«ليس للسابح أن يعلو على الماء»، و«الزيت»، كتابان جديدان صدرا حديثاً للشاعر أحمد العلي عن دار «روايات». في كتاب «ليس للسابح أن يعلو على الماء»، يعتمد الشاعر على فكرة الحوار من خلال جمل قصيرة تنحو إلى التأمل، فيما يشبه ومضات مسترسلة ترسم نصاً مفتوحاً على التأويلات. يستلهم العلي من التقاليد الصوفية روحاً عميقة، تجعل النص أقرب إلى المناجاة الداخلية، حيث تتقاطع الأسئلة الوجودية مع إشارات الطبيعة، وحوارات الجبل، والنجومن والأسلاف. ويقوم على فكرة متخيّلة هي العثور على مخطوط بعنوان «ليس للسابح»، أثناء ترميم مسجد جواثا بالأحساء، تتكرر فيه فكرة «المُلقّن» الذي يوجّه الكاتب، في لعبة نصية تذيب الحدود بين المؤلف والصوت الآخر، وتحوّل فعل الكتابة إلى حوار مع الماورائي.
يأتي صدور «ليس للسابح أن يعلو على الماء» بمناسبة إدراج جبل الفاية في منطقة مليحة بالشارقة ضمن قائمة اليونيسكو للتراث العالمي. كُتبَ هذا العمل في ظلال الجبل، وعبر ليالٍ طويلة، استعاد فيها الكاتب صلة الإنسان القديم بالأرض. من هنا جاءت صياغة الكتاب بلغة مشحونة بالترميز والمجاز، حيث لا مجال للبذخ اللغوي، أو الاستطراد في بيئة تصارع الإنسان، بل إن كل جملة تمثل ضرورة وجودية، كما لو أن الكلام نفسه امتداد للصراع من أجل البقاء.
أما كتاب «الزيت»، فهو إصدار شعري غير تقليدي، يمزج فيه الشاعر بين السرد، والشعر، والتوثيق، في بناء بانورامي للتاريخ. يأتي الإصدار بمناسبة مرور 100 عام على صدور كتاب «ملوك العرب»، لأمين الريحاني، ليقدّم العلي كتاباً عابراً للأنواع، ينفتح على كل ما يمكن أن يتحول إلى شعر، من المراسلات والوثائق العربية والمترجمة، إلى الذاكرة الجمعيّة، والنادر من المصادر. يتخذ الشاعر أحمد العلي من الأحساء، شرقي المملكة العربية السعودية، مسرحاً لشعره وسرده، نظراً لأهمية المنطقة التاريخية والجغرافية على اختلاف الحقب التي مرّت عليها، قبل اكتشاف النفط، وبعده. تبدأ الفصول باقتباسات تاريخية، يتبعها الشاعر بكتابة ذاتية تحاور الماضي، وتفتح أسئلة الحاضر والمستقبل. وترصد نصوص الكتاب برمزية محكمة كيف غيّر«الزيت» تاريخ الخليج والجزيرة، مع احتفاظ إنسانها بأصالته، عبر التكيّف مع عواصف التغيير.
أحمد العلي، شاعر ومترجم من السعودية، يعمل في تحرير الكتب ونشرها. أصدر ثلاث مجموعات شعرية، آخرها «لافندر»، وكتاباً في أدب الرحلة «دليل التائهين إلى نيويورك». أدرج العلي ضمن خمسين اسماً في «أنطولوجيا الشارقة للإبداعات العربية المعاصرة»، الصادر بمناسبة اختيار اليونيسكو لمدينة الشارقة عاصمة عالمية للكتاب عام 2019، وضمن أربعين اسماً تُرجمت مختارات من نصوصهم إلى الفرنسية بدعم من برنامج جسور «إثراء – أرامكو»، وصدرت في كتاب «رمال تركض بالوقت»، عن دار آل دانتي عام 2021، وضمن 26 اسماً في كتاب «تتبّع الأثير» الصادر بالإنجليزية عن دار جامعة سيراكيوز في نيويورك عام 2025، لشعراء سعوديين تجريبيّين تفاعلت نصوصهم بجرأة، مع الحداثة، والفضاء السيبراني، والعولمة.
ترجم العلي كذلك عدّة كتب إلى العربية من بينها «حكاية الجارية»، لمارغريت آتوود، و«اختراع العزلة» لبول أوستر، و«حليب أسود» لأليف شافاك.
المصدر : صحيفة الخليج
