عالم السيارات.. إليك الرابحين والخاسرين خلال 2025

عالم السيارات.. إليك الرابحين والخاسرين خلال 2025

توقعت في عام 2019 أننا قد نكون بلغنا ذروة السيارات الخارقة، إلا أنني كنت مخطئة تماماً.

فعندما أسترجع أحداث الاثني عشر شهراً الماضية في عالم السيارات، يُمكننا وصف 2025 بأنه كان عام السيارات الخارقة، إذ يبدو الآن أنه لا حدود لعدد السيارات التي يمكن لـ”بوغاتي” (Bugatti)، و”باغاني”، و”كوينيغسيغ” (Koenigsegg)، و”لامبورغيني”، و”فيراري” بيعها هذا العام.

ففيما تُشكل الرسوم الجمركية المرهقة، وتباطؤ مبيعات السيارات الكهربائية، وتزايد المنافسة من العلامات التجارية الصينية عوامل تضغط على كثير من شركات صنع السيارات الراسخة في السوق، تحقق هذه العلامات التجارية الفاخرة أرباحاً ضخمة، ولديها دفاتر طلبيات مليئة تمتد فترات الانتظار فيها إلى أكثر من عام.

برزت السيارات الفاخرة عموماً في 2025، فقد بلغ متوسط سعر السيارة الجديدة في هذه الفئة مستوى قياسياً، متجاوزاً  50 ألف دولار في الولايات المتحدة، مع استمرار نمو الطلب على هذه المركبات. كما لاقت نواقل الحركة اليدوية التي تشغلها محركات الاحتراق الداخلي إقبالاً كبيراً بين المستهلكين الأثرياء، بينما كانت الطرز المخصصة حسب الطلب لتعكس شخصية مالكها هي الأكثر طلباً.

وفي الوقت نفسه، واصلت مبيعات السيارات الكهربائية عالمياً الارتفاع، لكنها لم ترتفع بالسرعة المتوقعة في كثير من الأسواق. ففي “أودي” (Audi)، و”فورد”، و”جنرال موتورز”، و”فولفو”، وغيرها، وقعت السيارات الكهربائية ضحيةً للمنافسة من السيارات الصينية جيّدة الصنع وميسورة التكلفة، ولانتهاء الحوافز الضريبية والدعم اللذين عززا المبيعات، وللتسييس العام الذي جعلها موضوع نقاش مثير للجدل في العديد من العائلات.

شركات سيارات واجهت صعوبات في 2025

تراجعت أوضاع “تسلا” في 2025، إذ واجهت انخفاضاً حاداً في المبيعات والأرباح عالمياً، فضلاً عن تراجع حصتها السوقية في الولايات المتحدة.

وتعرّضت الشركة لضغوط من دعاوى قضائية متعددة تتعلق بأبواب للمركبات يُشير المنتقدون إلى أنها لم تفتح خلال حوادث مميتة، إضافة إلى ردود فعل غاضبة من محتجين يستهدفون الشريك المؤسس والمدير التنفيذي لـ”تسلا” إيلون ماسك، بما في ذلك عند مطعم الشركة الجديد في هوليوود.

كما وضع كثير من مالكي سيارات “تسلا” في لوس أنجلوس ملصقات على مركباتهم وسياراتهم الرياضية المتعددة الاستخدامات تحمل عبارة: “اشتريت هذه السيارة قبل أن نكتشف جنون إيلون”.

اقرأ أيضاً: هبوط مستمر في مبيعات “تسلا” داخل أهم الأسواق الأوروبية

وتكبّدت “لوسيد غروب” خسائر هي الأخرى، نتيجة ضعف في سلسلة التوريد دفعها إلى استنزاف السيولة.

لكن “بورشه” كانت صاحبة أكبر سقوط مدوٍّ في 2025 على الأرجح، ويرجع ذلك بشكل رئيسي إلى أزمات مالية عميقة، وإخفاق سياراتها الكهربائية في جذب المستهلكين رغم الحملات التسويقية المكثفة التي ظهر فيها مشاهير، من بينهم دوا ليبا وأورلاندو بلوم، للترويج للعلامة التجارية.

وفي سبتمبر، استبعد المؤشر الرئيسي للأسهم الألمانية “بورشه”، بعد أن خفّض توقعاتها ثلاث مرات منذ يناير. (إذ جاء الضرر الأكبر على الشركة من ضعف الطلب على طرازي “تايكان” و”ماكان” الكهربائيين، إلى جانب المبيعات الأقل من المتوقع في الصين).

