الخطاط الإماراتي محمد مندي، شارك بمعرض في مهرجان الفنون الإسلامية، بعنوان «تعاقب الأجيال»، يضم مجموعة من الأعمال واللوحات، في هذه المشاركة يقدم مندي عدداً من لوحاته الخطية بأقلام مختلفة على رأسها الكوفي وهو من أقدم الخطوط العربية، حيث تحتشد اللوحات بالجماليات المتنوعة التي تكشف للناظر عن جماليات هذا الفن، وكيف تتجمع الحروف وتنتظم في قلب اللوحة لتكون مشهداً فنياً بديعاً.
وإذا كانت بعض أعمال المعرض تتشكل من خط واحد، فإن هناك لوحات هي عبارة عن فضاء يلتقي فيه أكثر من خط واحد في حوارية متناهية الجمال والإتقان، حيث لا يكتفي الفنان بالفعل الإبداعي فقط، بل هو كذلك شديد الحرص على الدقة والحفاظ على قواعد هذا الفن الراقي.
تنوعت مشاركات مندي في المعرض، وعكست اللوحات خبرته الطويلة في التعامل مع الحرف والتعامل مع النصوص المختلفة سواء كانت دينية أو حكمة أو مقولات للشيوخ وقادة الدولة، مع الاعتناء الكبير بإجراء جملة من التقنيات الجمالية من تذهيب أو زخرفة بحيث يخرج العمل بصورة زاهية، وكذلك من حيث التعامل مع الألوان المختلفة بدلالاتها الفنية والروحية.
*ابتكار
الابتكار حاضر في أعمال مندي بما يحفظ للخط العربي موروثه وقوانينه وقواعده، وتتجلى براعة الخطاط في اللوحات بوصفه فناناً تشكيلياً إلى جانب أنه خطاط، مما يجعل الأعمال تجمع بين أبعاد جمالية وفكرية مختلفة، ويبدو ذلك واضحاً في عدد من اللوحات منها واحدة تحمل في نصها البسملة في أعلاها إضافة إلى حديث شريف، وفي اللوحة يلتقي خط الثلث بالنسخ، ليشكلا معاً مشهدية بديعة، حيث تتجمل اللوحة بعمليات التذهيب والإبرو؛ وهو فن تركي تقليدي للرسم على الماء لتزيين الورق، يُطلق عليه أيضاً «الورق الرخامي»، إضافة إلى الزخرفة النباتية، ويقيم الخطاط فواصل بين فقرات الحديث النبوي الشريف وهي عبارة عن شكل فني على صورة نجمة إسلامية داخل دائرة، وفي أسفل اللوحة توضيح بأن هذا النص كتبه الخطاط محمد مندي من تلاميذ الشيخ حسن حلبي.
لوحة أخرى من أعمال مندي، تحمل اسم الجلالة وكتبت بالخط الكوفي المربع، وتعبر عن ذلك الإشراق والألق الكامن في الحروف العربية وما تحمله من طاقة حيوية تحلق بها نحو عوالم نورانية يستقبلها وجدان المسلم بسلام وطمأنينة، «ألا بذكر الله تطمئن القلوب»، حيث إن النص يجد موقعاً حسناً وجليلاً وعظيماً في قلوب الناظرين، وتلك هي المعاني التي يتفرد بها هذا النص الذي يصل به الخطاط عبر جماليات الخط الكوفي إلى قمة الإبداع، خاصة ذلك التفرد في توظيف التذهيب، وبذات الألق ينجز مندي لوحة أخرى ونصها هو كذلك اسم الجلالة بالخط الكوفي مع خلفية زرقاء ونجمة إسلامية.
وتتجلى إبداعات محمد مندي في لوحة حملت نصاً هو عبارة عن آية قرآنية هي «خالدين فيها أبدا»، ووردت في عدد من سور القرآن الكريم، حيث برع الخطاط في توظيف الخط الكوفي وأعمال التذهيب على اللوحة، فيما يضرب الناظر موعداً مع المتعة البصرية والتجليات الروحية في لوحة للكعبة بالخط الكوفي كذلك، حيث مثل العمل براحات من الألق الروحي والمدد النوراني.
المصدر : صحيفة الخليج
