«فاينانشل تايمز»: أبوظبي تحولت سريعاً لعاصمة الثروة السيادية في العالم

«فاينانشل تايمز»: أبوظبي تحولت سريعاً لعاصمة الثروة السيادية في العالم

3 صناديق حكومية تدير أصولاً بـ 1.7 تريليون دولار

وجهت أبوظبي عائدات النفط للاستثمار الدولي والتنمية

طَرَق مستثمرون سياديون أبواب أبوظبي في أزمة 2008

«أديا» يستثمر 45% من محفظته في أمريكا الشمالية

«مبادلة» تأسست لتنويع الاقتصاد والاستثمارات الاستراتيجية

أكد تقرير لصحيفة «فاينانشل تايمز» نجاح أبوظبي في التحول السريع إلى عاصمة كبرى تفتخر بكونها بين الأوائل في العالم، التي تضم أعلى تركيزات للثروة السيادية في العالم، بعد أن وجّهت عائداتها النفطية نحو الاستثمار الدولي والتنمية المحلية.
في العقود الأولى من جهودها لبناء الثروة، حرصت الإمارة على البقاء بعيدة عن الأضواء، كما يقول دييغو لوبيز، مؤسس ومدير شركة «غلوبال إس دبليو إف» المتخصصة في تتبع قطاع النفط، لكن «أبوظبي كانت دائماً عاصمة رؤوس الأموال، لمن يعرفها».
برؤية حكيمة عمل المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، من عام 1966 وحتى وفاته بعد نحو أربعين عاماً، على توجيه الفوائض الهائلة الناتجة عن مبيعات النفط لتطوير البنية التحتية المحلية، بينما كان يدخر الفائض في صندوق الثروة السيادية، الذي أصبح فيما بعد أحد أكبر الصناديق في العالم: جهاز أبوظبي للاستثمار، الذي تأسس عام 1976.
في عام 1984، أنشأت أبوظبي صندوقاً جديداً باسم الشركة الدولية للاستثمارات البترولية للاستثمار في أصول الطاقة واستخدام عائدات النفط لتنويع اقتصاد الإمارة، وتم توسيع نطاق تفويض التنمية المحلية، ليشمل شركة مبادلة للتنمية التي تم تأسيسها حديثاً عام 2002.
بعد وفاة المغفور له بإذن الله الشيخ زايد، عملت أبوظبي على وضع خطط تنموية طموحة، وأصبحت الصناديق أكثر نشاطًا، فيما اشترت مبادلة حصصًا أقلية في شركة فيراري الإيطالية لصناعة السيارات عام 2005، ومجموعة «كارلايل» وشركة «إيه إم دي» لصناعة الرقائق الإلكترونية بعد ذلك بعامين.
مع تراجع قيمة الأصول الغربية وحاجتها إلى ضخ رؤوس أموال، عند اندلاع الأزمة المالية العالمية عام 2008، انطلق المستثمرون السياديون في أبوظبي – مدفوعين بارتفاع أسعار النفط إلى 140 دولارًا للبرميل – في موجة إنفاق واسعة، وبرزوا بشكل ملحوظ، خلال هذه الفترة من الازدهار، حيث يقول خبراء ماليون مخضرمون إن كيانات أبوظبي كانت غالبًا ما تُعرض عليها نفس الصفقات من قبل المصرفيين، بل وتنافست فيما بينها أحيانًا.
وهذه الصناديق اليوم تشمل جهاز أبوظبي للاستثمار (Adia)، وشركة مبادلة، والقابضة ADQ، التي أُنشئت عام 2018 لإدارة أصول الدولة الحيوية. كما تمتلك أبوظبي صندوق تقاعد منفصل. ويبلغ إجمالي الأصول المُدارة لهذه الصناديق مجتمعةً نحو 1.7 تريليون دولار. ويقول المصرفيون والمستشارون إن هذه الصناديق الثلاثة استقطبت نخبة من المتخصصين، وطورت أنظمة وإجراءات مؤسسية لتصبح أدوات فعّالة لإبرام الصفقات.

