قدّمت شركة “إنفيديا” توقعات إيرادات قوية على نحو مفاجئ، ودافعت عن نفسها في مواجهة فكرة أن صناعة الذكاء الاصطناعي تعيش فقاعة، مما خفّف المخاوف التي انتشرت في قطاع التكنولوجيا.
تتوقع الشركة الأكثر قيمة في العالم مبيعات تبلغ نحو 65 مليار دولار في ربع يناير، أي أكثر بحوالي 3 مليارات دولار مما توقعه المحللون. وقالت “إنفيديا” أيضاً إن إيرادات بنصف تريليون دولار من المتوقع تحقيقها في الفصول المقبلة، قد تكون أكبر مما كان متصوراً.
تشير التوقعات إلى أن الطلب لا يزال قوياً على مسرّعات الذكاء الاصطناعي من الشركة، وهي شرائح باهظة وقوية تُستخدم لتطوير نماذج الذكاء الاصطناعي. وكانت “إنفيديا” قد واجهت مخاوف متزايدة في الأسابيع الأخيرة من أن الإنفاق الهائل على هذه المعدات قد لا يكون مستداماً.
اقرأ أيضاً: “فيديلتي”: موجة صعود أسهم الذكاء الاصطناعي ستتغلب على مخاوف الفقاعة
وقال الرئيس التنفيذي جنسن هوانغ في اتصال هاتفي مع المحللين: “كان هناك الكثير من الحديث عن فقاعة ذكاء اصطناعي. ومن وجهة نظرنا، نرى شيئاً مختلفاً تماماً”.
أسهم “إنفيديا” تقفز… وزخم الذكاء الاصطناعي يدفع السوق
أدت هذه التعليقات المتفائلة إلى ارتفاع الأسهم بنحو 5% في التداولات الممتدة. وكانت أسهم الشركة قد ارتفعت بنسبة 39% هذا العام حتى الإغلاق الأخير، ليرتفع تقييمها السوقي إلى 4.5 تريليون دولار.
أصبحت نتائج “إنفيديا” مقياساً لصحة صناعة الذكاء الاصطناعي، ودفع الخبر أسهماً عديدة ذات صلة إلى الارتفاع. صعدت شركة “كور وايف” (CoreWeave) مزوّد حوسبة الذكاء الاصطناعي، بأكثر من 9% في التداولات الممتدة، فيما ارتفعت “نيبيوس غروب” (Nebius Group) بأكثر من 8%.
وكتب برايان مولبيري، مدير المحافظ لدى “زاكس إنفستمنت مانجمنت” (Zacks Investment Management)، في مذكرة: “تتفاعل الأسواق بإيجابية كبيرة مع الأخبار التي تُظهر عدم وجود أي تباطؤ في زخم الذكاء الاصطناعي… الطلب على حلول إنفيديا ما يزال قوياً”.
إيرادات مرشحة للارتفاع أكثر
كان هوانغ قد قال الشهر الماضي إن لدى الشركة أكثر من 500 مليار دولار من الإيرادات القادمة خلال الفصول المقبلة. وأوضح أن مالكي مراكز البيانات الكبرى سيواصلون الإنفاق على المعدات الجديدة لأن استثمارات الذكاء الاصطناعي بدأت تحقق عوائد.
اقرأ أيضاً: لماذا “إنفيديا” ملكة رقائق الذكاء الاصطناعي؟
وقالت المديرة المالية كوليت كريس يوم الأربعاء إن “إنفيديا” قد تتجاوز حتى هدف الـ 500 مليار دولار. وأضافت خلال الاتصال الهاتفي: “هناك بالتأكيد فرصة لأن نحصل على أكثر من الـ 500 مليار دولار التي أعلنا عنها… الرقم سينمو”.
وقال هوانغ إن الدور المتنامي للذكاء الاصطناعي سيساعد على الحفاظ على الطلب على منتجات الشركة. فالتكنولوجيا تسهم في تسريع مهام الحوسبة الحالية مثل البحث، وهي على وشك دخول العالم المادي عبر الروبوتات وأجهزة أخرى.
نتائج ربع ثالث تفوق التوقعات
كما تجاوزت نتائج الربع الثالث توقعات المحللين. فقد ارتفعت الإيرادات بنسبة 62% إلى 57 مليار دولار في الفترة التي انتهت في 26 أكتوبر. وبلغ الربح 1.30 دولار للسهم، بينما توقع المحللون مبيعات تبلغ 55.2 مليار دولار وأرباحاً قدرها 1.26 دولار للسهم.
وسجل قسم مراكز البيانات الرئيسي في الشركة إيرادات بلغت 51.2 مليار دولار، مقارنة مع تقديرات بمتوسط 49.3 مليار دولار. أما شرائح ألعاب الكمبيوتر، التي كانت في السابق المصدر الرئيسي لإيرادات الشركة، فقد حققت مبيعات بقيمة 4.3 مليار دولار مقارنة بتقدير قدره 4.4 مليار دولار.
وتعكس التوقعات للربع الأخير أداءً مذهلاً للشركة. فالمبيعات ستكون أعلى بأكثر من 10 مرات من مستواها قبل ثلاث سنوات فقط. كما أن “إنفيديا” في طريقها لتحقيق صافي دخل سنوي يفوق ما تحققه شركتا “إنتل” و”إيه أم دي” (AMD) مجتمعتين من المبيعات.
