
في خطوة تشريعية جديدة تهدف إلى إعادة التوازن في العلاقة بين المالك والمستأجر، كشف قانون الإيجار القديم عن آليات واضحة للإخلاء الإجباري للوحدة المؤجرة قبل انتهاء مدة العقد. وتأتي هذه الإجراءات استنادًا إلى المادة رقم (7) من القانون، التي وضعت ضوابط حاسمة تنظم هذه العلاقة بعد عقود من الجدل القانوني والاجتماعي، مع مراعاة عدم الإخلال بالأسباب الأخرى الواردة في القانون رقم 136 لسنة 1981.
حالتان واضحتان للإخلاء
نص القانون على أن هناك حالتين محددتين تجيزان للمالك أو المؤجر المطالبة بالإخلاء، وهما:
أولًا: ترك الوحدة مغلقة لأكثر من عام
أوضحت المادة أنه إذا ترك المستأجر الوحدة المؤجرة مغلقة لمدة تزيد على 12 شهرًا متصلة دون وجود مبرر قانوني مقبول، فإن ذلك يعد سببًا مباشرًا لإسقاط الحماية الإيجارية
وفي هذه الحالة، يحق للمالك المطالبة بإخلاء الوحدة، باعتبار أن عدم استخدامها يتعارض مع الغرض الأساسي من عقد الإيجار.
ثانيًا: امتلاك المستأجر وحدة بديلة صالحة للاستخدام
كذلك نصت المادة على أن امتلاك المستأجر أو من امتد إليه العقد لوحدة سكنية أو غير سكنية أخرى صالحة للاستخدام لنفس الغرض الذي استؤجرت من أجله الوحدة الحالية، يؤدي إلى سقوط الحماية الإيجارية تلقائيًا، ويمنح المالك الحق القانوني في طلب الإخلاء. ويأتي هذا النص لمواجهة حالات استغلال بعض المستأجرين للوحدات دون الحاجة الفعلية إليها، في وقت يعاني فيه الكثير من المواطنين من أزمة سكن حقيقية.
آلية الطرد السريع
وفي هذا السياق، منح القانون للمالك أو المؤجر الحق في اللجوء مباشرة إلى قاضي الأمور الوقتية بالمحكمة التي يقع العقار في دائرتها، لتقديم طلب إصدار أمر فوري بالطرد حال تحقق إحدى الحالتين. ويتميز هذا الإجراء بالسرعة والفاعلية، حيث يصدر القاضي قراره دون الدخول في إجراءات مطولة قد تستغرق شهورًا أو سنوات. ويؤكد القانون أن هذا الحق لا يتعارض مع حق المالك في المطالبة بالتعويض المادي عن أي خسائر لحقت به نتيجة استمرار شغل الوحدة بغير وجه حق.
حق المستأجر في الدفاع
ومن ناحية أخرى، لم يغفل القانون حماية حقوق المستأجر، حيث أبقى له الحق في رفع دعوى موضوعية أمام المحكمة المختصة إذا رأى أن أمر الطرد الصادر بحقه غير عادل أو افتقر للأسانيد القانونية الكافية. غير أن اللجوء إلى هذا المسار القضائي لا يوقف تنفيذ قرار الطرد الصادر من القاضي، إذ يظل نافذًا حتى صدور حكم نهائي. وهو ما يعكس حرص المشرّع على تحقيق التوازن بين سرعة إنصاف المالك وضمان حق المستأجر في الدفاع عن نفسه.
أهمية التشريع في معالجة أزمة السكن
ويُنظر إلى هذه التعديلات باعتبارها خطوة حاسمة نحو معالجة الخلل المزمن في العلاقة بين الملاك والمستأجرين. فمنذ سنوات طويلة، شكّل قانون الإيجار القديم محل جدل كبير بسبب ما يراه الملاك ظلمًا لحقوقهم المالية والعينية، في حين يتمسك المستأجرون بمكتسباتهم التي وفرتها النصوص السابقة. ومع تطورات الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، جاء هذا التعديل ليضع ضوابط أكثر صرامة، تضمن أن تكون الوحدات المؤجرة في حيازة من يحتاج إليها بالفعل، وليس مجرد حيازة شكلية أو احتفاظًا غير مبرر.
قراءة مستقبلية
ومن المتوقع أن تسهم هذه الآليات في إعادة ضخ المزيد من الوحدات المغلقة إلى سوق العقارات، بما يخفف الضغط على الطلب المتزايد ويحقق نوعًا من التوازن بين العرض والطلب. كما أن النص على امتلاك وحدة بديلة كسبب للإخلاء يهدف إلى محاربة ظاهرة الاحتكار السكني التي عانى منها المجتمع لفترات طويلة
المصدر : تحيا مصر