تواصل اليابان تبنّي ما تصفه بأنه “رد هادئ وحازم” في خلافها المتصاعد مع الصين، والذي ازداد حدة بعد “مناوشات جوية”، الأسبوع الماضي، فيما تتطلع طوكيو إلى دعم المجتمع الدولي للمساعدة في خفض مستوى التوتر، حسبما ذكرت صحيفة Japan Times.
وشدد كبير أمناء مجلس الوزراء والمتحدث باسم الحكومة اليابانية، مينورو كيهارا، الخميس، على أن “كسب تفهّم الدول الأخرى لسياسات وموقف الحكومة اليابانية يُعد أولوية قصوى للبلاد”.
وأشار كيهارا، إلى أن “طوكيو دأبت على اغتنام مختلف الفرص لشرح موقفها للدول الأخرى في الوقت المناسب وبأسلوب مناسب، وستواصل القيام بذلك”، مؤكداً أن اليابان حافظت على اتصالات وثيقة مع حلفائها وشركائها بشأن حادثة الرادار الأخيرة.
وأضافت الصحيفة، أن هذا النهج الدبلوماسي، الذي برز في محادثات منفصلة أجراها وزير الدفاع الياباني شينجيرو كويزومي، الأربعاء، مع نظيره الإيطالي، جويدو كروسيتو، ومع الأمين العام لحلف شمال الأطلسي “الناتو”، مارك روته، يتناقض بشكل واضح مع الاتهامات الصينية المتكررة بأن تصريحات رئيسة الوزراء ساناي تاكايتشي غير المسبوقة الشهر الماضي بشأن احتمال وقوع طوارئ في تايوان تُعد مؤشراً على أن اليابان تميل إلى استعادة نهجها العسكري الذي اتبعته خلال الحرب العالمية الثانية.
حادث الرادار
وذكرت الصحيفة، أن تصريحات تاكايتشي، الصادرة في 7 نوفمبر الماضي، والتي قالت فيها إن قوات الدفاع الذاتي قد تُنشر في “بعض السيناريوهات الأسوأ”، مثل فرض الصين حصاراً بحرياً على تايوان، اعتبرت أن مثل هذا التطور سيُشكّل “وضعاً يهدد بقاء اليابان”، وقد أثارت تلك التصريحات موجة شبه يومية من الإدانات الصينية.
واكتسب الخلاف بُعداً عسكرياً، السبت الماضي، حين تعرّضت طائرات تابعة لقوات الدفاع الذاتي الجوية اليابانية، كانت قد أقلعت لمراقبة المجال الجوي الوطني، لاستهداف بأنظمة رادار من مقاتلات صينية متمركزة على حاملة طائرات.
وتبادلت طوكيو وبكين الاتهامات بشأن الواقعة، إذ نفت اليابان ادعاءات الصين بأنها قدّمت إشعاراً مسبقاً كافياً حول تدريباتها العسكرية، ووصفت مزاعم بكين بأن مقاتلات قوات الدفاع الذاتي الجوية “ضايقت” القوات الصينية بأنها “لا أساس لها”.
مواجهة طويلة
ومع تمسّك الجانبين بمواقفهما بعد الحادثة، وفي ما يتعلق بالخلاف الأوسع، قالت الصحيفة، إن الطرفين يستعدان لمواجهة طويلة، مع سعي كل منهما إلى حشد الدعم الدولي لموقفه.
وذكرت الصحيفة، أن كويزومي شدد، خلال مؤتمر عبر الفيديو مع الأمين العام لحلف الناتو، على أن طوكيو ستتعامل مع التحركات الصينية، مثل “توجيه الرادار” نحو الطائرات اليابانية، “بشكل هادئ لكن حازم”.
وقالت وزارة الدفاع اليابانية في بيان، الأربعاء، إن “الجانبين أعربا عن قلق بالغ إزاء الحادثة، واتفقا على الحفاظ على تواصل وثيق”.
كما عكس لقاء كويزومي مع نظيره الإيطالي الموقف ذاته، إذ ناقش الوزيران حادثة الرادار، إضافةً إلى رحلة الطيران المشتركة التي نفّذتها طائرتان روسية وصينية الثلاثاء، وانطلقتا من بحر اليابان إلى أجواء غرب المحيط الهادئ قبالة سواحل شيكوكو للمرة الأولى.
وأفادت الصحيفة بأن كويزومي انتقد الرحلة، معتبراً أنها “محاولة واضحة لاستعراض القوة ضد اليابان”، في حين قالت وزارة الدفاع الصينية إنها تُظهر “العزم والقدرة المشتركة لبكين وموسكو على مواجهة تحديات الأمن الإقليمي والحفاظ على السلام والاستقرار”.
وجاءت التحركات الدبلوماسية التي قام بها كويزومي، الأربعاء، بعد ساعات فقط من صدور أول تعليق لإدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب بشأن حادثة الرادار.
ونقلت الصحيفة عن متحدث باسم الخارجية الأميركية قوله في بيان، إن “تصرفات الصين لا تسهم في تعزيز السلام والاستقرار الإقليمي”، مؤكداً “التزام الولايات المتحدة الراسخ” تجاه التحالف مع اليابان، ومشيراً إلى أن واشنطن على “تواصل وثيق” بشأن هذه القضية وغيرها.
ورأت الصحيفة أن الانتقادات الأميركية كانت “أكثر اعتدالاً” مقارنة بمواقف سابقة لواشنطن تجاه تحركات صينية استهدفت حلفائها في آسيا، غير أنها توقعت أن تخفف، ولو مؤقتاً، من استياء طوكيو من أن الولايات المتحدة لا تقدّم ما تعتبره دعماً علنياً كافياً وسط تصاعد التوتر مع بكين.
وأضافت أن ترمب نفسه، لم يُدلِ بأي تعليق علني بشأن حادثة الرادار أو تصريحات تاكايتشي.
وأوردت الصحيفة، أن طوكيو تلقت دفعة مهمة، الخميس، عندما أعلنت وزارة الدفاع اليابانية أن الولايات المتحدة أرسلت قاذفات نووية فوق بحر اليابان للانضمام إلى مقاتلات قوات الدفاع الذاتي الجوية، بينما أكّد الجانبان “عزمهما القوي على منع أي محاولة أحادية لتغيير الوضع القائم بالقوة، فضلاً عن جاهزية قوات الدفاع الذاتي والقوات الأميركية”.
وأضافت الصحيفة أنه، رغم هذا التحرك، فإن سعي الرئيس ترمب إلى إبرام صفقة تجارية واسعة مع نظيره الصيني شي جين بينج خلال زيارته المقررة إلى بكين في أبريل المقبل، قد يُبقي مخاوف طوكيو قائمة، إذ يتجنّب البيت الأبيض اتخاذ خطوات علنية قد تُغضب الصين قبيل تلك الزيارة.
ونقلت الصحيفة عن دانيال كريتنبرينك، مساعد وزير الخارجية الأميركي السابق لشؤون شرق آسيا والمحيط الهادئ، قوله: “بينما تسعى إدارة ترمب إلى تهدئة تكتيكية وهدنة هشة مع الصين، فمن المهم في رأيي أن يبقى التنسيق بين واشنطن وطوكيو قائماً، وألا يأتي هذا التقارب على حساب اليابان”.
المصدر : الشرق
