أبرمت المملكة المتحدة اتفاقية تجارة حرة طال انتظارها مع كوريا الجنوبية، قالت الحكومة إنها ستعزز صادرات شركات بريطانية تمتد من شركة السيارات الفاخرة “بنتلي” إلى شركة المشروبات “دياجيو”.
ووقّع وزير التجارة البريطاني كريس براينت الاتفاق في لندن يوم الإثنين مع نظيره الكوري الجنوبي يو هان كو، بحسب بيان وزارة التجارة البريطانية. ويأتي الاتفاق قبل أسابيع فقط من انتهاء العمل باتفاقية الرسوم الجمركية المنخفضة أو الصفرية بين البلدين، والتي كانت سارية منذ انضمام المملكة المتحدة إلى الاتحاد الأوروبي.
دعم الصادرات والخدمات البريطانية
قالت وزارة التجارة إن الاتفاق، وهو الرابع الذي تبرمه حكومة “حزب العمال”، من شأنه أن يزيد صادرات الخدمات البريطانية بنحو 400 مليون جنيه إسترليني (536 مليون دولار)، مع حصول الشركات على وصول أفضل إلى السوق المالية في كوريا الجنوبية، إلى جانب تسهيل تصدير سيارات “بنتلي” الفاخرة، ومشروب “غينيس” التابع لـ”دياجيو”، إضافة إلى سمك السلمون من اسكتلندا.
أشار رئيس الوزراء كير ستارمر في البيان إلى أن “هذا الاتفاق، الذي يجعل التجارة بيننا أسهل، سيساعد في تعزيز الاقتصاد ودعم الوظائف والنمو في مختلف أنحاء البلاد. إنه مكسب كبير للأعمال البريطانية”.
مكسب سياسي محدود في ظل ضغوط اقتصادية
يمثل الاتفاق دفعة محدودة لستارمر، الذي يواجه صعوبات في تحقيق نمو اقتصادي في المملكة المتحدة، رغم إبرام اتفاقات أخرى مع الهند والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
وتواجه البلاد خطر تسجيل أول انكماش فصلي منذ عودة “حزب العمال” إلى السلطة في يوليو 2024، بعدما أظهرت بيانات رسمية الأسبوع الماضي تراجع النمو في أكتوبر، للشهر الثاني على التوالي.
وفي حين تعرض رئيس الوزراء لانتقادات بسبب كثرة زياراته الخارجية، فإن الساحة الدولية كانت مسرحاً لبعض أبرز نجاحات ولايته، بما في ذلك الحفاظ على علاقة مستقرة مع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، والمساهمة في تنسيق الموقف الأوروبي إزاء الحرب في أوكرانيا.
تأثير اقتصادي محدود للاتفاق
من غير المرجح أن يوفر اتفاق كوريا الجنوبية وحده دفعة ملموسة للناتج المحلي الإجمالي.
وتُعد كوريا الجنوبية الشريك التجاري الخامس والعشرين للمملكة المتحدة، بإجمالي تجارة في السلع والخدمات بلغ 15.1 مليار جنيه إسترليني في العام المنتهي في يونيو 2025. غير أن الحكومة ستقدمه باعتباره خطوة إضافية لتعزيز موقع بريطانيا التجاري بعد “بريكست” (الخروج من الاتحاد الأوروبي).
وكان الترويج لعقد اتفاقات تجارة حرة مع دول خارج الاتحاد الأوروبي أحد أبرز وعود مؤيدي الخروج من الاتحاد، إلا أن عدداً محدوداً فقط من هذه الاتفاقات أُنجز حتى الآن، ولم يحقق أي منها القيمة المرجوة من الانضمان إلى السوق الموحدة أو الاتحاد الجمركي.
ومن المقرر أن يواصل ستارمر العام المقبل مفاوضات مع الاتحاد الأوروبي بشأن اتفاق للصحة العامة والزراعية، بهدف تقليل أعباء تجارة المنتجات الزراعية.
وبحسب أشخاص مطلعين، فإن اتفاق تجارة حرة بين المملكة المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي، بات قريباً من الاكتمال.
اقرأ أيضاً: وزيرة الخزانة البريطانية في السعودية لتسريع محادثات التجارة مع الخليج
تفاصيل الاتفاق مع كوريا الجنوبية
كانت بريطانيا وكوريا الجنوبية قد اتفقتا في عام 2023 على تمديد اتفاق لمدة عامين أبقى الرسوم الجمركية منخفضة أو ألغى الرسوم على صادرات بريطانية بنحو ملياري جنيه إسترليني، ريثما يتم التفاوض على اتفاق أوسع.
وسيؤمن اتفاق يوم الإثنين دخولاً معفياً من الرسوم الجمركية إلى السوق الكورية في 98% من بنود التعرفة الجمركية، وهي الشروط نفسها التي يتمتع بها الاتحاد الأوروبي مع الدولة الآسيوية، وفقاً للوزارة. كما سيحدّث ما يُعرف بقواعد المنشأ، التي تحدد مدى “بريطانية” المنتج ليكون مؤهلاً للاستفادة من الرسوم المخفضة.
فعلى سبيل المثال، كان يُشترط سابقاً أن تأتي 55% من قيمة المنتج من المملكة المتحدة، قبل أن تُخفض النسبة إلى 25%، ما يمنح المصنعين البريطانيين مرونة أكبر في استيراد المواد والمكونات من الخارج.
وأضافت وزارة التجارة أن الاتفاق سيسمح أيضاً باستخدام العقود الإلكترونية وغيرها من التقنيات الرقمية، بما يجعل بيع الشركات البريطانية لمنتجاتها في كوريا أسرع وأقل كلفة.
المصدر : الشرق بلومبرج