قيود على الصين… وتحديات تعصف بالشركة
لكن توسع “إنفيديا” واجه تحديات. فقد أدّت القيود الأميركية على شحن الشرائح المتقدمة إلى الصين إلى حرمان الشركة من سوق عملاق لمنتجاتها.
وقد ضغط هوانغ على واشنطن للتراجع عن هذه القواعد، قائلاً إنها تأتي بنتائج عكسية على المخاوف الأمنية التي يفترض أن تعالجها. لكن حتى بعد التراجع عن بعض العناصر الأكثر صرامة، فإن “إنفيديا” لا تتوقع حالياً أي مبيعات لمسرّعات الذكاء الاصطناعي في الصين.
اقرأ أيضاً: “إنفيديا”: لا خطط لشحن رقائق الذكاء الاصطناعي “بلاك ويل” إلى الصين
وقال هوانغ في مقابلة مع تلفزيون “بلومبرغ”: “توقعاتنا للصين هي صفر… نودّ لو نحصل على فرصة لإعادة الانخراط في السوق الصينية بمنتجات ممتازة”.
كما أعرب بعض المستثمرين عن مخاوف بشأن هيكلة الصفقات الضخمة التي تعقدها “إنفيديا” مع العملاء، والتي تشمل استثمارات في شركات ناشئة مثل “أوبن إيه آي” و”أنثروبيك”، وهو ما يثير تساؤلات حول ما إذا كانت هذه الاتفاقات تخلق طلباً مصطنعاً على قدرة الحوسبة.
وفي وقت سابق هذا الأسبوع، قالت “إنفيديا” وعميلتها “مايكروسوفت” إنهما التزمتا باستثمار ما يصل إلى 15 مليار دولار في “أنثروبيك”. وتعهدت الشركة الناشئة أيضاً بشراء 30 مليار دولار من القدرة الحوسبية من خدمة “أزور” التابعة لـ”مايكروسوفت”، والعمل مع مهندسي “إنفيديا” على تحسين الشرائح ونماذج الذكاء الاصطناعي.
اقرأ أيضاً: هل بيع “حوت ناسداك” لأسهم “إنفيديا” يعبر عن يأس؟
وخلال الاتصال الهاتفي، وُجّهت أسئلة لهوانغ بشأن هذه الصفقات، فقال إن استثمار “إنفيديا” في “أوبن إيه آي”، الذي لم يكتمل بعد، سيحقق عوائد جيدة. أما دعم “أنثروبيك” فسيُسهم، على حد قوله، في بناء علاقة مع شركة لم تكن سابقاً مستخدماً كبيراً لتقنيات “إنفيديا”.
منافسون يشتدّ طموحهم… و”إنفيديا” واثقة من موقعها
ازدادت ثقة بعض منافسي “إنفيديا” بقدرتهم على تحدي هيمنتها على مسرّعات الذكاء الاصطناعي. ففي وقت سابق من هذا الشهر، توقعت “إيه أم دي” نمواً متسارعاً في أعمال شرائح الذكاء الاصطناعي، وروّجت لآفاق منتجات جديدة مقبلة.
اقرأ أيضاً: “AMD” تتوقع تسارعاً في المبيعات بدعم من الطلب على منتجات مراكز البيانات
كما أعلنت “إيه أم دي” و”برودكوم” و”كوالكوم” جميعها عن شراكات مع مستخدمين كبار لشرائح “إنفيديا”. إلى جانب ذلك، يتجه مشغلو مراكز البيانات بشكل متزايد نحو استخدام تصاميم داخلية، بما يقلل اعتمادهم على إمدادات “إنفيديا”.
وقال هوانغ يوم الأربعاء إن الضغط التنافسي لا يزال منخفضاً. وأضاف أن عدد العملاء الذين يتجهون إلى “إنفيديا” بعد تجربة البدائل أصبح أكبر من أي وقت مضى. وأشار إلى أن تعقيد أنظمة حوسبة الذكاء الاصطناعي يمنح شركته موقعاً قوياً.
انتشار عالمي… وطموح لتوسيع تطبيقات الذكاء الاصطناعي
كما يضغط هوانغ لنشر الذكاء الاصطناعي في أجزاء أكبر من الاقتصاد العالمي. فقد بدأ الرئيس التنفيذي جولة حول العالم لإقناع الهيئات الحكومية والشركات باعتماد تقنياته.
تأسست “إنفيديا” عام 1993، وكانت رائدة في سوق الشرائح الرسومية المستخدمة لإنشاء صور واقعية لألعاب الكمبيوتر. وتعد “إيه أم دي” المنافس الرئيسي الوحيد لها في هذا المجال.
وبنت “إنفيديا” هيمنتها في الذكاء الاصطناعي من خلال تكييف هيكلية الشرائح نفسها لمعالجة كميات هائلة من البيانات، مما ساعد الباحثين على ابتكار برامج بدأت تضاهي القدرات البشرية.
ولا تزال الشركة، التي تتخذ في سانتا كلارا في كاليفورنيا مقراً لها، تسيطر على أكثر من 90% من سوق شرائح مسرّعات الذكاء الاصطناعي. وقد أضافت منتجات أخرى ضمن المجموعة لتثبيت تفوقها، بما في ذلك حلول الشبكات والبرمجيات والخدمات الأخرى.
وقال هوانغ في المقابلة: “نحن نحقق نتائج قوية للغاية… قمنا بعمل جيد في التخطيط لعام قوي للغاية”.
المصدر : الشرق بلومبرج
