تغيير قوانين الهجرة في كندا تجبر المهاجرين على المغادرة

تغيير قوانين الهجرة في كندا تجبر المهاجرين على المغادرة

مونتريال- (أ ف ب)
بعد قبوله وظيفة قرب مونتريال، غادر منصف علوي تونس على أمل تأمين حياة أفضل لأطفاله في كندا، لكن مساعيه للاستقرار في البلاد اصطدمت بواقع جديد على خلفية تشديد سياسات الهجرة.
وقال علوي، 50 عاماً، وصوته يرتجف «تحطّمت وانقلبت حياتي رأساً على عقب. ابنتي في غرفتها تبكي طوال اليوم» بسبب مغادرتهم الوشيكة لبلد كان يأمل البقاء فيه.
على مدى عقود، اعتُبرت كندا من بين أكثر بلدان العالم جذباً للمهاجرين، خصوصاً أولئك الوافدين من الدول النامية.
لكن رئيس الوزراء الليبرالي مارك كارني حد من مستويات الهجرة، في خطوة مماثلة لما فعله سلفه جاستن ترودو، الذي أقر العام الماضي بأن كندا سمحت بدخول الكثير من الأشخاص لمعالجة مشكلة نقص العمالة الناجم عن جائحة كوفيد-19.
وجاء في موازنة كارني، التي أُقرت بغالبية ضئيلة الشهر الماضي، «سنستعيد السيطرة على نظام الهجرة لدينا، ونضع كندا على المسار باتّجاه إعادة الهجرة إلى مستويات مستدامة».
تم تعيين علوي قبل عامين كمشرف في مصنع في لافال قرب مونتريال في مقاطعة كيبيك الناطقة بالفرنسية، لكن الحكومة ألغت الشهر الماضي برنامجاً للعمال المهرة كان سيتيح له التقدّم بطلب للحصول على إقامة دائمة يطلق عليها PEQ.
وقال علوي قبل شهر على انقضاء المدة التي يحق له البقاء فيها قانونياً في كندا «أشعر بأنني مشوّش».

القيم الكندية

تخطط كندا للسماح بمنح 380 ألف إقامة دائمة جديدة في 2026، مقارنة مع 395 ألفاً هذا العام، في انخفاض كبير عن نصف مليون إقامة دائمة مُنحت في 2024.
ومن المقرر أن يُخفض عدد تصاريح الإقامة المؤقتة بنسبة النصف تقريباً مع تحديد هدف 2026 بـ385 ألفاً، مقارنة مع 673,650 هذا العام، في وقت تحد الحكومة بشكل كبير من منح تأشيرات للطلاب الأجانب.
وذكرت وكالة الإحصاءات الوطنية الأربعاء بأن عدد سكان كندا تراجع بنسبة 0,2 في المئة في الفصل الثالث من عام 2025 ليبلغ حالياً 41,575,585 نسمة، في أول انكماش منذ عام 2020. ويعود الأمر بشكل أساسي إلى مغادرة الطلاب الأجانب.
وبالنسبة للمديرة التنفيذية المشاركة للمجلس الكندي للاجئين غاوري سرينيفاسان «لم يحدث أي تحوّل كبير في القيم الكندية» الداعمة بشكل واسع للهجرة، لكنها اتّهمت السياسيين الكنديين باستغلال «موجة عالمية» مرتبطة بالهجرة حيث يُحمّل المهاجرون المسؤولية عن مجموعة من التحديات، من بينها نقص السكن والضغط الذي تعانيه أنظمة الرعاية الصحية.
وقالت إن «عدد سكان كندا يتراجع والهجرة ضرورية من أجل ازدهارنا مستقبلاً»، محذرة من اللجوء إلى «روايات معادية للأجانب» تؤدي إلى التشدد في المواقف ضد القادمين الجدد.
كما تشير البيانات أيضاً إلى تحوّل في الرأي العام، ففي عام 2022، رأى 27 في المئة من الكنديين أن البلاد تستقبل عدداً مبالغاً فيه من المهاجرين، وهي نسبة ارتفعت لاحقاً إلى 56 في المئة، بحسب «معهد إنفايرونكس».
«تآكل الإجماع»
من جهته، أكد سرجيو دا سيلفا إنه يشعر بأنه «خُدع» جراء إلغاء برنامج PEQ في كيبيك. وأفاد البرازيلي، 36 عاماً الذي يستعد أيضاً لخسارة حقه في الإقامة في كندا «درسنا ونتحدث الفرنسية. نستوفي جميع الشروط من أجل البقاء».
أما خبيرة الهجرة لدى جامعة مونتريال كاثرين شارديس، فأشارت إلى أن كندا نجحت في تأسيس توافق فريد داعم للهجرة يحظى بتأييد مختلف الأحزاب لاستقبال الناس وللعمليات البيروقراطية التي سمحت للمهاجرين بالبقاء.
وأكدت أن «الاستثنائية الكندية في مجال الهجرة اهتزت.. تآكل الإجماع، وهذا واضح». ولفتت إلى أن التحدي الأساسي يكمن في أن النظام الكندي بُني لاستيعاب مرشحين للإقامة الدائمة.
لكن تدفق المهاجرين المؤقتين، وخصوصاً مئات آلاف الطلبة الأجانب، تسبب بحساسيات، وقالت شارديس إن الوضع في كندا «لا يقارن بأي شكل من الأشكال» مع التطورات في أوروبا والولايات المتحدة حيث حقق السياسيون نجاحات انتخابية غذتها الرسائل المعادية للهجرة.

المصدر : صحيفة الخليج

وسوم: