افتتح عبد الله بن محمد العويس رئيس دائرة الثقافة في الشارقة، ومحمد إبراهيم القصير مدير إدارة الشؤون الثقافية في الدائرة، مدير مهرجان الفنون الإسلامية، 8 معارض لـ70 مبدعاً في الخطوط العربية والزخرفة الإسلامية، وذلك في ساحة الخط في قلب الشارقة، بحضور عدد كبير من الفنانين والخطّاطين ومحبي فن الخط العربي.
تأتي المعارض الثمانية ضمن فعاليات الدورة السادسة والعشرين من المهرجان، وهي: «سراج» لفاطمة لوتاه، و«تعاقب الأجيال» لمحمد مندي وتلامذته» الإمارات، و«ضوء الحبر الأسود» للفنان التركي فاتح أوزكافا، و«تواصل» للفنان المصري عصام عبد الفتاح وتلميذه أشرف حسن، و«سراج المداد» للخطاط الراحل عباس البغدادي، والخطّاط السوري أيمن غزال، و«انعكاس» للفنان التركي البروفيسور د. عمر فاروق تاشكله وطلابه، و«وَشْيُ الحروف» للفنانين المغربيين بدر السيحي وفؤاد ابليلي، و«فنون القلم» للفنان الإيراني حبيب رمضان بور.
وتجوّل العويس والقصير والحضور في المعارض الثمانية، مطّلعين على مجموعة من الأعمال الخطية والزخرفية والمذهّبة التي أنجزها أكثر من سبعين مبدعاً، كما استمعوا إلى شروح الفنانين حول موادهم وتقنياتهم وأساليب معالجاتهم البصرية، وما تحمله أعمالهم من رؤى جمالية تعكس تنوّع التجارب المشاركة.
وتوقّف الحضور عند أبرز المحطات التي تقدمها المعارض، ولا سيّما الأعمال التي تستعيد جماليات الخط العربي في صياغات معاصرة، وتلك التي تمزج بين الحرف واللون والمواد الخام بأساليب مبتكرة.
وفي ختام الجولة، سلّم العويس والقصير للمشاركين في المعارض شهادات تقدير، تكريماً لجهودهم الفنية المبذولة، ومساهمتهم الإبداعية.
*دفء
يحمل معرض«سراج» لفاطمة لوتاه، خطوطاً تحاكي نبضات القلب، دافئة، تغمر المكان بالضياء، وأحجار صامدة كذاكرة المكان الراسخة في الأذهان.
حملت جدران جمعية الإمارات لفن الخط العربي والزخرفة الإسلامية، المعرض الخطّي«تعاقب الأجيال»، حيث يجسّد رغبةً مكنونةً مقرونةً بتذوّق الخطّ العربي وفنونه المصاحبة بجمالياته وآدابه وأعرافه وقواعده، وهي نصوص تنساب من بين يدي تلاميذ محمد مندي، ولا ترتهن بزمن محدّد، بل تستمر إلى ما بعد نيل الإجازة، في صلة كريمة قائمة على الاحترام ممّا يستوجب الوقار من التلميذ نحو أستاذه، وتبقى سلاسل تعليم الخطّ، وتعلمه عبر الأجيال في جهود ثَرَّة لتجويده وتحسينه وتعليمه، ولا ينسى التلميذ أن يذكر فضل أستاذه أو أساتذته، فيما قدّموه من خدمة لهذا الفنّ الخالد.
*تعددية
يأتي معرض«انعكاس» للدكتور عمر فاروق تاشكله وطلابه، الذي أقيم في بيوت الخطاطين، متناولاً لموضوعات، مثل: الحب، والطبيعة، والحياة اليومية، وتتميز اللوحات بألوان يغلب عليها الذهبي والأزرق الداكن.
ولا تقتصر هذه الأعمال على النصوص أو الزخارف الكتابية فحسب، بل هي أيضاً أعمال فنية تحمل قصة، وغالباً ما تقدم رسائل عن الحياة. كما أنها صور تعكس الجمال الكامن في الحياة.
تتميز هذه الأعمال بالزخارف النباتية، والزخارف الرومية، والزخارف السحابية، إضافة إلى الزخارف الهندسية. نُفّذت الأعمال بنهج حديث حرّ، من خلال استخدام مواد مختلفة إضافة إلى الاستعانة بالتكنولوجيا والتقنيات الحديثة.
جميع الفنانين المشاركين، (37 مشاركاً)، في المعرض من طلاب جامعة معمار سنان للفنون الجميلة، كلية الفنون الجميلة، قسم الفنون التركية التقليدية، تخصّص فنّ التذهيب والزخرفة، وهم طلاب تتلمذوا على يد البروفيسور فاروق تاشكله.
