من المقرر أن يتولى كريستيان تيرنر منصب سفير المملكة المتحدة الجديد لدى واشنطن، بعد منافسة محتدمة وطويلة لخلافة اللورد بيتر ماندلسون في هذا المنصب الدبلوماسي الرفيع، حسبما أوردت صحيفة “فاينانشيال تايمز”.
وأخطر رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، الخميس، الملك تشارلز الثالث بقرار تعيين تيرنر، الذي سيكلف بإدارة ملفات استراتيجية تشمل محادثات التجارة البريطانية المرتقبة مع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، إضافة إلى مستجدات الصراع في أوكرانيا.
واعتبر مسؤولون في وايتهول (مقر الحكومة البريطانية) أن تعيين الدبلوماسي المخضرم تيرنر يمثل “خياراً آمناً” لستارمر، وجاء هذا التحول بعد الإطاحة بالمرشح السابق، اللورد بيتر ماندلسون، في سبتمبر الماضي، على خلفية علاقاته بالملياردير الأميركي الراحل جيفري إبستين، المدان بجرائم جنسية.
وسعى السير أولي روبنز، السكرتير الدائم بوزارة الخارجية والكومنولث والتنمية البريطانية، إلى إقناع ستارمر باستبدال ماندلسون بدبلوماسي مُجرّب، بدلاً من تعيين سياسي آخر في هذا المنصب.
وينطبق هذا الوصف على تيرنر، إذ شغل مناصب رفيعة في السلك الدبلوماسي ودوائر وايتهول ومقر رئاسة الوزراء في داونينج ستريت، ضمن مسيرة مهنية امتدت لنحو ثلاثين عاماً.
منافسة محتدمة
وعُيِّن تيرنر، سفيراً للمملكة المتحدة لدى الأمم المتحدة في نيويورك في مايو الماضي، لكنه لم يتسلّم مهامه بعد. وشغل سابقاً منصب المدير السياسي في وزارة الخارجية والكومنولث والتنمية، كما عمل مفوضاً سامياً لبريطانيا لدى باكستان بين عامي 2019 و2023.
وكان ينظر إلى فارون تشاندرا، مستشار ستارمر لشؤون الأعمال وأحد مهندسي اتفاقات التجارة الأخيرة مع ترمب، على أنه الأوفر حظاً للفوز بالمنصب، نظراً لعلاقاته الوثيقة بالبيت الأبيض.
لكن ستارمر قرر الإبقاء على تشاندرا في لندن، وهو قرار كشفت عنه “فاينانشيال تايمز”، الأربعاء، وسيُمنح تشاندرا دوراً موسعاً يشمل الاستمرار في قيادة محادثات التجارة مع الولايات المتحدة.
وقال دبلوماسيون كبار إن روبنز كان مصمماً على أن يذهب المنصب المرموق في واشنطن إلى مسؤول رفيع المستوى، ولا سيما أن معنويات موظفي وزارة الخارجية متدنية جداً، بعد سلسلة من تخفيضات الوظائف القاسية.
وقال دبلوماسي آخر: “كان أولي يريد أيضاً شخصاً يرفع تقاريره عبر وزارة الخارجية والكومنولث والتنمية، لا عبر داونينج ستريت”، في إشارة إلى مقر رئاسة الوزراء.
غير أن حلفاء روبنز ينفون هذا الادعاء، مؤكدين أنه كان يسعى فقط إلى ضمان أن تكون لدى ستارمر قائمة من “مرشحين جادين صالحين للتعيين”.
ودخل نايجل كيسي، سفير بريطانيا لدى موسكو، سباق المنافسة في اللحظات الأخيرة، ورآه بعض مسؤولي وزارة الخارجية “مرشحاً حاسماً” قد يدفع ستارمر إلى اختيار دبلوماسي مخضرم.
وأجرى ستارمر مقابلات مع تيرنر وكيسي وتشاندرا الأسبوع الماضي، لكن بعض المسؤولين الحكوميين قالوا إن كيسي مطلوب في منصبه الحالي في موسكو، في ظل الحالة المتوترة للمحادثات بشأن الحرب في أوكرانيا.
وأوضح أحد الدبلوماسيين المخضرمين أن اختيار رئيس الوزراء لدبلوماسي متمرس، بعد الانتقادات التي وُجهت إلى سلسلة من التعيينات السياسية الفاشلة، كان “أمراً بسيطاً”.
وأضاف: “تعيين فارون كان سيجعل الأمر مخاطرة يتحملها ستارمر. أما تعيين كيسي أو تيرنر فيجعلها مسؤولية وزارة الخارجية”.
المصدر : الشرق
