أرجع صندوق النقد الدولي ازدهار صادرات الصين وتفاقم اختلالاتها التجارية جزئياً إلى التراجع الحقيقي لقيمة اليوان، بعدما تصاعد الحديث عن وجود تشوهات في السوق نتيجة ضعف سعر العملة الصينية.
قال مسؤولو الصندوق، عقب انتهاء المراجعة السنوية لاقتصاد الصين، إن انخفاض التضخم في البلاد مقارنةً بمستويات الأسعار لدى شركائها التجاريين أدى إلى ضعف اليوان بالقيمة الحقيقية.
وطالبوا صناع السياسات في الصين بتبني حوافز أكثر جرأة لتحفيز الاستهلاك ورفع أسعار المستهلكين، مع إتاحة مزيد من المرونة في سعر الصرف.
اقرأ أيضاً: ماذا سيحدث لو سمحت الصين بارتفاع أكبر في اليوان؟
تحذير صندوق النقد للصين
قالت كريستالينا غورغييفا، مديرة صندوق النقد الدولي، في مؤتمر صحفي ببكين يوم الأربعاء: “باعتبارها ثاني أكبر اقتصاد في العالم، فإن الصين كبيرة للغاية بحيث لا يمكنها تحقيق نمو قوي بالاعتماد على الصادرات فقط”. وأضافت: “الاستمرار في الاعتماد على النمو المدفوع بالصادرات ينطوي على خطر زيادة التوترات التجارية العالمية”.
وأوضحت أن صندوق النقد الدولي لم يوصِ صراحةً بأن تعمل الصين على رفع قيمة اليوان.
تحركت الصين بسرعة في السنوات الأخيرة لترسيخ هيمنتها الصناعية، ما أثار اتهامات من شخصيات مثل الرئيس دونالد ترمب بأنها تحافظ على انخفاض قيمة عملتها لتجميع فوائض تجارية.
ويبدو أن صندوق النقد الدولي يتماهى مع المنتقدين، مردداً الدعوات المتزايدة داخلياً وخارجياً لرفع قيمة اليوان.
اقرأ أيضاً: اليوان يتجه لأفضل أداء سنوي منذ 2020 متحدياً الضغوط التجارية
اليوان عند أدنى مستوى منذ عقد
هبط سعر الصرف الفعلي لليوان، المعدّل حسب التضخم، إلى أدنى مستوى خلال أكثر من عقد، نتيجة استمرار تراجع الأسعار في الصين، ما زاد من تنافسية صادراتها عالمياً.
يدور الجدل في ظل ارتفاع فائض تجارة السلع الصينية إلى مستوى قياسي يتجاوز تريليون دولار خلال أول 11 شهراً من العام.
تتصاعد مقاومة الدول التي تقلق على مستقبل صناعاتها أمام تدفق الصادرات الصينية. وتدير الصين ما يسمى “التعويم المُدار” لليوان وتمتلك أدوات متعددة للتأثير على سعر الصرف.
أكد المسؤولون مراراً أنهم يهدفون إلى إبقاء العملة “مستقرة أساساً”، مع السماح بارتفاع طفيف لليوان هذا العام، واستخدام السعر المرجعي اليومي أحياناً لكبح التحركات السريعة.
مرونة سعر صرف اليوان
في السنوات الأخيرة، كان صندوق النقد الدولي ينصح الصين بزيادة مرونة سعر صرف عملتها. وقبل عقد من تخلى الصندوق عن رؤيته طويلة الأمد بأن اليوان مقوّم بأقل من قيمته، قبيل إدراج العملة ضمن سلة حقوق السحب الخاصة للعملات الاحتياطية.
قالت غورغييفا: “نريد أن يكون سعر الصرف قائماً على السوق ويعكس الأساسيات الاقتصادية”.
الاختلالات الخارجية للصين تتفاقم
ووفقاً لصندوق النقد الدولي، تتزايد الاختلالات الخارجية للصين، مع توقع أن يصل فائض حسابها الجاري إلى 3.3% من الناتج المحلي الإجمالي في 2025.
في وقت سابق من العام، قدّر الصندوق أن اليوان مقوّم بأقل من قيمته بنسبة 8.5% استناداً إلى فائض حساب جاري بلغ 2.3% من الناتج العام الماضي. ارتفع الفائض إلى 3.4% في الربع الثالث من هذا العام، وهو أعلى مستوى منذ أواخر 2010، وفق حسابات “بلومبرغ”.
اقرأ أيضاً: الصين ترى عالماً تتنافس فيه العملات بقوة مع تراجع هيمنة الدولار
الاقتصاد الصيني.. نمو أسرع على الطريق
بالنظر إلى قوة الصادرات الصينية والحوافز المالية التي نفذتها الحكومة، يتوقع صندوق النقد الدولي الآن أن ينمو الاقتصاد الصيني بنسبة 5% في 2025 و4.5% في 2026، وهو معدل أسرع من توقعاته الأخيرة في أكتوبر.
قالت سونالي جين-شاندرا، رئيسة بعثة صندوق النقد الدولي للصين، خلال الإيجاز: “زيادة الطلب ستعيد تنشيط الاقتصاد، وترفع التضخم، وتؤدي إلى ارتفاع سعر الصرف الحقيقي”.
المصدر : الشرق بلومبرج
