تشهد باكستان عودة قوية للشركات إلى سوق الأسهم مع تسارع موجة الصعود التي دفعت المستثمرين الأفراد إلى دخول السوق بكثافة، ما يمهد، وفقاً لمصرفيين، لعام استثنائي في الاكتتابات العامة خلال 2026.
تعمل اثنتان من أبرز بنوك الاستثمار في البلاد، هما “عارف حبيب ” (Arif Habib) و”كيه تريد سيكيوريتيز” (Ktrade Securities)، على إدارة قائمة تضم ما يصل إلى 16 طرحاً عاماً أولياً خلال الأشهر السبعة المقبلة، مقارنة بـ11 إدراجاً فقط خلال الأعوام الثلاثة الماضية.
مكاسب الأسهم الباكستانية
سجل مؤشر “كيه إس إي-100” القياسي مكاسب تتجاوز 47% العام الجاري، ليصبح أحد أفضل المؤشرات أداء عالمياً، مدعوماً بزيادة اهتمام المستثمرين المحليين، ما يمدد السوق الصاعدة للعام الثالث على التوالي. مع وصول التقييمات إلى متوسطاتها طويلة الأجل، تتهيأ الاكتتابات العامة لعودة قوية.
قال شاهيد علي حبيب، الرئيس التنفيذي لبنك “عارف حبيب”، إن “التقييمات الحالية للأسهم جذابة لزيادة رأس المال”، مضيفاً أن استقرار الروبية الباكستانية وبيئة أسعار الفائدة المواتية يوفران زخماً قوياً لأسواق رأس المال.
اقرأ أيضاً: باكستان تخفض أسعار الفائدة للمرة الأولى في 4 سنوات
ويتوقع البنك إدارة ما يصل إلى 8 اكتتابات عامة حتى يونيو المقبل.
اكتتابات باكستان المرتقبة
بحسب حبيب، تلجأ بعض الشركات إلى الأسواق للمساعدة في تمويل خططها لزيادة الطاقة الإنتاجية، وسط توقعات بتحسن النمو الاقتصادي. وتشمل الطروح العامة الأولية المرتقبة شركات من قطاعات السلع الاستهلاكية والصناعات الدوائية والسيارات وغيرها.
تتوقع “كيه تريد سيكيوريتيز” إدارة اكتتابات عامة لـ6 شركات على الأقل خلال الأشهر الستة المقبلة، فيما تخطط “جيه إس غلوبال كابيتال” (JS Global Capital) لإدراج ما يصل إلى 6 شركات في العام المقبل، وفقاً للرئيس التنفيذي خليل عثماني.
وتضم قائمة الاكتتابات المرتقبة شركة “سيرفس لونغ مارش تايرز”، وهي مشروع مشترك بين “سيرفس غروب” والشركة الصينية “تشاويانغ لونغ مارش”، وتستهدف جمع ما يصل إلى 6.5 مليار روبية باكستانية (23.2 مليون دولار) بحلول أبريل المقبل، ما قد يجعلها أكبر اكتتاب عام في البلاد منذ سنوات، بحسب حبيب.
طالع المزيد: الاستثمارات الأجنبية تقفز بالأسهم الباكستانية نحو مستويات قياسية
كما تخطط شركة “سراف” (Saraaf)، وهي شركة ناشئة في مجال توريد السلع الأساسية كانت قد جمعت 1.5 مليار روبية (5.4 مليون دولار) عبر برنامج “شارك تانك” في 2024، لطرح أسهمها للاكتتاب العام، فيما تعتزم “ماتكو فودز” (Matco Foods) فصل وحدة “فلك فودز” (Falak Foods) للاكتتاب العام، وفقاً لعمر صلاح أحمد، العضو المنتدب في “كيه تريد”.
ارتفاع أسعار الأسهم الباكستانية
رغم أن أسعار الأسهم ارتفعت 4 أضعاف خلال الأعوام الثلاثة الماضية، ظل نشاط السوق الأولية شبه متوقف. إلا أن تنامي ثقة المستثمرين الأفراد بدأ في تغيير هذا الاتجاه، بما يوفر السيولة اللازمة للشركات الراغبة في اختبار سوق الطروحات العامة الأولية مجدداً.
وبحسب “توبلاين سيكيوريتيز” (Topline Securities)، جرى فتح نحو 36 ألف حساب تداول جديد في باكستان خلال الربع المنتهي في سبتمبر الماضي، مقارنة بـ23.6 ألف حساب جديد في الربع السابق. كما ارتفع نشاط التداول، إذ تجاوز متوسط قيمة التداول اليومية في بورصة باكستان 200 مليون دولار في أكتوبر الماضي، وهو أعلى مستوى منذ 2017، وفقاً لبيانات جمعتها “بلومبرغ”.
عام قياسي للاكتتابات
قال عمر صلاح أحمد في اتصال هاتفي: “أعتقد أن عام 2026 سيكون على الأرجح قياسياً للاكتتابات العامة. التقييمات أصبحت أخيراً جذابة بما يكفي ليبدأ المساهمون في التفكير بجدية في إدراج شركاتهم”.
رغم ذلك، ما تزال مشاركة الأسر في باكستان في أسواق الأسهم أقل بكثير مقارنة بدول في المنطقة مثل سريلانكا، وبالأخص الهند.
وسجلت الطروحات العامة الأولية رقماً قياسياً بلغ 1.77 تريليون روبية (19.6 مليار دولار) العام الجاري. مع ارتفاع مؤشر “كيه إس إي-100” بأكثر من 300% في 3 أعوام، تظهر مؤشرات على نشاط كبير في السوق، إذ يجري تداول المؤشر عند نحو 8 مرات الأرباح الآجلة، مقارنة بمتوسطه طويل الأجل عند نحو 6.4 مرة.
اقرأ أيضاً: باكستان تغري الصناديق العالمية بعد ارتفاع أسهمها 84%
لم يُظهر المستثمرون الأجانب الحماسة ذاتها، إذ كانوا بائعين صافين في تسعة من الأعوام الـ11 الماضية، وسحبوا 321 مليون دولار من باكستان العام الجاري، وهو أكبر خروج منذ 2021.
باكستان تستعيد عافيتها
تستعيد باكستان عافيتها الاقتصادية بعد أن اقتربت من التخلف عن سداد ديونها في 2023. ورفعت وكالتا “ستاندرد آند بورز غلوبال” و”فيتش” تصنيف البلاد الائتماني العام الجاري، مشيرتين إلى تحسن الإدارة المالية واستمرار زخم الإصلاحات في ظل برامج رئيس الوزراء شهباز شريف المدعومة من صندوق النقد الدولي”.
أسهمت كذلك الجهود التي يقودها المشير آصف منير، الذي يُنظر إليه على نطاق واسع باعتباره أقوى شخصية في البلاد، لتحسين العلاقات مع الولايات المتحدة الأميركية، في دعم سوق الأسهم. كما يُنظر إلى تمديد دوره الجديد حتى 2030 باعتباره عاملاً يوفر مزيداً من الاستقرار.
المصدر : الشرق بلومبرج
