تدرس الصين اتخاذ إجراءات جديدة لإنعاش سوقها العقارية المتعثرة، وسط تزايد المخاوف من أن مزيداً من الضعف في القطاع قد يهدد بزعزعة استقرار نظامها المالي، وفقاً لأشخاص مطلعين على الأمر.
ويبحث صناع السياسات، بمن فيهم وزارة الإسكان، سلسلة خيارات، مثل تقديم دعم على الرهن العقاري للمشترين الجدد للمرة الأولى على مستوى البلاد، بحسب الأشخاص الذين طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم لمناقشتهم مسألة خاصة.
وتشمل التدابير الأخرى التي يجري التداول بشأنها زيادة حسومات ضريبة الدخل لمقترضي الرهن العقاري، وخفض تكاليف معاملات الإسكان، وفقاً لأحد الأشخاص.
وقال الأشخاص إن الخطة كانت قيد النقاش منذ الربع الثالث على الأقل، مع تعمق التراجع في مبيعات وأسعار الإسكان، مضيفين أن توقيت وتفاصيل السياسات التي سيتم تنفيذها ما تزال غير مؤكدة.
اقرأ أيضاً: تسارع تراجع أسعار المنازل في الصين رغم إجراءات لدعم القطاع
تحاول الصين جاهدة وضع حد لتراجع سوق العقارات المستمر منذ أربع سنوات، ما أثّر على كل شيء من ثروة الأسر إلى الاستهلاك والتوظيف.
ورغم تسجيل القطاع العقاري تحسّناً طفيفاً بعدما كثّفت الحكومة دعمها قبل نحو عام، فإن الزخم تلاشى سريعاً. ومنذ الربع الثاني، تراجعت مبيعات المنازل وانخفض الاستثمار في الأصول الثابتة بشكل حاد الشهر الماضي.
ضعف السوق العقارية يهدد جودة أصول المصارف
يعني ضعف الآفاق المستقبلية للسوق العقارية، إلى جانب تراجع قدرة الأسر على سداد الرهون العقارية والقروض الشخصية الأخرى، أن جودة أصول البنوك قد تتدهور العام المقبل، بحسب محللين في “فيتش ريتينغز” الشهر الماضي. وارتفعت القروض المتعثرة في البنوك الصينية إلى مستوى قياسي بلغ 3.5 تريليون يوان (492 مليار دولار) بنهاية سبتمبر.
ولم ترد وزارة الإسكان والتنمية الحضرية والريفية على طلب للتعليق.
ويهدف مقترح دعم تكاليف الفائدة على الرهون العقارية الجديدة إلى جذب المشترين مجدداً، بعد إحجامهم عن دخول سوق تتراجع بسرعة.
وبقي متوسط معدل الرهن العقاري للمشترين لأول مرة في 42 مدينة كبيرة عند نحو 3.06% في الأشهر الأخيرة، مقارنة بالحد الأدنى التاريخي البالغ 3.05% في أكتوبر من العام الماضي عندما كشفت الصين عن حزمة تحفيز عقاري.
وفي خطوة مشابهة، بدأت الصين في سبتمبر تقديم دعم على الفائدة للقروض الاستهلاكية لتعزيز الإنفاق الأسري. ويمكن للمقيمين الحصول على خفض بنسبة نقطة مئوية في معدل الفائدة، مع سقف يعتمد على حجم القرض.
وتزايدت الدعوات لاتخاذ خطوات أكثر قوة لدعم سوق العقارات السكنية في الأشهر الأخيرة، بعد أن فشلت التدابير السابقة، بما في ذلك خفض حدود القروض وتخفيف القيود على عمليات الشراء المتعددة، في وقف التدهور.
استمرار الانكماش رغم التخفيف في المدن الكبرى
خففت بكين وشنغهاي وشينزين، أكبر ثلاث مدن في الصين، متطلبات شراء المنازل، وخاصة في الضواحي خلال الربع الماضي. ومع ذلك، سجّلت أسعار المنازل الجديدة والمعاد بيعها أكبر انخفاض لها في أكتوبر منذ عام على الأقل.
اقرأ أيضاً: الصين تعزز دعم سوق العقارات عبر تخفيف القيود في شنغهاي
وفي الوقت نفسه، لا يزال المستهلكون الصينيون في حالة خفض للديون، بفعل توقعات الدخل الضعيفة وارتفاع حالة عدم اليقين في اقتصاد يتباطأ. وتراجعت قيمة الرهون العقارية السكنية القائمة في الربعين الثاني والثالث إلى 37.4 تريليون يوان، وهي الآن أقل بنسبة 3.9% من ذروتها في أوائل عام 2023.
ما تقوله “بلومبرغ إنتليجنس”:
“من المحتمل أن تكون مئات المليارات من اليوان من الرهون العقارية في حالة قيمة سالبة، وهو اتجاه مرشح للتفاقم، مما سيؤثر على ثقة المشترين ويسهم في مزيد من تراجع مبيعات المنازل.
وهذا قد يعرّض مخزون مطوري العقارات الصينيين لمزيد من التآكل، وكذلك قيمة الاسترداد لحاملي السندات”.
أندرو تشان ودانيال فان
القيود الجديدة ومحدودية قدرة البنوك على الخفض
في العام الماضي، ألغت الصين الحد الأدنى الوطني لمعدل الرهن العقاري للمشترين الأفراد، في محاولة لخفض تكاليف الاقتراض.
ثم سمح البنك المركزي لنظام الانضباط الذاتي المحلي لأسعار الفائدة، وهو هيئة إشراف يقودها، بأن يقرر ما إذا كان هناك حاجة لوجود حد أدنى لسعر الفائدة في اختصاصاته المحلية.
لكن هذا الجهد واجه قيوداً بسبب تراجع ربحية البنوك الصينية وتدهور جودة أصولها. فقد انخفض هامش صافي الفائدة للبنوك التجارية إلى 1.42% بنهاية سبتمبر. وبقي هذا المقياس أدنى من عتبة 1.8%، التي تساعد في الحفاظ على ربحية معقولة، لأكثر من عامين.
المصدر : الشرق بلومبرج
