بالم بيتش، فلوريدا- (أ ف ب)
شدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على حاجة بلاده إلى غرينلاند لضرورات «الأمن القومي»، بعد غضب دنماركي من إعلان واشنطن تعيين موفد خاص للجزيرة ذات الحكم الذاتي التابعة لكوبنهاغن.
ومنذ عودته إلى البيت الأبيض في يناير/كانون الثاني 2025، كرر ترامب الحديث عن «حاجة» بلاده إلى الإقليم الواقع في الدائرة القطبية الشمالية. كما أعرب مراراً عن رغبته في ضمّها، ورفض استبعاد استخدام القوة لتحقيق ذلك.
وفي خطوة غير متوقعة، أعلن ترامب الأحد تعيين حاكم لويزيانا الجمهوري جيف لاندري، موفداً خاصاً إلى غرينلاند. وردت كوبنهاغن باستدعاء سفير واشنطن.
وجدد ترامب موقفه من الإقليم الاثنين، إذ قال في مؤتمر صحفي في بالم بيتش بولاية فلوريدا «نحتاج إلى غرينلاند من أجل الأمن القومي، وليس المعادن».
أضاف «إذا نظرتم إلى غرينلاند، إذا نظرتم على امتداد سواحلها، ترون سفناً روسية وصينية في كل مكان»، متابعاً «نحتاج إليها من أجل الأمن القومي».
وأكد أنه «يجب أن نحصل عليها»، مشيراً إلى أن لاندري سيقود هذه المهمة.
وكان الأخير تعهد العمل على جعل غرينلاند «جزءاً من الولايات المتحدة». وتوجه في منشور على منصة إكس الأحد بعيد تعيينه، إلى ترامب بالقول «إنّه شرف لي أن أخدمكم تطوّعاً في جعل غرينلاند جزءاً من الولايات المتحدة».
ونددت الدنمارك وغرينلاند بالخطوة.
وذكّر رئيس وزراء غرينلاند ينس-فريدريك نيلسن ورئيسة الوزراء الدنماركية ميته فريدريكسن في بيان مشترك الاثنين، بأن «الحدود الوطنية وسيادة الدول تقوم على القانون الدولي».
وأضافا أنّه «لا يمكن ضمّ دولة أخرى. حتى مع التذرّع بالأمن الدولي»، مؤكدَين أنهما ينتظران «احترام سلامتنا الإقليمية المشتركة».
من جهته، اعتبر وزير الخارجية الدنماركي لارس لوكه راسموسن أن تعيين ترامب موفداً لغرينلاند «غير مقبول».
وأكد أن الوزارة استدعت الاثنين السفير الأمريكي «لعقد اجتماع، بحضور ممثل عن غرينلاند، رسمنا خلاله بوضوح شديد خطاً أحمر، وطالبنا أيضاً بتقديم تفسيرات».
وأردف أنه «طالما أن لدينا مملكة في الدنمارك تتكوّن من الدنمارك وجزر فارو وغرينلاند، فلا يمكننا أن نقبل بأن يسعى البعض لتقويض سيادتنا».
وساند الاتحاد الأوروبي الدنمارك، حيث أكدت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين ورئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا على منصة إكس أنّ «وحدة الأراضي والسيادة مبدآن أساسيان في القانون الدولي».
وأضافا أنّ «هذين المبدأين أساسيان ليس فقط للاتحاد الأوروبي بل أيضاً لدول العالم بأسره».
موقع استراتيجي
وكان المسؤولون في الدنمارك وغرينلاند شددوا خلال الأشهر الماضية على أن الجزيرة التي يبلغ عدد سكانها 57 ألف نسمة، ليست للبيع، ويعود لها وحدها بأن تقرر مصيرها.
وأظهر استطلاع للرأي نشر في يناير/كانون الثاني أن غالبية السكان يرغبون باستقلال الإقليم، لكنهم يرفضون أن يصبح جزءاً من الولايات المتحدة.
وكان جيف لاندري رحب في بداية السنة برغبة ترامب في ضم غرينلاند. وقال عبر منصة إكس في العاشر من يناير/كانون الثاني، إنّ «الرئيس ترامب محق تماماً». وأضاف «يجب أن نضمن انضمام غرينلاند للولايات المتحدة. سيكون ذلك رائعاً لهم، ورائعاً لنا! فلنفعلها!».
وتثير الجزيرة اهتمام ترامب نظراً إلى ثروتها المعدنية وموقعها الاستراتيجي عند ملتقى المحيط الأطلسي الشمالي والمحيط المتجمّد الشمالي.
وتعتبر واشنطن أن غرينلاند بموقعها الجغرافي بين أمريكا الشمالية وأوروبا، قادرة على منحها أفضلية في مواجهة خصومها في المنطقة القطبية.
وللولايات المتحدة قاعدة عسكرية في الجزيرة، وأقامت قنصلية فيها اعتباراً من يونيو/حزيران 2020.
وفي نهاية مارس/آذار، أثار نائب الرئيس الأمريكي جاي دي فانس ضجّة كبيرة عندما أعلن عن تخطيطه لزيارة الجزيرة الشاسعة من دون تلقي دعوة.
وفي مواجهة الغضب الذي ثار في غرينلاند والدنمارك ومختلف أنحاء أوروبا، اقتصرت زيارته على قاعدة بيتوفيك الجوية الأمريكية الواقعة في شمال غرب الجزيرة. واستغل وجوده هناك لانتقاد ما وصفه بتقاعس الدنمارك إزاء غرينلاند.
وفي نهاية أغسطس/ آب، كشفت القناة التلفزيونية العامة في الدنمارك بأنّ ثلاثة مسؤولين على الأقل مقرّبين من ترامب، قاموا بمحاولة جمع معلومات بشأن قضايا سابقة تسبّبت بتوترات بين غرينلاند والدنمارك، بما في ذلك الفصل القسري لأطفال عن عائلاتهم.
واستدعت كوبنهاغن القائم بالأعمال الأمريكي في حينه بسبب هذه المسألة.
المصدر : صحيفة الخليج
