
تباطأ نمو إجمالي رصيد ودائع العملاء في 11 بنكاً مدرجاً بالبورصة المصرية خلال النصف الأول من العام الحالي، مسجلاً أدنى معدلاته منذ تحرير سعر الصرف في 2024، على خلفية ارتفاع سعر صرف الجنيه المصري مقابل الدولار، علاوة على خفض معدلات الفائدة.
ارتفع إجمالي الودائع بالبنوك المشمولة بالمسح الذي أجرته “الشرق” بنسبة 6.2% فقط خلال النصف الأول من العام إلى قرابة 3 تريليونات جنيه، مقارنة بمعدل نمو بلغ 24.4% في النصف الأول من 2024 حين وصلت الودائع إلى 2.52 تريليون جنيه، مقابل ارتفاع الإقراض.
كيف يؤثر خفض أسعار الفائدة على الاقتصاد المصري في 2025؟
مسح نتائج أعمال البنوك المدرجة بالبورصة المصرية الذي أجرته “الشرق” شمل: البنك التجاري الدولي، و”قطر الوطني”، و”التعمير والإسكان”، و”المصري الخليجي”، و”مصرف أبوظبي الإسلامي”، و”قناة السويس”، و”كريدي أجريكول”، و”المصري لتنمية الصادرات”، و”المصرف المتحد”، و”فيصل الإسلامي”، و”البركة”. وتم استبعاد بنك الشركة المصرفية العربية الدولية لاعتماد نتائجه بالدولار.
سعر صرف الجنيه
يرى هاني جنينة، رئيس قطاع البحوث في شركة الأهلي فاروس لتداول الأوراق المالية، أن تحرير سعر الصرف كان عاملاً أساسياً في تباطؤ نمو الودائع خلال النصف الأول، حيث إن جزءاً من الودائع مقوّم بالدولار، وبالتالي فإن معدل النمو في العامين الماضيين يعكس إعادة تقييم هذه الودائع.
كانت البنوك حققت نتائج قياسية على مستوى أعمالها خلال 2024 بدعم من تحرير سعر الصرف الذي أدى إلى تضخم المحافظ بعد تحويل المكون الدولاري إلى الجنيه.
بعد قرار البنك المركزي المصري بتحرير سعر الصرف في مارس 2024، تراجعت قيمة الجنيه مقابل الدولار من 30.94 جنيه إلى قرابة 50 جنيهاً، قبل أن يبدأ سعر الصرف في التحسن خلال الشهرين الأخيرين إلى نحو 48.5 جنيه، وبلغ خلال تعاملات الخميس الماضي مستوى 48.13 جنيه لكل دولار.
خفض الفائدة
رئيس قطاع الخزانة في أحد البنوك الحكومية اعتبر أن تباطؤ نمو الودائع أمر طبيعي بعد خفض الفائدة، إذ اتجه المودعون إلى ملاذات استثمارية أخرى، موضحاً: “نسبة القروض إلى الودائع في مصر تتراوح بين 45% و60% كحد أقصى، وهي أقل من المعدلات العالمية، ما يعني أن البنوك لا تواجه مخاطر كبيرة من هذا التراجع.
خفض البنك المركزي المصري، خلال اجتماع لجنة السياسات النقدية الخامس لهذا العام في أغسطس الماضي، أسعار الفائدة للمرة الثالثة منذ بداية 2025، موافقاً أغلب التوقعات، حيث قررت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري، خفض أسعار العائد الأساسية بواقع 200 نقطة أساس، ليصل سعرا عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي إلى 22% و23% و22.5%، على الترتيب.
المركزي المصري يخفض أسعار الفائدة للمرة الثالثة منذ بداية 2025
واستناداً إلى أحدث بيانات تضخم، يبلغ سعر الفائدة الحقيقي، أي معدل الفائدة الاسمي مطروحاً منه معدل التضخم، 10%.
مسؤول خزانة ومعاملات دولية بأحد البنوك الخاصة وصف تباطؤ نمو الودائع بأنه “نتيجة إيجابية لخفض الفائدة، لأنه يقلل الادخار ويحفز الاستثمار، ما ينعكس على زيادة الناتج المحلي الإجمالي”، حسب قوله.
ارتفاع الطلب على القروض
على الجانب الآخر، أظهرت القوائم المالية التي أجري عليها مسح “الشرق” نمواً في رصيد القروض المقدمة للعملاء والشركات بنسبة 18.4% خلال النصف الأول من 2025، ليصل إلى 1.54 تريليون جنيه بنهاية يونيو، مقارنة بنمو بلغ 15.5% في النصف الأول من 2024.
مساعد العضو المنتدب لأحد البنوك الخاصة الكبرى قال لـ”الشرق” إن النصف الأول من العام شهد استخدامات غير مسبوقة للتسهيلات الائتمانية والقروض، سواء لتمويل توسعات وأعمال تشغيلية أو لتعويض نقص السيولة بسبب “تأخر متحصلات الموردين”.
محلل: التحسن في أداء الجنيه مؤقت حتى تراجع سعر الفائدة في مصر
مضيفاً: “العملاء كانوا متحفظين في استخدام التسهيلات قصيرة الأجل بسبب ارتفاع تكلفة الأموال خلال السنوات الأخيرة، لكن خفض الفائدة أخيراً عزز الإقراض”.
عوامل داعمة للطلب
من جانبه، قال مسؤول ائتمان في أحد البنوك الخليجية لـ”الشرق” إن مصرفه شهد زيادة في التسهيلات لتمويل الأعمال والاستيراد مع استقرار سعر الصرف وهدوء الأسعار، ما عزز قدرة الشركات على دراسة تكاليف الاستثمار. واتفق معه رئيس قطاع الخزانة في أحد البنوك الحكومية، بالقول إن البنوك تشهد نمواً في استخدام التسهيلات مقابل تراجع في الودائع والسيولة.
فيما يرى مسؤول مصرفي في أحد البنوك الخليجية، أن التضخم وارتفاع الأسعار قلّصا قدرة الأفراد والشركات على الادخار، ودفعاهم للبحث عن أدوات استثمار بديلة ذات عائد أعلى مثل البورصة والذهب.
المصدر : الشرق بلومبرج