عند خروجها من المؤشر، كانت أسهم “بورشه” قد انخفضت بنسبة 33% خلال الاثني عشر شهراً السابقة. وبعد شهر، أي في أكتوبر، سجلت “بورشه” أول خسارة فصلية لها منذ إدراجها في البورصة، متكبدة 3.1 مليار يورو (3.6 مليار دولار). وقد هوت العلامة التجارية من وضع كان يرجح كفتها عند المقارنة بـ”فيراري”، إلى التحذير من أنها بالكاد ستحقق أرباحاً هذا العام.

الأهم من ذلك أن عملاء “بورشه” القدامى، وهم من بين أكثر المشترين ولاءً واحتجاجاً، لجأوا إلى منصات التواصل الاجتماعي للتذمر من الأسعار المرتفعة لأغلى طرازات الشركة، ومن تحويل مكونات المقصورة إلى رقمية بدلاً من التناظرية التقليدية، ما عدّوه انحداراً مخيباً في مستوى الشركة.

وبعد سلسلة من التغييرات التي طالت عدداً من كبار المديرين التنفيذيين الآخرين، سيُعفى الرئيس التنفيذي لـ”بورشه” أوليفر بلوم قريباً من مهمته المزدوجة المتمثلة في إدارة كل من “فولكس واجن” و”بورشه”. وسيتولى المدير الجديد، مايكل لايترز، منصب المدير التنفيذي لـ”بورشه” في الأول من يناير، ليتفرغ بلوم لإدارة “فولكس واجن”.

صناع سيارات حققوا نجاحات هذا العام

تمثل “بورشه” تبايناً واضحاً مع “فيراري” العلامة التجارية التي تبدو الأقوى مع نهاية 2025، فقد واصلت الشركة تحقيق هوامش أرباح ضخمة، ودفاتر الطلبيات ممتلئة حتى 2027، ما يضعها في مكانة أعلى بكثير عن منافسيها الذين يعانون، مثل “أستون مارتن”، التي خفّضت هدف التسليم في وقت سابق من هذا العام.

اقرأ أيضاً: تويوتا تفاجئ العالم بسيارة كهربائية خارقة

يكمن أحد أسباب نجاح صانعة السيارات الأعلى قيمة في أوروبا في أنها ليست معرّضة للخطر في السوق الصينية بالقدر نفسه الذي تواجهه شركات السيارات الفاخرة الأخرى، إذ تمثّل الصين أقل من 10% من مبيعات الشركة.

كما استفادت “فيراري” من قرار إبطاء مسيرة التحول الكهربائي، ففي أكتوبر، أشار المسؤولون التنفيذيون إلى أن المركبات الكهربائية لن تمثل سوى 20% من سيارات “فيراري” الجديدة المبيعة بحلول 2030، مقارنةً بهدف سابق بلغ 40%. ومن المرجّح أن يساعد هذا التعديل في حماية القيم المتبقية للعلامة التجارية، على عكس تلك التي تُؤرّق طراز “تايكان”.

لكن الأمور لم تجرِ بسلاسة دوماً بالنسبة لصانعة السيارات الإيطالية، ففي أكتوبر، اضطرت الشركة إلى تعديل توقعات الأرباح. كما ارتفعت أسعار سياراتها إلى أعلى مستوى على الإطلاق، وباتت باهظة مقارنةً ببقية سوق السيارات، ويتوقع المحللون إلى أن القرار قد ينفّر العملاء الأكثر ولاءً حتى. 

ويبلغ متوسط سعر سيارة “بورشه” نحو 115407 دولارات، وهو الأعلى بين جميع الشركات المصنّعة ذات الإنتاج القياسي. أما سيارة “فيراري”، فيبلغ متوسط سعرها أربعة أضعاف ذلك المبلغ. وقد يشكل طرح أولى سياراتها الكهربائية، “إليتريكا”، في 2026، خطراً عند عزوف معظم المشترين من هذه الفئة السعرية عن شراء السيارات الكهربائية.

ومع ذلك، يظل عشّاق “فيراري” مخلصين لها بقوة، فأكثر من 80% من المركبات التي تبيعها الشركة تذهب إلى عملاء حاليين، وقد بدأتُ أسمع بالفعل حالة ترقب واسعة لطراز “أمالفي” الرائع، وأتوقع أن تحافظ العلامة التجارية على صدارتها في المستقبل المنظور.

شركات سيارات جديرة بالمتابعة في العام الجديد

أما بخصوص العام المقبل، فسأتابع “أودي” و”كاديلاك” (Cadillac).

