بعد تسريب بوتين وشي.. هل يمكن أن يبلغ عمر الإنسان 150 عاماً؟

بعد تسريب بوتين وشي.. هل يمكن أن يبلغ عمر الإنسان 150 عاماً؟

في حين كان زعيما الصين وروسيا يتوجهان لحضور أضخم عرض عسكري تشهده بكين، لأكثر الأسلحة فتاكاً على كوكب الأرض، التقط ميكروفون مفتوح حديثاً جانبياً بينهما تطرق إلى جوانب علمية حول احتمال أن يبلغ عمر الإنسان 150 عاماً خلال القرن الجاري، استناداً إلى قدرات الذكاء الاصطناعي الفائقة وزراعة الأعضاء، وهو ما دفع الخبراء لبحث هذه الفرضية.

الزعيم الصيني شي جين بينغ قال لنظيره الروسي فلاديمير بوتين عبر مترجم: «يتوقع البعض أن يعيش البشر في هذا القرن ما يصل إلى 150 عاماً»، في وقت ألمح بوتين إلى أنه في مرحلة ما يمكن العيش للأبد عن طريق استبدال الأعضاء التالفة واحدة تلو الأخرى، فيما بدا أنها فكرة خيالية إلى حد كبير.

توقع بداية القرن

مع مطلع القرن الجاري، وتحديداً في عام 2001، قال ستيفن أوستاد الخبير في مجال الشيخوخة بجامعة ألاباما في برمنغهام، إنه يعتقد أن أول شخص سيعيش حتى يبلغ عمره 150 عاماً موجود على قيد الحياة بالفعل، متوقعاً أن يحدث ذلك، وهو ما عرضه جاي أولشانسكي، الأستاذ في كلية الصحة العامة بجامعة إلينوي في شيكاغو، لدرجة أنهما خاضا علناً رهاناً بقيمة مليار دولار حول التوقع الصحيح.
أولشانسكي نشر ورقة بحثية العام الماضي حول «استحالة إطالة عمر البشر جذرياً في القرن الحادي والعشرين»، وقال لصحيفة واشنطن بوست: «لا توجد فرصة تُذكر لأي شخص على قيد الحياة في عام 2000 أن يعيش حتى عام 2150». وأضاف: «حتى لو طُرح تدخلٌ لعلاج الشيخوخة اليوم، فسيكون عمر الشخص الذي سيتلقاه 25 عاماً على الأقل، وعندها، يجب أن يحالفك الحظ في العثور على الأشخاص الأكثر صحة جينياً عند الولادة»، معتبراً أن ذلك بمثابة بحث عن «إبرة في كومة قش».

5153 شخصاً فقط فوق 110 أعوام

يقول الخبراء إن التقدم في العمر، ويقصد به من هم فوق سن 110 أعوام، لا يزال عاملاً أساسياً فيه الصحة الوراثية، ووطن خالٍ من الحروب، ونمط حياة صحي، بالإضافة إلى سهولة الوصول إلى الأطباء وإمكانية دفع أجورهم.

ووفقاً لمكتب الإحصاء الأمريكي، على سبيل المثال، فإن 0.03% فقط من الأمريكيين يصلون إلى سن 100 عام. وتُدرج مجموعة أبحاث الشيخوخة غير الربحية، التي تتابع وتتحقق من صحة من هم فوق سن 110 أعوام، 5153 شخصاً في قاعدة بياناتها العالمية.

ويوضح بينشاس كوهين، عميد كلية ليونارد ديفيس لعلم الشيخوخة بجامعة كاليفورنيا، أنه على الرغم من ارتفاع متوسط ​​العمر المتوقع بشكل كبير خلال القرن الماضي، فإن جزءاً كبيراً من ذلك يعود إلى انخفاض معدلات الوفيات في المراحل المبكرة من الحياة. حيث تُنقذ اللقاحات الأطفال من أمراض مثل الحصبة وشلل الأطفال والسعال الديكي، وغيرها، كما تُساعد العلاجات المُحسّنة الناس في البقاء على قيد الحياة لفترة أطول خلال الأمراض المزمنة في مرحلة البلوغ، مثل أمراض القلب والسكري والسرطان.