جهاز أبوظبي للاستثمار

يُكلف صندوق الثروة السيادية في أبوظبي، الذي يُقدر حجمه بـ 1.1 تريليون دولار، بإدارة فوائض النفط في الإمارة لصالح الأجيال القادمة، ولا يستثمر رأس ماله إلا خارج دولة الإمارات.
يتحدث الصندوق «أديا» أنه يستثمر ما لا يقل عن 45% من محفظته في أمريكا الشمالية، و15% على الأقل في أوروبا، و10% في الأسواق الناشئة، و5% فيما يُطلق عليه «آسيا المتقدمة» في حين يوظف ثلث محفظته الاستثمارية طويلة الأجل في أسهم الأسواق المتقدمة، وهي أكبر فئة أصول لديها. ويأتي الاستثمار في الأسهم الخاصة في المرتبة الثانية بنسبة لا تقل عن 12%.
ورغم أن أديا لا يمتلك حصص أغلبية في الشركات، إلا أنه يقوم باستثمارات ضخمة؛ فعلى سبيل المثال، استثمر في عام 2023 ما يقارب 600 مليون دولار في شركة التجزئة التابعة لمجموعة ريلاينس الهندية، ما منحها حصة 0.6% في هذه الشركة.
أما مبادلة، فتأسست عام 2002، بهدف تنويع اقتصاد أبوظبي، وقامت باستثمارات استراتيجية كبيرة، من بينها الاستثمار في شركة غلوبال فاوندريز لصناعة الرقائق الإلكترونية. وشهدت مبادلة توسعًا هائلًا عام 2016 عندما اندمجت مع صندوق الثروة السيادية لأبوظبي (آيبيك)، وبعد عامين أضافت مجلس أبوظبي للاستثمار إلى مبادلة، ما ضاعف قيمة المجموعة.
منذ عام 2022، تعد ثاني أكبر مستثمر سيادي في أبوظبي وهي من بين أكثر المستثمرين نشاطًا في العالم، وفقًا لمؤشرات القطاع. تستحوذ مبادلة في الغالب على حصص أقلية في الشركات، ويُعدّ ذراعها للاستثمار المباشر الأكبر حجمًا. وقد تراجع دورها كأداة للتنمية في السنوات الأخيرة، وأصبحت مبادلة تعمل بشكل أقرب إلى صندوق استثمار خاص يركز على تحقيق العوائد.
وأنشأت مبادلة وحدات متخصصة، من بينها مبادلة كابيتال، التي تستقطب رؤوس أموال من مستثمرين آخرين، وهي شريك في ملكية صندوق أبوظبي للاستثمار في الذكاء الاصطناعي (MGX). وكان من أبرز استثماراتها وأكثرها شهرةً التزامها بمبلغ 15 مليار دولار لصندوق رؤية سوفت بنك.

القابضة ADQ

تأسس أحدث صناديق الاستثمار في أبوظبي، عام 2018، ليضم مجموعة متنوعة من الشركات المملوكة للدولة، بما في ذلك شركة طيران الاتحاد. وقد تولى الصندوق إدارة هذه الشركات، مع تغيير مجالس إدارتها بشكل متكرر، واستخدمها كأساس لمجموعات استثمارية متخصصة: فعلى سبيل المثال، استخدمت القابضة ADQ حصتها في موانئ أبوظبي كأساس لمحفظة لوجستية، ثم قامت بعمليات استحواذ أخرى شملت شركة أرامكس. وعلى الرغم من تركيزها في البداية على دولة الإمارات ومنطقة الشرق الأوسط، توسعت عالمياً، وتعمل على بناء سلسلة قيمة متكاملة ضمن كل مجموعة من مجموعاتها الرئيسية من خلال عمليات الاستحواذ.
أفاد مصدر مُقرّب من الصندوق أنه يُعيد تقييم استراتيجيته لعام 2026، وقد يتجه نحو زيادة استثماراته في حصص أقلية، بعد استحواذه على حصة في دار مزادات سوذبيز العام الماضي. وأضاف المصدر أن الصندوق يدرس قطاع التصنيع كقطاع مُحتمل للتوسع.
وأصدر الصندوق العام الماضي سندات بقيمة 4.5 مليار دولار. وساهمت شركاته التي يزيد عددها على 25 شركة بنحو خُمس الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي لإمارة أبوظبي، وفقًا لتقريره السنوي لعام 2024.

«لونيت»

تدير «لونيت» محفظة استثمارية مشتركة بين القابضة ADQ وصندوق ألتيرا للمناخ بقيمة 30 مليار دولار. ويقول مصرفيون إنها من أكثر الشركات نشاطًا في إبرام الصفقات في أبوظبي. ورغم أن «لونيت» شركة خاصة إلا أنه يُنظر إليها على نطاق واسع على أنها تُنسّق مع كيانات أخرى تابعة لمجموعة أبوظبي.
واستحوذت هذا العام على حصة أقلية غير معلنة في صندوق التحوط البريطاني «بريفان هوارد»، وخصصت ملياري دولار لشراكة في أبوظبي، وأطلقت مشروعًا مشتركًا في مجال العقارات بقيمة مليار دولار مع مجموعة «بروكفيلد» الاستثمارية الكندية.
وهناك شركة«إم جي إكس» الاستثمارية المملوكة مناصفةً بين «مبادلة» و«جي 42»، وهي شركة ذكاء اصطناعي، وتُناط بها مهمة الإشراف على استثمارات أبوظبي الضخمة في مجال الذكاء الاصطناعي.
ورغم أنها تُصرّح بأن استراتيجيتها تتمثل في الاستثمار في الرقائق الإلكترونية والبنية التحتية وتقنيات الذكاء الاصطناعي، إلا أنها استثمرت أيضًا ملياري دولار في منصة تداول العملات الرقمية «باينانس»، وتستحوذ على حصة أقلية في «تيك توك» الأمريكية.

المصدر : صحيفة الخليج