*نبض
استضافت دار الندوة معرض «فنون القلم» للإيراني حبيب رمضان، حيث شارك إبداعاته التي تتجلّى فيها اللوحات وهي نابضة بروح الحرف وجمالياته، حاملةً تنوعاً واسعاً من الخطوط العربية بتقاسيمها المتعددة، في تجسيد يبرز طواعية القلم وقدرته على التعبير عن ذائقة بصرية غامرة بالجمال.
كما استضافت دار الندوة معرض«وَشْيُ الحروف» ليكشف عن جوهر التجربة الفنّية التي يسعى إلى تقديمها المبدعان المغربيان: الخطّاط بدر السيحي، والمزخرف فؤاد ابليلي، حيث يلتقي الحرف المغربي بألق الزخرفة المغربية في فضاء واحد.
يسعى المعرض إلى إبراز الصورة الأصيلة للفنون التقليدية المغربية، وذلك من خلال لوحات تستلهم جماليات المخطوطات العريقة وروح الزخرفة المغربية. يقدّم المعرض مزيجاً متوازناً بين وفاءٍ للقواعد الكلاسيكية للخطّ والزخرفة، وبين ابتكارٍ معاصر يفتح آفاقاً جديدة أمام هذا الفنّ العريق، في رحلة بصرية تمخر عُباب الزمن من المخطوط المرفوف إلى اللوحة الفنية الحديثة.
بهذا المعنى، يشكّل «وَشْيُ الحروف» رحلة بصرية تمتدّ من عبق التراث إلى آفاق المعاصرة، وتكشف عن فنّ مغربي أصيل يستمر في الإبداع والعطاء.
*ذاكرة حية
في بيت الخزف أقيم معرض «سراج المداد» للخطاط الراحل عباس بغدادي، الذي يأتي استذكاراً لأحد أبرز عمالقة فنّ الخطّ العربي في العالم الإسلامي، وصاحب أحد الأساليب التي أثّرت في أجيال متعدّدة ومئات الطلبة والخطّاطين حول العالم، وجاءت فكرته (أي المعرض) على يد الفنّان السوري أيمن غزال تخليداً لذكرى أستاذه.
من هنا، يأتي هذا المعرض التكريمي الأول من نوعه بعد رحيل بغدادي، ليكون استذكاراً حقيقياً، وتقديراً لأعماله الخالدة التي ما زالت تجوب العالم حتى يومنا هذا.
ليس هذا المعرض مجرد مساحة لعرض الحرف، بل هو استحضار لذاكرة حيّة، واحتفاء بجمالٍ خطّه إنسانٌ جعل من الحرف وطناً، ومن النقطة بداية كونٍ يتنامى بالحسّ والجمال.
يقول غزال:«لقد التقيت به، وتلقيت على يديه دروساً كان لها الأثر الأعمق في تكويني الفنّي». جمعت أمشاقه، وكتاباته، وبقايا أوراقه المبعثرة التي كان يعشقها، وجعلتها مصدراً لإلهامي الروحي، ليكون هذا المعرض تجسيداً حقيقياً وإرثاً جمالياً لعصارة أفكاره التي تأبى الرحيل».
* مهارة
أقيم المعرضان«تواصل»، و«ضوء الحبر الأسود»، في مركز الشارقة لفن الخط العربي والزخرفة الإسلامية.
يقوم معرض«تواصل» على إبراز الخطّ الكوفي بوصفه محوراً رئيسياً، حيث تتجلى فيه مهارة عصام عبد الفتاح وتميّز أعماله بما تحمله من خصوصية بنائية وثراء لوني، انعكست بدورها على أعمال تلميذه أشرف حسن. غير أن الأخير حرص على ألّا يكتفي بالتقليد، بل سعى إلى إضفاء بصمته الخاصة، ليقدّم أعمالاً تحمل روح الكوفي بلمسة عصرية متجددة.
هذا المعرض مثال على التواصل بين الأجيال، علّه يكون بداية لحوار جادّ بين الأجيال، ويسهم في تطور فنّ الخطّ العربي بروح متجددة إبداعياً، بعيداً عن روح المحاكاة والتقليد.
يضم معرض د. أوزكافا «ضوء الحبر الأسود» نماذج من الخطّ الكلاسيكي المنفّذ بالتكوينات التقليدية وبالحبر الأسود وحده، إلى جانب أمثلة أكثر عصرية استخدم فيها تنوّع من الألوان، وغالباً ما تتمحور النصوص في هذه الأعمال حول آيات مختارة من القرآن الكريم.
كما يقدّم المعرض أعمالاً تنتمي إلى أجناس مختلفة من فنّ الخطّ، من أبرزها: الحلية، والقطعة، وتكوينات الثلث الجلي، ورسومات الثلث الجلي، ولوحات بخطّ الثلث، ولوحات بخطّ المحقق، إلى جانب التكوينات الحديثة، ولوحات (مذهّبة بالذهب).
المصدر : صحيفة الخليج
