فرض الاتحاد الأوروبي غرامةً قدرها 120 مليون يورو (140 مليون دولار) على شبكة التواصل الاجتماعي “إكس” المملوكة لإيلون ماسك، وهي غرامة جاءت أقل من المتوقع، بعدما انتهكت المنصة قانون الإشراف على المحتوى المثير للجدل في التكتل الموحد، في خطوة مرشحة لزيادة التوتر مع البيت الأبيض بشأن حرية التعبير وقواعد تنظيم التكنولوجيا.
في أول عقوبة تُفرض بموجب “قانون الخدمات الرقمية”، خلصت المفوضية الأوروبية إلى أن علامة التوثيق المدفوعة باللون الأزرق في منصة “إكس” (X) كانت مضللة للمستخدمين، وأن المنصة أعاقت وصول الباحثين إلى البيانات، كما فشلت في إنشاء مستودع الإعلانات بالطريقة المطلوبة.
ولم تستند الغرامة إلى إيرادات الإمبراطورية التجارية الخاصة بماسك في مجالات الفضاء والبنية التحتية وعلوم الأعصاب، رغم أن الجهات التنظيمية كانت تدرس هذا الخيار سابقاً.
ضغط دونالد ترمب
تُعد الغرامة جزءاً صغيراً جداً من ثروة ماسك البالغة 467 مليار دولار، وتأتي بعد أشهر من الضغط المكثف من الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الذي هاجم مراراً الغرامات القاسية التي يفرضها الاتحاد الأوروبي ومحاولاته تنظيم شركات التكنولوجيا الأميركية. وعلى الرغم من أن العقوبة تبدو خفيفة نسبياً، إلا أن المواجهة تكشف عن اتساع الهوة بين الجانبين بشأن السيادة الرقمية وما يُعد من الحقوق الأساسية، مثل حرية التعبير والخصوصية في عصر الإنترنت.
طالع المزيد: واشنطن تنتقد فرض غرامة أوروبية على منصة “إكس”: يعاقبون شركاتنا لأنها ناجحة
قال نائب الرئيس الأميركي جيه دي فانس في منشور على “إكس” قبل الإعلان عن الغرامة: “كان ينبغي على الاتحاد الأوروبي أن يدعم حرية التعبير، لا أن يهاجم الشركات الأميركية بسبب أمور تافهة”.
قال دي فانس في منشور على منصة “أكس”: “تشير الشائعات إلى أن المفوضية الأوروبية ستغرم منصة إكس مئات الملايين من الدولارات بسبب عدم انخراطها في الرقابة. كان ينبغي على الاتحاد الأوروبي دعم حرية التعبير، لا مهاجمة الشركات الأميركية بسبب أمور تافهة”.
ولم يرد متحدثون باسم منصة “إكس” والبيت الأبيض فوراً على طلبات التعليق.
بينما بدأت التحقيقات في ديسمبر 2023، اكتسبت القضية صبغة سياسية أكبر مع دعم ماسك لحملة ترمب الانتخابية، إضافة إلى دوره كمستشار مقرب للرئيس خلال توليه قيادة ما يُعرف بـ”وزارة كفاءة الحكومة” لعدة أشهر في بداية ولايته الحالية.
قالت مفوضة الاتحاد الأوروبي للشؤون الرقمية هينا فيرككونن خلال إفادة صحفية اليوم: “لا علاقة لهذا الأمر بالرقابة، بل يتعلق بالشفافية”. أضافت أن السابقة التي يشكلها هذا القرار ستساعد في تسريع وتيرة التحقيقات المستقبلية. تابعت: “استغرق الأمر وقتاً لأن فرقنا أرادت التأكد من أننا نمتلك أساساً قانونياً قوياً”.
مهلة “إكس”
أوضح مسؤول في المفوضية أن أمام “إكس” مهلة 60 يوماً لتقديم حلول لمعالجة المشكلات، و90 يوماً لتنفيذ التغييرات، وإلا قد تواجه غرامات إضافية.
وستُوجّه الغرامة إلى ماسك وإلى شركة “إكس إيه آي” (xAI)، مختبر الذكاء الاصطناعي المنافس لـ”أوبن إيه آي”، والذي استحوذ على منصة “إكس” في وقت سابق من العام الجاري، وفقاً للمسؤول ذاته.
اقرأ أيضاً: اتهام “إكس” بتعطيل الإبلاغ عن معلومات مضللة تتعلق بالانتخابات
بموجب قانون الخدمات الرقمية -دخل حيز التنفيذ في 2023- يستطيع الاتحاد الأوروبي فرض غرامات تصل إلى 6% من الإيرادات العالمية السنوية للمنصات الإلكترونية في حال إخفاقها في التعامل مع المحتوى غير القانوني والمعلومات المضللة أو في الالتزام بقواعد الشفافية. وقال مسؤول المفوضية إن الغرامة استندت إلى “مبدأ التناسب” وليس إلى الإيرادات.
كانت المفوضية قد أشارت سابقاً إلى أن إيرادات كامل أعمال ماسك الخاصة قد تكون الأساس لاحتساب الغرامة. تُعد “سبيس إكس” أكبر جزء من أعمال ماسك الخاصة، إذ من المتوقع أن تحقق إيرادات بنحو 15.5 مليار دولار في 2025، مقارنة بإيرادات إعلانية تُقدّر بنحو 2.3 مليار دولار لمنصة “إكس” العام الحالي، بحسب شركة “إي ماركتر” (Emarketer).
ويحقق الاتحاد الأوروبي أيضاً مع شركات تكنولوجية أميركية كبرى أخرى -من بينها “أبل” و”جوجل” التابعة لشركة “ألفابت” و”ميتا بلاتفورمز”- بموجب قانون الخدمات الرقمية وقانون الأسواق الرقمية، الذي يهدف إلى منع الشركات من إساءة استغلال هيمنتها.
غرامات على شركات كبرى
فرض التكتل الأوروبي الموحد غرامات على “أبل” و”ميتا” بموجب قواعد مكافحة الاحتكار الرقمية بلغت 500 مليون يورو و200 مليون يورو، على التوالي. كما أصدر غرامات ضخمة ضد شركات أخرى، بما في ذلك أكثر من 8 مليارات دولار ضد “جوجل”، وأمر منفصل يلزم “أبل” بسداد ضرائب متأخرة لإيرلندا بقيمة 13 مليار يورو بموجب قوانين المنافسة التقليدية.
اقرأ المزيد: رغم ضغوط ترمب.. الاتحاد الأوروبي يحذر عمالقة التكنولوجيا: سنطبق لوائحنا على الجميع
وما يزال على الاتحاد الأوروبي اتخاذ قرارات بشأن عدة خروقات محتملة أخرى في إطار تحقيقه مع منصة “إكس”، وقد تسفر عن غرامات إضافية لاحقاً. لم تصل التحقيقات المتعلقة بمخاوف أكثر خطورة -مثل الإشراف على المحتوى غير القانوني، والتضليل المرتبط بالانتخابات، واستخدام ميزة ملاحظات المجتمع- إلى مرحلة النتائج الأولية لدى المفوضية بعد.
قال ماسك من قبل إنه يعتزم الطعن في أي غرامة أمام القضاء، وهو ما قد يؤخر سداد الغرامة لعدة سنوات.
المصدر : الشرق بلومبرج