ويضيف كوهين: «لم يرتفع الحد الأقصى لمتوسط ​​العمر المتوقع»، موضحاً أنه في السنوات الأخيرة كان أكبر شخص على قيد الحياة يتراوح عمره عموماً بين 112 و117 عامًا، وأنه «لا يوجد دليل على أن أي شخص سيتجاوز 120 عاماً».

والرقم القياسي الحالي لطول العمر يحمله الفرنسي جين كالمنت، الذي توفي عام 1997 عن عمر ناهز 122 عاماً، ورغم تشكيك البعض في عمره الحقيقي، فقد قدم عالمان أدلة داعمة لذلك.

العيش حتى 150 عاماً

قال كوهين إن العيش حتى سن 150 عاماً «يبدو مستبعداً للغاية في هذه المرحلة، لكن هذا لا ينتقص من التقدم في هذا المجال والذي سيسمح لنا بالعيش لفترة أطول من آبائنا»، لافتاً إلى أنه على سبيل المثال ساعدت أدوية السكري، والسمنة، في إطالة العمر، ولكن بسنوات قليلة، وليس عقوداً.
وأكد أن أفضل الطرق التي يمكن للناس من خلالها إطالة أعمارهم تتمثل في «اتباع بعض المبادئ في نمط الحياة، ومنها ما يتعلق بالنظام الغذائي وممارسة الرياضة والنوم».

طائفة الأميش

أما دوغلاس فوغان، مدير معهد بوتوسناك لطول العمر في جامعة نورث وسترن، فقد ناقش فرضية بلوغ عمر البشر 140 عاماً، مرجحاً أنه أمر مستبعد أيضاً، وأشار إلى اكتشاف مُتغيّر جيني لدى طائفة الأميش الذين يعيشون في مقاطعة آدامز وما حولها بولاية إنديانا، لكن هذا المُتغيّر، الذي «يحمي من داء السكري والشيخوخة القلبية الوعائية، يُضيف عشر سنوات فقط إلى مُعدّل العمر».

فكرة استبدال الأعضاء

خلال قمة بكين، أدلى الرئيس الروسي بدلوه قائلاً: «يمكن للناس الاستمرار في إجراء عمليات زرع الأعضاء.. قد تبدو أصغر سناً، وقد تحقق حتى الخلود»، ورغم ما قاله الرئيس الروسي، فقد حقق الطب تقدماً كبيراً في مجال زراعة الأعضاء والأنسجة، باستثناء ملحوظ في زراعة الدماغ.
ويقول أوستاد: «فكرة استبدال أعضائنا واحدة تلو الأخرى عند فشلها وبالتالي العيش إلى الأبد، موجودة منذ قرنين على الأقل، ونحن بالتأكيد نتحسن في استبدال القلوب والكلى وغيرها من الأعضاء. لكن هذه نظرة سطحية»، قائلاً إن الأمر أشبه بالسيارة، فعلى الرغم من تبديل القطع التالفة، فإنها في النهاية تصطدم بواقع وحشي.

العيش بصحة لا إطالة العمر

وتوضح كيري ألتوف، أستاذة علم الأوبئة في كلية جونز هوبكنز بلومبرج للصحة العامة، أنه حتى لو تمت زراعة الأعضاء فإنها تأتي مع خطر الرفض أو الضرر الناجم عن الأدوية المخصصة للتغلب على عدم تقبل الجسم لها. وأضافت: «حتى خلايانا، والطريقة التي تعمل بها، تتآكل مع مرور الوقت».
وأشارت إلى أن الجهاز المناعي البشري يضعف، ويحتاج كبار السن إلى اللقاحات والمعززات «لتذكير الجهاز بكيفية مكافحة الأمراض المعدية». وأكدت هي وخبراء آخرون أن الأهم من عمر الإنسان هو ما يعرف بفترة الصحة الجيدة، وهو مصطلح يشير إلى العيش بشكل جيد.