واشنطن ولندن تتفقان على صفقة بشأن الرسوم على الأدوية

واشنطن ولندن تتفقان على صفقة بشأن الرسوم على الأدوية

توصلت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى اتفاق مع المملكة المتحدة يسمح باستيراد المنتجات الدوائية من دون رسوم جمركية، مقابل خفض كبير في الحسومات التي تدفعها شركات الأدوية لهيئة خدمة الصحة الوطنية البريطانية.

وقال مكتب الممثل التجاري للولايات المتحدة يوم الإثنين إن أميركا وافقت على “استثناء الأدوية ومنتجاتها الوسيطة والتقنيات الطبية ذات المنشأ البريطاني من رسوم القسم 232″. كما ستقوم الولايات المتحدة أيضاً بـ”الامتناع عن استهداف سياسات تسعير الأدوية في المملكة المتحدة” في بعض التحقيقات التجارية خلال فترة رئاسة ترمب، وفقاً للبيان.

وبينما كانت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة قد اتفقتا في وقت سابق من العام الجاري على إطار تجاري يحدد معدل رسوم عاماً على السلع البريطانية، لم يكن البلدان قد حسما بعد كيفية التعامل مع المنتجات الأساسية، بما في ذلك الأدوية.

وقد ارتكزت المفاوضات على سعي ترمب لتحقيق “تكافؤ الفرص” في أسعار الأدوية، ووضع حد لما وصفه بـ”الاستفادة من دون مقابل” التي تمارسها بعض الدول على حساب الأبحاث والابتكارات الأميركية.

وبموجب الاتفاق، سترفع الحكومة البريطانية إنفاقها على الأدوية بنسبة 25%، من خلال رفع الحد الأدنى الذي تستخدمه هيئة الصحة، لتحديد ما إذا كان الدواء فعّالاً من حيث التكلفة، وهو مطلب أساسي لشركات الأدوية التي تقول إنه يُستخدم كحدّ يقيد المبيعات.

كما ستخفض المملكة المتحدة الحد الأقصى للحسومات التي يدفعها مصنّعو الأدوية على مبيعات الأدوية للهيئة إلى 15%، وفقاً لما قالته الحكومتان في بيانين، مقارنة بالمستوى الحالي البالغ نحو 23%. وكانت “بلومبرغ” قد نشرت هذه التفاصيل في تقرير سابق.

برنامج الحسومات والإنفاق الدوائي في المملكة المتحدة

تستخدم المملكة المتحدة برنامجاً معقداً لوضع حدّ لإنفاق الهيئة على الأدوية، يُعرف باسم “مخطط التسعير الطوعي للأدوية ذات العلامات التجارية وإمكانية الوصول والنمو”. وإذا تم تجاوز مستوى معين من الإنفاق على الأدوية، تقوم شركات الأدوية بدفع أموال للحكومة عبر حسومات تُفرض على مبيعات أدويتها.

وكان هذا موضع شكوى رئيسية بين الشركات الدوائية، التي تقول إنها تدفع مبالغ أعلى بكثير في المملكة المتحدة مقارنة بالدول الأوروبية الأخرى.

وكان الخلاف يضرب علاقة حكومة حزب العمال مع شركات الأدوية الكبرى، في وقت تحتاج فيه البلاد إلى استثمارات لتعزيز الإنتاجية. وكانت شركة “أسترازينيكا” من بين عدد من الشركات التي تراجعت عن مشاريع خلال الأشهر الماضية.

وقال ريتشارد توربيت، الرئيس التنفيذي لرابطة صناعة الأدوية البريطانية، في بيان: “يمثل الاتفاق خطوة مهمة لضمان حصول المرضى على الأدوية المبتكرة اللازمة لتحسين النتائج الصحية الأوسع ضمن الهيئة”. وأضاف: “كما ينبغي أن يضع الاتفاق المملكة المتحدة في موقع أقوى لجذب واستبقاء استثمارات علوم الحياة العالمية والأبحاث الطبية المتقدمة”.

اقرأ أيضاً: ترمب ورئيس وزراء بريطانيا يعلنان بدء تطبيق اتفاق خفض الرسوم

وقالت شركة “بريستول مايرز سكويب” إنها تتوقع استثمار أكثر من 500 مليون دولار في المملكة المتحدة خلال السنوات الخمس المقبلة بناءً على التعهدات الجديدة للبلاد، وفقاً للرئيس التنفيذي كريس بورنر. وسيشمل ذلك الأبحاث والتطوير والتصنيع، بحسب قوله.

انتقادات واسعة ودور ترمب في الضغط التجاري

لكن ديرميد ماكدونالد، المدير التنفيذي لمجموعة المرضى “جست تريتمنت”، وصف الاتفاق بأنه “خيانة” لمرضى هيئة خدمة الصحة الوطنية.

وقال في بيان: “حصلت شركات الأدوية الكبرى على ما تريده. ودونالد ترمب حصل على ما يريده. لقد خضعت الحكومة، وسيكون على آلاف المرضى دفع الثمن بأرواحهم، فيما تُسحب أموال ثمينة من أجزاء أخرى من منظومة الصحة لتمويل أرباح كبار التنفيذيين في شركات الأدوية”.

وأصبح الخلاف بين الحكومة والشركات بشأن التسعير جزءاً من محادثات الاتفاق التجاري مع الولايات المتحدة، والذي سيشهد حصول المملكة المتحدة على معدل رسوم صفري على السلع الدوائية لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات.

وقدّم ترمب إعفاءات مماثلة لشركات الأدوية من دول تجارية كبيرة أخرى، بما في ذلك اتفاق يضع سقفاً للرسوم المفروضة على الأدوية القادمة من الاتحاد الأوروبي عند 15%.

وكانت عدة شركات، من بينها “أسترازينيكا”، قد أبرمت بالفعل اتفاقات مع البيت الأبيض لخفض أسعارها في الولايات المتحدة، مقابل إعفاءات من الرسوم الجمركية.

واستخدم ترمب صلاحياته بموجب القسم 232 من قانون توسيع التجارة، الذي يسمح للحكومة الأميركية بفرض رسوم على السلع التي تُعد حيوية للأمن القومي، لاستهداف عدة قطاعات، بما في ذلك الأدوية، في محاولة لإجبار الشركات على إعادة الإنتاج إلى الداخل وتأمين أسعار أقل للأدوية المستوردة للمستهلكين الأميركيين.

كما تستخدم الإدارة القسم 301 من قانون التجارة للتحقيق في تكاليف الأدوية، في مسعى للضغط على الدول بشأن أسعارها الخاصة.

المصدر : الشرق بلومبرج