تُعد محطة زابوريجيا النووية، أكبر محطة في أوروبا، إحدى أبرز نقاط الخلاف في خطة السلام التي طرحها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإنهاء الحرب المستمرة منذ نحو أربع سنوات بين روسيا وأوكرانيا. وتُمثل هذه القضية إحدى النقاط العشرين التي طرحها الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في إطار مقترح السلام.
ما الدور الذي قد تلعبه الولايات المتحدة؟
سيطرت روسيا على المحطة في مارس/آذار 2022، وأعلنت خططاً لربطها بشبكة الكهرباء الروسية، تعتبر معظم الدول هذه المحطة تابعة لأوكرانيا، بينما تؤكد روسيا ملكيتها لها، وأن وحدة تابعة لشركة روساتوم النووية الحكومية الروسية هي التي تديرها.
وصرح زيلينسكي في نهاية ديسمبر/كانون الأول بأن الجانب الأمريكي اقترح تشغيلاً ثلاثياً مشتركاً للمحطة النووية بإدارة أمريكية.
وقال زيلينسكي: إن المقترح الأوكراني ينص على استخدام أوكراني-أمريكي مشترك للمحطة، على أن تحدد الولايات المتحدة كيفية استخدام 50% من الطاقة المنتجة.
ووفقاً لصحيفة كوميرسانت، فقد درست روسيا إمكانية الاستخدام المشترك للمحطة بين روسيا والولايات المتحدة.
ما هو وضعها الحالي؟
تقع المحطة في إنيرهودار على ضفاف نهر دنيبرو وسد كاخوفكا، على بُعد 550 كيلومتراً (342 ميلاً) جنوب شرق العاصمة كييف.
تضم محطة زابوريجيا للطاقة النووية ستة مفاعلات من تصميم سوفيتي، بُنيت جميعها في ثمانينات القرن الماضي، إلا أن المفاعل السادس لم يدخل حيز التشغيل إلا في منتصف التسعينات بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، وتبلغ طاقتها الإجمالية 5.7 جيجاوات، وفقاً لقاعدة بيانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
لم تعد أربعة من المفاعلات الستة تستخدم الوقود النووي الروسي، إذ تحولت إلى استخدام وقود من إنتاج شركة وستنجهاوس، الموردة الأمريكية آنذاك للمعدات النووية.
بعد سيطرة روسيا على المحطة، أغلقت خمسة من مفاعلاتها الستة، وتوقف المفاعل الأخير عن إنتاج الكهرباء في سبتمبر/أيلول 2022. وأعلنت شركة روساتوم في عام 2025 استعدادها لإعادة الوقود الأمريكي إلى الولايات المتحدة.
ووفقاً للإدارة الروسية للمحطة، فإن جميع المفاعلات الستة في حالة «إيقاف التشغيل البارد».
تبادلت روسيا وأوكرانيا الاتهامات باستهداف المحطة النووية وقطع خطوط الكهرباء عنها.
تُغذّى معدات المحطة بالكهرباء المُورّدة من أوكرانيا، وخلال السنوات الأربع الماضية، انقطعت هذه الإمدادات إحدى عشرة مرة على الأقل بسبب انقطاع خطوط الكهرباء، مما أجبر المحطة على التحوّل إلى مولدات الديزل الاحتياطية.
تستطيع المولدات الاحتياطية الموجودة في الموقع توفير الكهرباء اللازمة لتبريد المفاعلات في حال انقطاع خطوط الكهرباء الخارجية.
يقول المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي: إن خوض حرب حول محطة نووية يُعرّض السلامة والأمن النوويين لخطر دائم.
لماذا تريد روسيا محطة زابوريجيا؟
تستعد روسيا لإعادة تشغيل المحطة، لكنها تقول: إن ذلك سيعتمد على الوضع في المنطقة. ولم يستبعد رئيس شركة روساتوم، أليكسي ليخاتشوف، تزويد أجزاء من أوكرانيا بالكهرباء المُنتجة هناك.
من جهته، أوضح أولكسندر خارشنكو، مدير مركز أبحاث الطاقة في كييف، أن موسكو تعتزم استخدام المحطة لتغطية عجز كبير في الطاقة في جنوب روسيا، وأضاف: «لهذا السبب يُقاتلون بشدة من أجل هذه المحطة».
وفي ديسمبر/كانون الأول 2025، أصدرت الهيئة الفيدرالية الروسية للإشراف البيئي والتكنولوجي والنووي ترخيصاً لتشغيل المفاعل رقم 1، وهي خطوة أساسية نحو إعادة تشغيله.
وصفت وزارة الطاقة الأوكرانية هذه الخطوة بأنها غير قانونية وغير مسؤولة، لما تنطوي عليه من خطر وقوع حادث نووي.
لماذا تحتاج أوكرانيا إلى المحطة؟
تشن روسيا هجمات مكثفة على البنية التحتية للطاقة في أوكرانيا منذ أشهر، وقد شهدت بعض المناطق انقطاعات في التيار الكهربائي خلال فصل الشتاء.
في الأشهر الأخيرة، صعّدت روسيا بشكل حاد من نطاق وشدة هجماتها على قطاع الطاقة الأوكراني، ما أدى إلى غرق مناطق بأكملها في الظلام.
يقول المحللون إن عجز أوكرانيا في قدرة توليد الطاقة يبلغ نحو 4 جيجاوات، أي ما يعادل أربعة مفاعلات من مفاعلات زابوريجيا.
ويبين خارشنكو إن أوكرانيا ستحتاج من خمس إلى سبع سنوات لبناء قدرة توليد الطاقة اللازمة لتعويض خسارة محطة زابوريجيا.
وأضاف خارشنكو إنه إذا استعادت كييف السيطرة على المحطة، فسيستغرق الأمر عامين إلى ثلاثة أعوام على الأقل لفهم حالتها، وثلاثة أعوام أخرى لإصلاح المعدات وإعادتها إلى التشغيل الكامل.
وأكد كل من شركة إنيرغواتوم، المشغلة للطاقة النووية الحكومية الأوكرانية، وخارتشينكو، أن أوكرانيا لا تعلم الحالة الحقيقية لمحطة الطاقة النووية اليوم.
ماذا عن تبريد الوقود في المحطة؟
على المدى البعيد، لا تزال مشكلة نقص موارد المياه اللازمة لتبريد المفاعلات قائمة بعد تفجير سد كاخوفكا الكهرومائي الضخم عام 2023، والذي أدى إلى تدمير الخزان الذي كان يزود المحطة بالمياه.
إلى جانب المفاعلات، توجد أيضاً أحواض لتبريد الوقود المستهلك في كل موقع مفاعل. وبدون إمدادات المياه لهذه الأحواض، يتبخر الماء وترتفع درجات الحرارة، مما يُنذر بخطر نشوب حرائق.
وقد تسبب انبعاث الهيدروجين من أحد أحواض الوقود المستهلك في انفجار محطة فوكوشيما النووية في اليابان عام 2011.
وأفادت شركة إنرجوأتوم أن مستوى بركة التبريد في محطة زابوريجيا للطاقة النووية قد انخفض بأكثر من 15%، أي ما يعادل 3 أمتار، منذ تدمير السد، وما زال في انخفاض مستمر.
وأوضح مسؤولون أوكرانيون سابقاً إن احتياطيات المياه المتاحة قد تكون كافية لتشغيل مفاعل نووي واحد أو اثنين على الأكثر.
المصدر : صحيفة الخليج