سينضم كل منهما إلى سباقات “فورمولا ون” في 2026، حيث ستتولى “أودي” إدارة فريق “ساوبر”، بينما ستشارك “كاديلاك” باعتبارها الفريق الحادي عشر الجديد في البطولة. (وستعود “فورد” إلى “فورمولا ون”، وإن كان بشكل أقل، من خلال تزويد فريقي “أوراكل ريد بُل ريسينغ” و”سكوديريا ألفا تاوري” بوحدات الطاقة).

ويُعدّ هذا تطوراً مثيراً بشكل خاص بالنسبة لـ”كاديلاك”، إذ تعمل على التخلص مما تبقى من صورتها التقليدية المتقادمة، فهي تحتاج إلى إنتاج مزيد من السيارات القادرة حقاً على منافسة الشركات الراسخة في السوق، مثل “بي إم دبليو”، و”مرسيدس”، و”بورشه”.

وتتجاوز قيمة الانضمام إلى “فورمولا ون” الفكرة المبتذلة القائلة: “سابق يوم الأحد، وبِع يوم الإثنين”، رغم أنه ما يزال ينطبق إلى حد ما. إذ يمكن لـ”فورمولا ون” أن يساعد في تطوير علامة “كاديلاك” التجارية، فهو في النهاية حدث ثقافي رئيسي في الولايات المتحدة. (بلغ متوسط جمهور السباق 1.3 مليون مشاهد أميركي عبر شبكتي “إي إس بي إن” و”إيه بي سي” هذا الموسم، وهو أعلى متوسط مشاهدة تلفزيونية مباشرة في تاريخ “فورمولا ون”، متجاوزاً الرقم القياسي البالغ 1.2 مليون مشاهد في 2022، ومرتفعاً بنسبة 147% منذ 2017، وفقاً لـ”إي إس بي إن”).

اقرأ أيضاً: صانعو السيارات يتسابقون إلى المضمار .. لكن هل من جمهور؟

وتستثمر علامات تجارية من “إل في إم إتش” (LVMH) إلى “هيلو كيتي” ملايين الدولارات لمجرد الارتباط بسلسلة السباقات، فـ”فورمولا ون” مفيدة في التسويق، وتدعم تطوير التكنولوجيا الجديدة، كما أنها تقدم محتوى مثيراً على منصات التواصل الاجتماعي.

يُعدّ اختيار “كاديلاك” للسائقَيْن فالتيري بوتاس وسيرجيو بيريز خطوة ذكية بشكل خاص، إذ يتميزان بحضور جذاب ويحظيان بشعبية واسعة بين الجماهير، وسيقدّمان لنا ما سنستمتع بمشاهدته، حتى لو لم يحرز الفريق كثيراً من النقاط في أول مشاركة له على خط الانطلاق. (ستصنع “فيراري” المحركات لـ”كاديلاك” إلى أن يبدأ الفريق الأميركي تصنيع محركاته في 2029).

لا تحتاج “أودي” إلى تعزيز علامتها التجارية بالقدر نفسه الذي تحتاجه “كاديلاك”، لكنها قد تستفيد من دفعة حماس بعد سنوات قليلة من الهدوء النسبي. ورغم أن حضور سائقيها في “فورمولا ون”، نيكو هولكنبرغ وغابرييل بورتوليتو، على الشاشة قد يكون أقل، مقارنةً مع بوتاس بشاربه المميز، فإن لـ”أودي” تاريخاً طويلاً وناجحاً في سباقات السيارات يعود إلى أكثر من قرن. وأتوقع أن تنهي مشاركتها في مركز أعلى من منافستها القادمة من ديترويت في البداية.

فضلاً عن ذلك، تخلق “أودي” بالفعل حالة من الحماس تجاه بعض السيارات الجديدة المرتقبة في 2026، ففي سبتمبر، كشفت الشركة في ميلانو عن نموذج تجريبي أنيق بمقعدين، يمثّل، وفقاً للمدير التنفيذي غيرنوت دولنر، استعراضاً للمسار الذي ستسلكه “أودي” في المرحلة المقبلة.

أعدّ ذلك خبراً ساراً للغاية، إذ يتسم طراز “كونسبت سي” بمقصورة أنيقة وعصرية للغاية، مع ما يكفي من التفاصيل لتذكّر سيارات “أودي” الرائعة في الماضي، مثل “أودي تي تي” و”أودي آر إيت”.

ومع وجود مثل هذه المنتجات في الأفق، يبدو أن الاتجاه إلى السيارات الرياضية عالية الفخامة رفيعة المستوى سيستمر بلا انقطاع في 2026 وما بعده.

المصدر : الشرق بلومبرج