ضمن حملة الـ16 يومًا لمناهضة العنف ضد المرأة، التى تنطلق فى 25 نوفمبر من كل عام، نسلط الضوء على قصص نجاح ملهمة لنساء قررن كسر القيود وتحدى الظلم، “حنان” البالغة من العمر 37 عامًا، تمثل رمزًا للإصرار والإرادة التى حوّلت المعاناة إلى قوة، وكتبت قصة نجاح تُلهم الكثيرين.
تحكى حنان ابنة محافظة المنيا لـ”اليوم السابع”: “بدأت حياتى وسط قيود اجتماعية وعنف أسرى كان يهدد أحلامى، لكننى قررت أن أرفض الاستسلام، كنت أؤمن بأننى أستحق الأفضل.. نشأت فى أسرة تتكون من 4 أولاد، وكان ترتيبى الثانى بين إخوانى، لي أخ أكبر مني بثلاث سنوات، وكان يحمل طباع والدي ويطبق العادات والتقاليد بشكل صارم، دون وعي، بدأت معاناتي عندما بدأت ملامح جسمي تتغير، إذ بدأ أخي يفرض علي ملابس أكبر من عمري بدعوى أنه يحاول حمايتي من نظرات الناس، ورغم ذلك، كنت أقبل كل قراراته المتعلقة بحياتي، وكان والدي بعيدين عن التدخل، بل كانا يساندانه قائلين: “أخوك هو المسئول عن تربيتك”.
حاولت حنان التأقلم إلا أن الضغط كان يتصاعد وتحكي “بدأت أدافع عن نفسي وأرفض التدخلات الزائدة في حياتي لأنني أدركت أهمية الحفاظ على مساحتي الشخصية وحدودي. كان ذلك في نهاية المرحلة الإعدادية، ومن هنا بدأت أتعرض للعنف اللفظي والجسدي”، أما الخط الأحمر بالنسبة لحنان كان مستقبلها فتقول “لم يكتفوا بالتعنيف وإنما قرروا حرماني من التعليم، وأنا تحملت كل شيء لكن قررت أن حقي في التعليم لا يمكن لأحد أن يسلبه مني”.
إصرار لا ينكسر
رغم التحديات، قررت حنان أن تُكمل تعليمها سرًا. تروي: “كنت أذاكر وحدي، وأصمد أمام محاولات منعي من الذهاب للمدرسة”.
تقول حنان: “كنت أواجه معركة بمفردي ضد عائلتي بأكملها. بعد أن انتهيت من الثانوية العامة، بدأت مرحلة الجامعة، وكان والدي وعمي يرفضان استكمال تعليمي ويصران على أن أكتفي بالمرحلة الثانوية. لكن بفضل مساعدة خالي، تمكنت من التقديم للجامعة، وعندما اكتشف أهلي الموضوع قبيل امتحانات الترم، أصبح الأمر واقعًا لا يمكن التراجع عنه. تخرجت فى كلية الآداب وبدأت العمل في مصنع يملكه خالي، حيث بدأت أتعلم الخياطة على يد فتيات يعملن هناك”.
واستكملت “بعد فترة، تقدم لي شاب ليتزوجني. كنت في البداية رافضة، لكن الموضوع وصل إلى البيت وتمت الموافقة بالإجماع. قبلت بالزواج هروبًا من عائلتي، وبدأت أتحدث مع خطيبي عن حلمي في أن أصبح سيدة أعمال أو أنني أرغب في شغل منصب. تفهم حلمي وساعدني على إقناع أهلي بأن أبدأ مشروع خياطة خاص بي. في البداية، وافقوا على أن أبدأ بمكان صغير للعمل بمفردي، لكن بعد فترة اكتشفت أنه على علاقة بالعديد من الفتيات، فتم فسخ الخطبة بمساعدة خالي الذي كان دائمًا المنقذ في حياتي”.
نقطة التحول
تقول حنان: “بالطبع لم يكن الموضوع سهلًا. كان لدي حدود صارمة، مثل أنه يجب أن أكون في المنزل قبل أذان المغرب، وإذا تأخرت، كنت أُمنع من الخروج لمدة أسبوع. كنت حريصة جدًا على الالتزام بالمواعيد.. لا أستطيع أن أصف المعاناة التي مررت بها منذ طفولتي”.
وتتابع “بعد ذلك بشهر، تقدم لي شاب وسيم ومقتدر ماليًا، وعرضت عليه فكرة إنشاء مصنع خاص بنا والعمل معًا. كان رده أنه يفكر في نفس الفكرة بعد الزواج. وتزوجت، والحمد لله كان شخصًا وفيًا لوعوده. تمكنا من إنشاء المصنع بمساعدته المالية، لكن المجهود كان بالكامل من جهدي. الآن أشعر أنني حققت حلمي رغم كل التحديات التي مررت بها. حاليًا، يعمل معي أكثر من 40 فتاة. رغم أن العلاقة بيني وبين أهلي أصبحت عادية بعد الزواج، إلا أنني لا أستطيع نسيان الألم الذي مررت به، فالجروح التي تركها الضرب على جسدي لا تزال موجودة”.
رسالة أمل لكل فتاة
تختم حنان قصتها برسالة: “شاركت تجربتي لأقول لكل فتاة: لا تستسلمي مهما كانت الظروف. المعاناة ليست نهاية الطريق، بل بداية جديدة. صحيح أنني مررت بلحظات يأس كثيرة، لكن ثقتي في الله كانت أقوى. بعد كل التعب، جاء الفرج. اليوم، أعيش حلمي وأساعد أخريات على تحقيق أحلامهن.
نقلاً عن : اليوم السابع