرت عن تشكيل اللجنة العليا المشتركة لتعزيز التعاون في مختلف المجالات الاقتصادية والثقافية والتعليمية والاتصالات والنقل، فضلاً عن خلق فرص الاستثمار المشترك وتطوير البنية التحتية بين البلدين.

وقد واصلت العلاقات الثنائية تطورها خلال السنوات الماضية، من خلال زيارات رسمية متبادلة تعكس عمق الشراكة الاستراتيجية، كان أهمها زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، إلى سلطنة عمان في سبتمبر 2022، والتي أسفرت عن توقيع نحو 16 اتفاقية ومذكرة تفاهم في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والأمنية والعلمية، لتؤكد متانة الروابط بين البلدين وأهمية التعاون الاستراتيجي على مختلف الأصعدة.

كما زار جلالة السلطان هيثم بن طارق دولة الإمارات في أبريل 2024، حيث تم توقيع اتفاقيات ومذكرات تفاهم إضافية، لتعزيز التعاون في مجالات الطاقة المتجددة والتكنولوجيا والسكك الحديدية والاستثمار والتعليم، بما ينسجم مع رؤية البلدين لتعزيز الاستقرار والتنمية في المنطقة.

تكامل وشراكة

وفي المجال الاقتصادي، تعكس العلاقات التجارية بين الإمارات وعمان مستوى عالياً من التكامل والشراكة الاستراتيجية، حيث بلغ حجم التجارة غير النفطية بين البلدين خلال العام الماضي نحو 54.3 مليار درهم، بنمو قدره 7% مقارنة بعام 2023، وبزيادة 12% مقارنة بعام 2022، كما وصل حجم التجارة خلال النصف الأول من العام الجاري إلى نحو 30 مليار درهم، بزيادة نسبتها 14.5% مقارنة بالنصف الأول من عام 2024، وبنسبة 5.4% مقارنة بالنصف الثاني من العام نفسه.

وبلغت قيمة الصادرات غير النفطية بين الجانبين نحو 17.8 مليار درهم، وقيمة إعادة التصدير 22.7 مليار درهم، فيما بلغت الواردات نحو 13.8 مليار درهم، ما يعكس ديناميكية التبادل التجاري والشراكة الاقتصادية المتنامية بين البلدين.

وتعتبر سلطنة عمان ثاني أكبر شريك تجاري للإمارات في مجلس التعاون الخليجي، حيث تمثل نحو 16.3% من تجارة الإمارات غير النفطية مع دول المجلس، كما تحتل المرتبة الثالثة خليجياً والرابعة عربياً في استقبال واردات الإمارات.

استثمارات

أما على صعيد الاستثمارات، فتعتبر الإمارات الوجهة الأولى عالمياً للاستثمارات العمانية الخارجية، حيث استحوذت على نحو 42% من إجمالي الاستثمارات العمانية في الخارج نهاية عام 2024، بقيمة بلغت نحو 945.4 مليون ريال عماني، أي ما يعادل 2.45 مليار دولار أمريكي، في حين جاءت الإمارات في المرتبة الثالثة بين كبرى الدول المستثمرة في سلطنة عمان بإجمالي استثمارات بلغ 638.4 مليون ريال عماني (1.66 مليار دولار أمريكي).

وشهدت السنوات الأخيرة توقيع مشاريع استراتيجية مشتركة، أبرزها تطوير وتشغيل المرحلة الأولى من المنطقة الاقتصادية الخاصة بالروضة بمحافظة البريمي، بالشراكة بين الهيئة العامة للمناطق الاقتصادية الخاصة في عمان وشركة محضة الإماراتية العمانية المشتركة، وبالتعاون مع مجموعة موانئ دبي العالمية.

كما تضمنت الاتفاقيات الاستثمارية ومذكرات التفاهم الموقعة في أبريل 2024 مشاريع للطاقة المتجددة والمعادن الخضراء، والربط بالسكك الحديدية والبنية التحتية الرقمية، بما يعكس التوجه نحو تعزيز التكامل الاقتصادي المشترك بين البلدين.

وتجمع الإمارات وعمان موروثاً ثقافياً مشتركاً يمتد عبر الفنون والأدب والعادات والتقاليد، ما أسهم في تكوين هوية ثقافية متجانسة لشعبيهما، ويظهر ذلك في عمق الروابط الاجتماعية والعائلية بين المواطنين من كلا الجانبين، حيث يقيم العديد من العمانيين في الإمارات ويعملون في قطاعات مختلفة، فيما تشهد المناسبات الوطنية زيارات متبادلة بين العائلات، ما يعكس التفاعل الاجتماعي والثقافي العميق والتقارب المجتمعي بين البلدين.

وفيما يخص الرؤية المستقبلية والتنمية المستدامة، تواصل سلطنة عمان مسيرة نهضتها الشاملة ضمن رؤية «عمان 2040»، التي تهدف إلى تنويع وتعزيز الاقتصاد الوطني، وتحقيق نمو سنوي مستدام بنسبة 5%، وزيادة متوسط دخل الفرد بنسبة تصل إلى 90%، بالإضافة إلى تطوير نظام تعليمي عالي الجودة، وإنشاء منظومة وطنية متكاملة للبحث العلمي والابتكار، بما يسهم في بناء اقتصاد معرفي متنوع وجاذب لسوق العمل.

وقد بلغ إجمالي الاستثمارات الأجنبية في قطاع الصناعات التحويلية نهاية 2024 نحو 2.489 مليار ريال عماني، فيما سهلت وزارة الاستثمار والتعاون الدولي تنفيذ 43 مشروعاً استثمارياً بقيمة إجمالية تجاوزت 2.251 مليار ريال عماني، مع تطوير خريطة فرص الاستثمار عبر منصة «استثمر في عمان»، وإطلاق محكمة الاستثمار والتجارة لتوفير الأطر القانونية الداعمة لنمو الأعمال والاستثمارات.

وتشكل العلاقات الثنائية بين البلدين نموذجاً استثنائياً للتعاون والشراكة الاستراتيجية، فهي مبنية على تاريخ مشترك وأواصر أخوة ومصير متقارب، وتغطي جميع المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية، كما توفر قاعدة متينة لتعزيز التنمية الاقتصادية المستدامة، وتحقيق التكامل في مجالات الاستثمار والتجارة والطاقة والتعليم والابتكار، بما يصنع حاضراً مشتركاً ويستشرف مستقبلاً واعداً، ويعكس رؤية قيادتي البلدين في تعزيز الوحدة والأمن والاستقرار في المنطقة.

المصدر : البيان